بينما كانت وسائل الإعلام المحترمة في العالم تنقل عن صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية المعلومات عن رسائل مسربة، كشفت أن قطر دفعت مبالغ طائلة بمئات ملايين الدولارات لإرهابيين في العراق، لأجل إطلاق عدد من مواطنيها وأفراد من الأسرة الحاكمة، اختُطفوا في العراق العام 2015، كانت الآلة الإعلامية القطرية تمارس التّشفي وتحاول شغل الناس بمعلومات وتقارير وصور ومشاهد من كارثة السيول التي ضربت مصر أخيراً، وأدت إلى خسائر مادية، وتعطل لبعض الطرق وازدحام للمرور وسقوط لوحات معدنية وأعمدة كهرباء وبعض أسوار، وتهدّم أسقف مجمعات تجارية وتراكم المياه في شوارع وميادين.

وحين كان الناس يطالعون تفاصيل عن وصول أموال الشعب القطري إلى إرهابيين يمارسون القتل والتدمير والحرق والخراب ضد العرب في أنحاء شتى، ويستغربون ما جاء في رسالة بعث بها السفير القطري في العراق زايد بن سعيد الخيارين، اعتبر فيها إن «الدوحة تعرضت للسرقة» بعدما تذمّر من سعي الميليشيات المتطرقة إلى السطو على قطر، حين دخلت الدوحة في مفاوضات سرية لأجل تحرير مواطنيها الـ25، فكتب نصاً: «كلهم لصوص، السوريون و «حزب الله» اللبناني وكتائب «حزب الله» العراقي. كلهم يريدون المال وهذه فرصتهم»، كانت لجان إلكترونية إخوانية وقنوات تبث من الدوحة وإسطنبول ولندن تروج لمقاطع مصورة عن تداعيات تدفق السيول في بعض الأحياء المصرية، وتراكم المياه في شوارع منطقة التجمع الخامس، وتكرر مشاهد مواطنين احتجوا على تباطؤ جهود الإنقاذ وتصريف المياه أو إغاثة من تقطعت بهم السبل وعجزوا عن العودة إلى منازلهم.

لم تجرؤ وسيلة إعلام محسوبة على الإخوان، من بين تلك التي تطل من خلالها وجوه فرت من مصر بعد ثورة الشعب المصري على حكم الإخوان ولجأت إلى الكفيل القطري، أن تناقش ما نشرته «واشنطن بوست» أو تحلل المعلومات الواردة في التقرير الخطير الذي كشف ما كان يجري خلف ستار، عندما وافقت الدوحة على دفع 275 مليون دولار على الأقل مقابل إطلاق 9 أفراد من الأسرة الحاكمة و16 مواطناً آخرين تعرضوا للاختطاف أثناء رحلة صيد في العراق. لكن تلك الوجوه اجتهدت في مناقشة تفاصيل الإنفاق على البنية التحتية في مصر، وتساءلوا عن الأموال التي أُهدرت على الخدمات وأعمال الرصف وتصريف مياه الأمطار.

أسهب تقرير الصحيفة الأميركية في الحديث عن تفاصيل أرقام تتعلق بالصفقة، وذكر أنها كانت تقوم على دفع 150 مليون دولار نقداً للأشخاص والجماعات الذين لعبوا أدوار الوساطة لتحرير الرهائن، وهم إرهابيون وضعتهم الولايات المتحدة من مدة طويلة في خانة الإرهاب، لكن الإعلام القطري المدعوم إخوانياً، مشغول بالحديث عن شارع التسعين في منطقة التجمع الخامس شرق القاهرة، والأموال التي أُنفقت لتمهيده وأسعار الفيلات والشقق على جانبيه، وأعداد السيارات التي تمر منه كل ساعة وتقديرات الخسائر التي تعرض لها المواطنون جراء تحول أجزاء من الشارع إلى برك تجمعت فيها المياه!!

ذكرت «واشنطن بوست» أن دفع الأموال القطرية للإرهابيين «لم يكن سوى جزء من صفقة أكبر شملت حكومات العراق وإيران وتركيا، فضلاً عن ميليشيات «حزب الله» اللبناني وفصيلين اثنين من المعارضة السورية، بما في ذلك جبهة النصرة»! لكن معلومات كتلك جرى تغييبها في إعلام ظل على مدى سنوات يحرض الشعوب العربية ضد بعضها البعض، ويسعى إلى هدم المجتمعات العربية على من فيها، ويبرر للإرهابيين جرائمهم ويضع مناخاً يساعد الإرهاب على التفشي واصطياد حتى الكوارث الطبيعية، ليروج بين الناس أكاذيب وفبركات وادعاءات تصب في النهاية في اتجاه إبقاء المجتمعات العربية ساحة ملتهبة.

المدهش أن الآلة الإلكترونية الإخوانية المدعومة قطرياً عرضت وقائع السيول في مصر تحت عنوان «أين ذهبت أموال المصريين؟» حين كانت تمارس الشماتة في كارثة طبيعية تقع في مصر وغيرها من دول العالم، وتخلف خسائر مادية بل ضحايا من البشر، بينما كانت «واشنطن بوست» تفضح الصفقة القطرية مع الإرهابيين وتكشف أن دخول أطراف أخرى على الخط «رفع المبلغ المطلوب لإطلاق الرهائن»!! عموماً اعتادت الشعوب العربية، خصوصاً في الدول التي تعارض دعم قطر للإرهاب: مصر والسعودية والإمارات والبحرين على موسم للشماتة يمارسه الإخوان وكل الجهات التي تدعمهم، وعلى رأسها الدوحة، كلما وقع حادث أو عملية إرهابية أو كارثة طبيعية، بينما العالم كان مهتماً أكثر بمتابعة أسرار العلاقة بين قطر والإرهاب، أو قل فضائح تورط الدوحة في دعم الإرهابيين.


محمد صلاح