اسمحوا لي، السيد الرئيس، أن أخاطبكم دون التقيد بأي نوع من الشكليات ولا اللجوء إلى أي صنف من المقدمات، لأعبر لكم، من جهة، عما أشعر به، كمواطن مغربي، من استغراب كبير وخيبة أمل عميقة من إقحام نفسكم في ملف، يعود الحسم فيه إلى الجهات الرياضية المختصة وهيئاتها المخولة قانونا بذلك؛ ومن جهة أخرى، لأبلغكم إلى أي حد سقطتم في عيناي، وبدون شك، في أعين جميع المغاربة، بسبب تهديداتكم الصريحة والمباشرة ضد بلدي المغرب وضد البلدان المساندة لملف ترشيحه من أجل تنظيم كأس العالم 2026؛ خاصة وأنكم ترأسون الدولة الأقوى، عالميا، ليس فقط عسكريا واقتصاديا؛ وإنما أيضا سياسيا بفعل حق الفيتو الذي تتمتع به بلادكم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

السيد الرئيس، أن تساندوا ترشيح بلدكم، هذا شيء لن يناقشكم فيه أحد؛ وإن كان في الأمر ما فيه، إذا ما احتكمنا إلى قوانين "الفيفا"FIFA التي تمنع تدخل السياسة في الرياضة. لكن، أن تهددوا البد المنافس والبلدان التي تدعمه، لهو أمر غير مقبول أخلاقيا ورياضيا وسياسيا وحقوقيا وقانونيا؛ ذلك أن موقفكم هذا لا يمكن تسميته إلا بالابتزاز. وقد بينتم بالواضح أنكم تجعلون من هذه الممارسة المشينة وسيلة للمساومة والردع والضغط من أجل أن يستحوذ بلدكم، غصبا، على حق تنظيم كأس العالم 20126.

إن لجوءكم، السيد الرئيس، إلى الابتزاز في ملف، يفترض فيه أن يحسم بتصويت ديمقراطي، لا يشرفكم أبدا كرئيس دولة تزعم أنها ديمقراطية وتتزعم ما يسمى بالعالم الحر.

أفلا تعتبر تهديداتكم ضد المنافس الوحيد لبلدكم في هذا الملف الرياضي وضد البلدان التي عبرت عن رغبتها في التصويت لصالحه، تدخلا غير مقبول في الشؤون الداخلية لهذه البلدان؟ أوليس في هذا الأمر مساس صريح وواضح بسيادتها واستقلاليتها وكرامتها؟

ثم، ألا تشكل تهديداتكم، السيد الرئيس، للمغرب ولمسانديه، خرقا سافرا لميثاق الأخلاقيات الخاص بمنظمة "الفيفا"؟ أليس هذا تدخل للسياسة في الرياضة؟ ألا تنبع تهديداتكم من الرغبة في استغلال وضعكم كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية ووضع بلدكم في الأمم

المتحدة من أجل ممارسة الضغط (بهدف الردع) على "الفيفا" وعلى البلدان المساندة لترشيح المغرب؟

السيد الرئيس، لقد قدمتم، من خلال تهديداتكم، الدليل على بعدكم عن الروح الرياضية وعن الأخلاق السياسية وعن الاحترام الواجب لميثاق أخلاقيات"الفيفا" (رغم أن نزاهة هذه الأخيرة مشكوك فيها؛ خاصة وأن رئيسها، حسب ما هو متداول، قد سبق ووعد الأمريكيين بتنظيم كأس العالم 2026)؛ ثم إنكم قد أسأتم غاية الإساءة لبلادي التي تنافس الترشيح الثلاثي الأطراف (الولايات المتحدة والمكسيك وكندا). وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الملف المغربي يقلقكم كثيرا؛ بل ويثير مخاوفكم، أنتم الذي ليس لكم إلا هدف واحد؛ هو أن تكونوا قائد الجوقة المنتصرة لأمريكا قوية حتى وإن تطلب الأمر الإخلال بكل المبادئ الديمقراطية وكل القواعد الأخلاقية.

السيد الرئيس، كيفما كانت نهاية ملف ترشيح المغرب، فإني، كمواطن مغربي، لن يزيدني تدخلكم في السباق نحو تنظيم كأس العالم 2026، إلا فخرا واعتزازا بمواطنتي ومغربيتي؛ ذلك أن هذا التدخل يعطي الدليل الملموس على أن ملف المغرب يقلق ويخيف الدولة الأقوى في العالم. وفي رأيي المتواضع، فإن هذا الأمر لا يشرفكم لا أنتم ولا بلدكم؛ خاصة وأن تهديداتكم تتناقض تماما مع مبادئ ما يسمى بالعالم الحر الذي يزعم بلدكم أنه رائده وقائده.

وفيما يخصنا، نحن المغاربة، فإنه يمكن أن نعتبر من الآن أننا ربحنا الرهان، ولو فقط من خلال نجاح ملف ترشيحنا في أن يدفعكم، كرئيس دولة عظمى، إلى دخول غمار سباق كنا نعتقد أن الحسم فيه تحكمه الروح الرياضية والثقة في نزاهة الهيئات المختصة.

فسواء حصل التصويت في "الفيفا" أم لم يحصل، فإننا سنكون قد أظهرنا للعالم أجمع، بترشيحنا ومنافسة ثلاثة دول أمريكية، أن ملفنا كان قويا إلى درجة أنه أثار مخاوفكم بأن يتفوق على الترشيح المشترك للولايات المتحدة والمكسيك وكندا. وهذا يكفينا، من جهة، لقياس مدى قوة ملفنا والحكم على مصداقيته ومصداقية بلادنا؛ ومن جهة أخرى، الحكم على موقفكم الذي تفوح منه رائحة الشوفينية المقيتة والتعالي البغيض المقرون بالانحطاط في التفكير والتقدير.

وليس في كل ما سبق، سيدي، ما يشرفكم أو يليق بكم كرئيس لأقوى دولة في العالم. وبه الإعلام والسلام.

محمد إنفي، مكناس (المغرب) في 29 أبريل 2018.

ملحوظة: هذه الرسالة كتبت، في الأصل، باللغة الفرنسية. وقد قمت بترجمتها إلى اللغة العربية بطلب من أحد المواقع وبإيعاز من أخرى التي أبلغتني اعتذارها عن عدم النشر لكون اللغة الفرنسية غير معتمدة في خطها.



محمد إنفي