قبل أن نتهم (صحافة المواطن) أو ما يطلق عليها بصحافة الشارع، كونها تسعى إلى شرعنة الإشاعة وتهديد السلم الاجتماعي، على ضوء ما يجري الآن من تعبئة شاملة وناجحة حول الاستمرار في مقاطعة منتوجات محددة، احتجاجا على سياسة الاحتكار والاحتقار التي طالما اكتوى ويكتوي بها المواطن المغربي البسيط... قبل ذلك ينبغي ابتداء أن نقف باعتدال أمام الدور المجتمعي الذي يقوم به الإعلام الرسمي أو المهني بين مزدوجتين، وهل هذا الإعلام التقليدي يسعى إلى الاقتراب أكثر من نبض الشارع المغربي أم إنه يكتفي فقط بالحضور إلى الندوات والحفلات الرسمية وتغطيتها من داخل القاعات المكيفة وفنادق الخمس نجوم.

صحافة المواطن وقبل أن نضعها في قفص الاتهام، يجب أن نعلم جميعا بأنها صرخة مجتمعية مدوية انبثقت من وسط شعبي يغلي من فرط البؤس والإهمال...صحافة المواطن هي نتاج للأزمة الراهنة، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وفي الوقت الذي بدأت صحافة المواطن في دول تحترم نفسها، تأخذ حصتها من الدراسات والأبحاث في البلدان المتقدمة على المستوى الإعلامي، في الوقت ذاته انطلقت أقلام وأصوات توجه مدفعية اتهامها صوب الحائط المغربي القصير في نظرهم، كون هذا الأخير يسهم في تأجيج الأزمات الاجتماعية وزرع فتيل الاحتقان داخل الأوساط المجتمعية خدمة لأجندات سياسية لا علاقة لها بالمطالب الاجتماعية القائمة، كما حدث تحديدا في ندوة دراسية احتضنتها كلية الآداب والعلوم الانسانية بأكادير، دون أن يدرك المحاضرون في ذات الندوة كون الصحافة الشعبية هي فعل وسلوك طبيعي إزاء تعاطي إعلامي تقليدي يكيل بمكيالين ويتبنى سياسة المعايير المزدوجة طلبا في دعم إشهاري سخي هنا وهناك... صحافة الشعب ليست تمردا أو تطفلا على قوى الإعلام التقليدي، بل هي وببساطة شديدة سلوك مجتمعي يبحث عن الحرية ويكره القيود. فإذا كانت فلسفة الإعلام بشكل عام هي نشر الوعي، وتنوير المتلقي بالمعرفة والمساهمة في إحداث التغيير الإيجابي ومناقشة الإشكالات واستخلاص الحلول...فلماذا إذن هذا الاستهداف الملغوم إزاء سلوك شعبي حضاري.



يوسف الإدريسي