تواجه ايران اتهامات بأنها متورطة في تغذية الحرب  على المياه في أفغانستان في محاولة لعرقلة جهود الحكومة الافغانية في بناء السدود وشق قنوات الري خاصة مع تزايد منسوب العنف في ولاية فراه الحدودية مع ايران.

وقال وزير الدفاع الأفغاني، طارق شاه بهرامي، السبت، إن العنف المتصاعد في ولاية "فراه" له صلة بإدارة الموارد المائية في المنطقة.

وأضاف بهرامي، في تصريحات أدلى بها في فراه، "يمكنني القول بشكل دقيق، إن الحرب في فراه هي حرب لإدارة المياه"، بحسب وكالة "خاما برس" المحلية.

واتهم الوزير الأفغاني بلدان إقليمية بالسعي لزعزعة الاستقرار في أفغانستان من أجل تحقيق مصالحها الخاصة، دون أن يحدد من هي تلك البلدان. وتابع "الحرب في فراه هي بالتأكيد حرب على إدارة المياه".

وأوضح "نحن الآن في وضع تم الانتهاء فيه من العمل في سد سلمى وبدأ العمل في سد بخش أباد (في المنطقة الغربية من الولاية).

وأوضح أن "حوالي عشرين جماعة إرهابية تعيث فساداً في أفغانستان، وتحظى بدعم البلدان المجاورة".

وجاءت تصريحات "بهرامي"، خلال زيارته إلى ولاية فراه، برفقة قادة الأجهزة الأمنية الأفغانية والقائد العام للقوات الأميركية، في أفغانستان الجنرال جون نيكلسون وقادة قوة حلف شمال الأطلسي (ناتو) العاملة في البلاد.

واتهم الجنرال نيكلسون إيران بالوقوف مع حركة طالبان وراء هجوم ولاية فراه غربي البلاد، وذلك خلال اجتماع عقده في فراه مرفوقا بوزيري الدفاع والداخلية الأفغانيين وقائد المخابرات الأفغانية.

وسبق أن أشارت يوم الجمعة الماضي الناطقة باسم وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) دانا وايت إلى أنها لا تستبعد تورط طهران في الهجوم الكبير الذي نفذته حركة طالبان في فراه.

وأضافت "لا أعتقد أنه يمكننا استبعاد التدخل الكبير لإيران في المنطقة، إيران تظل العنصر الأكثر زعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، ولهذا لا يمكننا أن نستبعد تعمدهم للأذى".

وشهدت الولاية معارك طاحنة على مدى الأيام الماضية إثر اقتحام مسلحي حركة "طالبان" مركز المدينة يوم الثلاثاء الماضي.

والأربعاء، أعلنت وزارة الدفاع الأفغانية، استعادة السيطرة على مدينة "فراه" الحدودية من "طالبان"، لافتة في بيان أنها "طردت مسلحي الحركة، وقتلت 198 إرهابيًا من عناصرها، وأصابت المئات خلال اشتباكات جرت يومي الثلاثاء والأربعاء".

تزايد الضغوط

شدد مسلحون من حركة طالبان حصارهم على منطقة أخرى في أفغانستان الأحد فيما سعى مسؤولون لطمأنة الناس الذين يتزايد غضبهم أن الوضع الأمني سيتحسن.

وحاصر المسلحون الأحد مجمع الحاكم المحلي في منطقة أجريستان في إقليم غزنة جنوبي العاصمة كابول فيما قال مسؤولون إن تعزيزات لقوات الحكومة وصلت لتحل محل الشرطة في الدفاع عن المدينة.

ويأتي القتال في غزنة التي تشهد منذ فترة طويلة وجودا مكثفا لطالبان بعد عدة أيام من القتال في إقليم فراه في الجانب الآخر من البلاد على الحدود مع إيران حيث اقترب المسلحون من اجتياح عاصمة الإقليم.

وزار الجنرال جون نيكلسون قائد القوات الأمريكية في أفغانستان فراه أمس السبت بصحبة وزيري الداخلية والدفاع ورئيس جهاز المخابرات الأفغاني.

وقال "فراه لم تسقط وفراه لن تسقط أبدا" وحث طالبان على قبول عرض الرئيس أشرف عبد الغني لعقد محادثات سلام. وأضاف "سنبقى معكم إلى أن تنتهي هذه الحرب نهاية سلمية".

والتقى نيكلسون بمسؤولين محليين في مجمع الحاكم وسمع شكاوى من فشل الحكومة في حماية المدينة والإقليم الذي تسيطر فيه طالبان على الكثير من المناطق.

ووصلت تعزيزات بسرعة من أقاليم أخرى وشنت القوات الجوية الأفغانية والأميركية ضربات متكررة أجبرت المسلحين على التقهقر عن وسط المدينة لكن المتاجر ظلت مغلقة والشوارع خاوية.

العقوبات الأميركية

ينذر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض عقوبات على طهران بعرقلة مشروع من شأنه أن يساهم في بناء اقتصاد أفغانستان، مما يشكل خطرا على هدف رئيسي في الاستراتيجية الأمريكية الرامية لإنهاء أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.

يجري تطوير مشروع ميناء تشابهار المدعوم من الهند في إيران في إطار ممر جديد للنقل لأفغانستان التي لا توجد لها منافذ بحرية، حيث يمكن أن يفتح لها المجال أمام تجارة بملايين الدولارات ويقلص اعتمادها على جارتها باكستان التي تتخذ منها موقفا عدائيا في بعض الأحيان.

وسيخفض بناء اقتصاد أفغانستان أيضا اعتماد كابول على المساعدات الأجنبية، ويحد كثيرا من تجارتها غير المشروعة في الأفيون، المصدر الرئيسي لإيرادات حركة طالبان.

لكن قرار ترامب بإعادة فرض عقوبات على إيران ومعاقبة المؤسسات المالية التي تجري معاملات مع طهران يلقي بظلال من الضبابية على استمرارية مشروع تشابهار، مع إحجام البنوك عن التمويل خشية وقوعها تحت طائلة عقوبات قاسية.

وقال دبلوماسي هندي كبير "أعادنا قرار الرئيس ترامب إلى نقطة البداية، وعلينا أن نعيد التفاوض حول شروط استخدام تشابهار.

فطنة أمنية

"إنه مسار ربما يغير طريقة ممارسة الهند وإيران وأفغانستان لأنشطة الأعمال، لكن حالة من الغموض تكتنف كل شيء الآن". ولم يستجب البيت الأبيض لطلبات للإدلاء بتعليق.

كان مشروع تشابهار المشترك بين إيران والهند وأفغانستان، الذي جرى تدشينه في 2016، يواجه عقبات بالفعل. فهو لم يشهد حتى الآن حركة كبيرة باستثناء بعض حاويات قمح المساعدات من الهند، ومن المستبعد أن تصل أولى شحنات الفواكه الأفغانية المجففة إلى الهند قبل يوليو/تموز.

وقال مصدر مطلع إن ثلاثة عقود على الأقل لتشييد البنية التحتية بالميناء قد تأخرت، حيث تعطلت شركتان صينيتان ومجموعة فنلندية بعد أن تُركت معلقة في ظل سعي البنوك لاستيضاح الأمر من واشنطن قبل الموافقة على ضمانات.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التجار الأفغان الذين كانوا يأملون في بديل لميناء كراتشي الباكستاني يجدون أنفسهم الآن معزولين عن التمويل، وهو ما اضطرهم للاعتماد على نظام الحوالة التقليدي في تحويل الأموال والذي لا يعد كافيا وحده لإحداث تحول في الاقتصاد. والحوالة نظام يعتمد على الثقة يشيع استخدامه في أفغانستان ويتضمن انتقال الأموال من طرف لآخر في بلدين مختلفين.

وقال مسؤول تنفيذي كبير في أحد البنوك الأفغانية الكبرى "نعلم أن بنوك المراسلة التي نتعامل معها لن تسمح لنا بدفع ثمن الواردات التي تأتي من خلال الميناء".

وتشابهار أحد مشروعات النقل ومشروعات شبكات الطاقة التي تهدف لتعزيز تجارة أفغانستان وإرساء أسس قطاع تعدين يمكنه الاستفادة من احتياطياتها المعدنية غير المستغلة التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

وبتفادي الحدود مع باكستان، التي أُغلقت العام الماضي لنحو 50 يوما بسبب خلافات، يعتبر تشابهار وسيلة تدعم من خلالها أفغانستان علاقاتها مع الهند وقوى إقليمية أخرى.

وقال بارنيت روبن الخبير في مركز التعاون الدولي التابع لجامعة نيويورك والمستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية والأمم المتحدة "الوسيلة الوحيدة لتعزيز مشاركة الهند" في تنمية اقتصاد أفغانستان ستكون "من خلال تشابهار". وتابع "سياستنا حيال إيران تتجه إلى التصادم مع سياستنا في أفغانستان".