سياقات وظروف صدور القانون 89.15:

السياق الخارجي:

يمكننا حصر السياق الخارجي في أحداث "الربيع العربي" التي انطلقت من تونس بسبب الشرطية التي صفعت الشاب "البوعزيزي" يوم الجمعة 17 ديسمبر سنة 2010، والذي قام بإضرام النار في جسده أمام مقر ولاية سيدي بوزيد، تنديدا برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق الشرطية "فادية حمدي" التي صفعته أمام الملأ وقالت له: "Dégage" (ارحل)؛ فأصبحت هذه الكلمة شعار الثورة، وكذلك شعار الثورات العربية المتلاحقة، إذ زحف الربيع العربي إلى مصر التي لعب فيها الشباب دورا رئيسيا عبر تحريك الجماهير نحو الفضاءات العمومية باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي. الدور نفسه سيلعبه الشباب في سوريا وليبيا واليمن والبحرين والسعودية وغيرها من دول الخليج.

السياق الداخلي:

في زمن عولمة المعلومة والتواصل تفاعل الشباب المغربي مع أحداث "الربيع العربي"، وهو ما عبرت عنه "حركة 20 فبراير" الشبابية، التي استعملت مواقع التواصل الاجتماعي للتعبئة والتعبير عن مواقفها من الأحداث الدولية المتسارعة في العالم العربي، وبالخصوص الانهيار السريع لبعض الأنظمة السياسية المجاورة؛ ذلك أن المتابعة اليومية للأخبار، وبالخصوص عبر "قناة الجزيرة" التي واكبت أحداث الربيع العربي ساعة بساعة عبر النقل المباشر، جعلت الشباب المغربي يتحمس للفكرة، عبر رفع شعار "محاربة الفساد والاستبداد".

قانون تحت الضغط:

تحت ضغط الظروف الخارجية والداخلية استجاب النظام السياسي المغربي لمطالب حركة 20 فبراير في الخطاب التاريخي للتاسع من مارس سنة 2011.

ومن مخرجات هذا الحراك الاجتماعي دستور 2011 الذي يعد المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي من مخرجاته كذلك، باعتباره مؤسسة دستورية وهيئــة من "هيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية"، فحسب الفصل 170 من الدستور:

"يعتبر المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، المحدث بموجب الفصل 33 من هذا الدستور، هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية؛ وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين، وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية، بروح المواطنة المسؤولة".

ولتنزيل وتفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي نص المشرع الدستوري في الفصل 171 على أنه "يحدد بقوانين تأليف وصلاحيات وتنظيم وقواعد سير المؤسسات والهيئات المنصوص عليها في الفصول 161 إلى 170 أعلاه من هذا الدستور...".

وبناء عليه يعد القانون رقم 89.15 الذي وافق عليه مجلس النواب بتاريخ 13 دجنبر 2017 التنزيل الفعلي للمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وجعل قضايا الشباب في صلب اهتمامات السياسات العمومية للدولة، فإلى أي حد يعد هذا القانون وفيا لظروف وسياقات صدوره، ومستجيبا بالفعل لطموحات ومطالب الشباب المغربي الذي عبرت عنها حركة 20 فبراير؟.

 

عبد الرحمان شحشي*


 

يتبع /2 . مناقشة في الشكل والمضمون.

*أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بكلية الحقوق – جامعة الحسن الأول بسطات