بنظرة واقعية وموضوعية نرى أن اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة بصورة خاصة، يشكل أكبر قوة ضغط وتأثير على السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية والشرق الأوسط عامة، ليس في عهد الرئيس ترامب فقط، ولكن في كل العهود الأميركية على اختلاف الرؤساء وخلفياتهم الحزبية.

واليهود من ناحية العدد هم بقدر سكان القاهرة وحدها تقريبا، ومن ناحية الأموال، فإننا كدول عربية نمتلك ثروات هائلة من النفط والغاز والأموال، تفوق من حيث العدد ما يملكه اليهود عموما. والدول العربية هي مركز ومصدر كل الحضارات والأديان في العالم وفي المقدمة تجيء فلسطين والسعودية، كما أن تاريخ مصر والعراق وبلاد الشام يزخر بالأحداث والتطورات التي تركت آثارا في كل أنحاء العالم على المستويات الحضارية والإنسانية والتاريخية، ولكنها اليوم كما نعرف جميعا تغرق بالانقسامات والحروب الداخلية والتشرذم بعيدا عن وحدة المواقف والدور.

يوم الأحد الماضي التقت في واشنطن مجموعة من المنظمات الأميركية الفلسطينية وعدد من الناشطين الذين يمثلون الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة، وذلك لوضع اللمسات الأخيرة على تأسيس منظمة أميركية فلسطينية وجبهة فلسطينية متحدة وتمثل الاتجاهات السياسية كافة وذلك من أجل خدمة ثلاثة أهداف، كما يقول د. حنا حنانيا رئيس نادي رام الله في الولايات المتحدة وهي: تشكيل لوبي لخدمة مصالح المجتمع الفلسطيني يدافع عن القضية والحرية وتعزيز المصير، وكذلك العمل السياسي مع المرشحين السياسيين في القضايا المتعلقة بفلسطين وشعبها عموما، وأخيرا العمل على تحسين حياة الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم.

هذا اللوبي المقترح هو خطوة تستحق كل الاحترام والتشجيع والدعم رغم أنها تأخرت كثيرا، ونأمل أن تسير خطوات التأسيس حتى النهاية بدون أية عرقلات أو إعاقات، وأن يتحول الأمل والطموح إلى واقع ملموس يتمكن من مواجهة كل التحديات، وأن يحقق الدعم والتفهم الأميركي لقضيتنا والتوقف عن هذا الانحياز الأعمى وهذا الاستهتار بنا وبكل قضايانا.

وخطوة كبيرة كهذه تستدعي دعما عربيا شاملا من النواحي المادية والقدرة على التأثير في مواقع ومراكز القرار، وكذلك الرأي العام الأميركي، وان يترسخ وجودها في أميركا أولا على أمل التوسع لاحقا إلى عدد من الدول الأوروبية.

كل التحية والتقدير للقائمين على هذا التحرك، وكل الأماني بأن يتحقق ما يسعون إليه وان نرتقي إلى مستوى التحديات في هذا المجال على الأقل، وان نواجه قوى الضغط اليهودية المختلفة ويتقلص الانحياز الأعمى الأميركي لإسرائيل على الأقل.