منذ فتح باب الترشُّـح للإنتخابات الرئاسية في مصر في العاشر من مارس الجاري، بدأ الحديث عن "مواصفات الرئيس القادم"، ينتشر في كل مكان ويستهوي كل الأوساط.. الحوارات والنقاشات حول هذا الموضوع مل الجامعات والنوادي والمقاهي والمدارس والمصالح والمؤسسات الحكومية، وانتشر في الريف والحضر، بين الشباب والشيوخ، الرجال والنساء، المسلمين وغير المسلمين، في المساجد والكنائس وبين شباب الثورة وفي أوساط "الفلول" أيضا في محاولة لرصد أمنيات المصريين ورؤاهم في الرئيس القادم والشروط والمواصفات التي يعتقدون بأهمية وضرورة توافرها فيمن يرشح نفسه لرئاسة البلد الأكبر في العالم العربي، والأهم من الناحية الإستراتيجية في الشرق الأوسط، استطلعت آراء عدد من المواطنين المصريين يمثلون نماذج من قطاعات وشرائح متعدِّدة، تمثل غالبية المستويات العُـمرية والمهنية والفكرية في البلاد.

العدل.. العدل.. العدل 

في البداية، يلخص باسل المفتي (61 سنة - مهندس)، المواصفات التي يتمنى توافرها في الرئيس القادم لمصر في كلمة واحدة وشرط واحد هو "العدل"، ويكرِّره "العدل.. العدل.. العدل"، معتبرا أن الشروط المطلوبة، "أولها العدل وآخرها العدل" من جهته، يُشير مؤنس زهيري (57 سنة - صحفي بجريدة أخبار اليوم) إلى أهمية أن يكون "رئيسا مدنيا بمرجعية إسلامية، له من سِـن الشباب نصيب ومن حِكمة الشيوخ مبلغ، يؤمن بقدرات الشعب المصري وحضارته، فلا يطمس هويته، يعطي الشباب حقهم في القيادة، ويهتم بالبحث العلمي، متوازن في أحكامه"، معتبرا أن أهم ما يجب عليه، أن "يقرأ التاريخ" ليعرف مَـنْ سيحكم.

اختراع 100 نظريه.. أسهل من تطبيق نظرية واحدة!

أما حازم الهواري (52 سنة - عامل إنتاج في المصانع الحربية ومثقف)، فيقول: "أتمنى أن يكون قد عمل في المجالات التنفيذية، لأنه ليس هناك أسهل من الكلام، وأن تكون أعصابه في ثلاجة، حتى لا يُـستفَـز من أية جهة، خارجية أو داخلية"، مضيفًا: وأقول له ما قاله الروائي والفيلسوف الروسي ليو تولستوي: "إن اختراع مائة نظريه، أسهل من تطبيق نظرية واحدة" ويرى الدكتور أحمد عبد الله (46 سنة - خبير نفسي ومحاضر في الطب النفسي بجامعة الزقازيق) أن "أهم مواصفات الرئيس القادم لمصر، أن يفهم دوره في هذه المهمة الجوهرية، أي إفساح المجال لتجلّي الإرادة الشعبية وتنظيم صفوفها، لأن هذا هو شرط استكمال تحقيق أهداف الثورة"، ويضيف "وأنصحه أن يصارح الناس بالحقائق، وبدورهم المنتظر والمتوقّـع منهم، وأن يفسح لهم المجال، ليساهموا ويحتشدوا ويساندوا ويعملوا، بالقانون، وكل سلطاته المتاحة" ومن جهته، يرى باسيلي سمير شاكر (45 سنة - سائق)، أن الرئيس القادم "لابد أن يكون ابن بلد، مُتعايش وسط الناس التَّـعبانة، ينزل يشوفهم على الطبيعة، علشان يحس بيهم، وأن لا يكون عازلا نفسه عنهم، وماشي وسط الحِراسة، والناس ما تعرفش توصل له ولا تشيِّـله همومها" ويوضح الدكتور عمرو عبد الكريم (44 عاما - باحث سياسي بالمركز العالمي للوسطية)، أن "الرئيس القادم يجب أن يكون: رجل دولة، قادر على العبور بمصرنا من عُـنق الزجاجة، ويحمل مشروعا حقيقيا للنهضة" أما (ياسر خليل - 39 سنة - صحفي – ليبرالي) فيتمنى أن يكون الرئيس القادم لمصر "قويا أمينا متَّـزنا، يحترم الحقوق والحريات الشخصية والدِّينية، يسعي لجعل العِـلم قاطرة التقدّم والرُقي، وأن يسعى لوضع مصر في مصاف الدول المتقدِّمة، وأن يكون لديه برنامج واضح وآليات محددة، وأن لا يكون مرتبطا بعهدٍ أو شخصٍ معيَّـن" ويقول (سيد خضر - 38 سنة - محاسب قانوني): "نسأل الله أن يرزقنا حاكما تقيًا، كأبي بكر الصديق، عادلاً كعُمر الفاروق، داهيةً كعمرو ابن العاص، عالما كعلي ابن أبي طالب، أمينا كأبي عبيدة ابن الجراح، شجاعًا كخالد بن الوليد، حييا كعثمان بن عفان، يضربُ على يد الظالم وينصر المظلوم".

".. إسلاميا معتدلا.." 

يتمنى عبد الله محمد صادق (31 سنة - محاسب بالبريد) أن يكون الرئيس القادم لمصر "إسلاميا معتدلاً، يحقق العدالة الاجتماعية وتوزيع الأجور بما يتناسب مع حجْـم العمل، مُلما بجميع الاتفاقيات الدولية المُبرمة من قِـبل النظام السابق وطرق تعديلها، بما لا يضر الطرف المصري، وبما يحقق آمال وطموحات الشعب، لديه خطط اقتصادية جاهزة وسريعة، لانتشال ما تبقى من الاقتصاد ووضعه على الطريق الصحيح"، مختتما بقوله "لو لقيت في أحد المرشحين هذه المواصفات، يا ليت تقولي عليه" أما عبد الرحمن فتحي (27 سنة - باحث)، فيقول: "من البديهي أن الرئيس القادم لمصر، يعلم جيدا أن الشعب بات متيقظًا وأنه ما لم يُقَدِّم النموذج الأمثل والمقنع، فلن يطول بقاؤه على رأس السلطة، إلا أنني أتمنى أن تعلو قيمة الرقابة الذاتية والتجرد لدى رئيس البلاد القادم، فضلاً عن توافر الصفات المؤهلة واللازمة للعبور بالبلاد، وتجاوز المرحلة الصعبة".

".. الرئيس الإنسان.." 

ويضيف فتحي: "نتمنى أن نرى في بلادنا، نموذج الرئيس الإنسان، الذي يبرز كمثال في شخصية رجب طيب أردوغان (رئيس الوزراء التركي) - مع الاعتبار للفارق بين الظروف - وأن نشهد اعتزازه وفخره بمصر، في المحافل الدولية والعلاقات الخارجية"، مختتما بقوله: "في النهاية، أتمنى أن لا يتجاوز عمره 50 عاما" ويشدِّد مصطفى جلال (25 سنة – طبيب) على أن "المهمة شاقة جدا، وأتمنى أن يكون صبورا جدا، ذا خُـلق ودين، رحيما بالناس، ولا يهمني دينه بقدر ما يهمني خُـلقه وأسلوب معاملته مع الناس"، مؤكدا أهمية أن "يتذكر أن العدل أساس الملك وأن الله حرّم على نفسه الظلم وحرّمه بين الناس" رغم صغر سنه، كان أنس الكفراوي (13 سنة – طالب بالصف الثاني الإعدادي) واضحا بل بليغا حيث قال: "أتمنى أن يكون عادلاً وصادقاً في أقواله وأفعاله، وأن يحافظ على ثقة شعبه به، وأن لا يكون من الفلول السابقين وأن يوفر فرص عمل للشباب العاطلين والمحتاجين، وأن يحبّ شعبه بقدر حبِّه لنفسه، وأن يناصر الحق لا الباطل، لكي يكبر في نظر شعبه فيُـحبُّه، وأن يحب مصر كما يحبها الشعب، وأن لا يكون حبه لمصر لأغراض غير مشروعة" ويضيف أنس: "وأن لا يزيد سنه عن 40 – 45 عاما، حتى يكون متفاهم مع شعبه وأن يحافظ على عمله كرئيس للجمهورية مسؤول عنها، وليس لأهداف شخصية غير قانونية، وأن يساهم في اختبار حكومة قادِرة على حلّ مشاكل الشعب"، مختتما بقوله "هذه الصفات أقولها من قلبي، وليس بلساني، حتى نحافظ على بلدنا الحبيبة مصر" في المقابل، تحصر أميرة أمين (صاحبة محل حلاقة) المواصفات التي تتمناها في الرئيس القادم لمصر، في عبارة واحدة "أن يكون رجلاً اقتصاديًا، يهتم بالمشروعات الصغيرة ويرعى القطاع الخاص".

"..سياسيا بارعا.." 

وفي محاولة لرصد مشاعر بعض المصريين المقيمين بالخارج، يتمنى محمد حسين (46 سنة - موظف - مقيم في إيطاليا)، أن يكون الرئيس القادم لمصر "مدنيا، يحترم حقوق الناس وثقافتهم وحرياتهم، وأن لا يزيد عمره عن 60 سنة، ذا تاريخ سياسي مشرف، قادرا على إنجاز عملية التطهير، وقيادة عملية البناء" ويقول الدكتور وصفي عاشور أبو زيد (37 سنة – مقيم بالكويت): "ما أرجوه في الرئيس القادم لمصر، أن يكون تقيا ورعا يخشى الله تعالى، وأن يكون قويا حازما حكيما، وأن يكون سياسيا بارعا.. أي أن يكون "قويا في مجال الحُكم، أمينا على رعِـيته ومسؤوليته، التي كُلِّـفَ بها" أما اللواء دكتور يوسف وصال ( خبير أمني واستراتيجي)، فيقول: "أتمنى أن يكون الرئيس القادم لمصر: "حقا، من المصريين معبرا عنهم، يعمل لصالحهم بحق".

".. لن نسمح بتقزيم مصر مرة ثانية.."

بدورها، تعتبر نجلاء محفوظ (كاتبة رئيس القسم الأدبي المناوب بجريدة الأهرام)، أن أهم المواصفات الواجب توافرها فيه، أن "يتذكّر أن عصر الفراعنة قد انتهى وأنه لن يمسك كل مقادير البلاد بيده، وأنه موظف لدى الشعب وأن يحترم الدّين ولا يفكر في أي تصرّف يخالفه، وأن يتعاون مع رئيس الوزراء في نظام مختلط وأن يعود للشعب في الأمور المصيرية ولا ينفرد بها" وتضيف نجلاء محفوظ: وعليه "أن يحسن علاقتنا بكل من تركيا وإيران، ويقوم بتنويع مصادر السلاح، لتحجيم النفوذ الأمريكي بمصر، وأن يعمل على استرداد السيادة الوطنية على كافة أراضيها، ويهتم بتنمية سيناء ويتعامل بجدية مع الملف الاقتصادي. فمصر ليست دولة فقيرة، وإنما غنية بمواردها، وأن لا يتعامل مع العدد الكبير للمصريين، وكأنه عبء، فهو ميزة إن تم استغلالها، وأن يعرف أننا لن نسمح بتقزيم مصر ثانية، ويسارع بوضع مصر في المكان والمكانة التي تستحقها" ويلخص الدكتور محمد الباز (مدرس بكلية الإعلام) رأيه قائلاً: "يجب أن يكون عنده ضمير. فمعظم المرشحين للرئاسة الآن، طامعين وليسوا مؤهّلين، ومن ثم، فإن أول شرط، أن لا يكون طامعا في الرئاسة وأن لا يعتبرها مكافأة أو تعويضا على ما يعتقد أنه تاريخ نضالي" أما منى صلاح (محللة سياسية) فتوجز مواصفات الرئيس القادم في "أن يحترم الشعب ويدرك أن الحاكم مكلف بتحقيق طموح الشعب وأن يكون جزءا من حركة التغيير التي حدثت في مصر، وليس غريبا عنها، وأن يكون واعيا بأدوات الثورة المضادة، بكل ما تركه النظام القديم ورموزه وقياداته ومؤسساته من مخلّفات، وأن تكون لديه رؤية واضحة في التعامل معها وأن يمتلك برنامجا متكاملاً، يهدف إلى انتشال مصر من الوضع الراهن المتأزم" وتضيف منى صلاح: "أن يوافق على وضع دستور جديد، وليس مجرّد إصلاحات وتعديلات دستورية، وأن يكون برنامجه محددا بفترة زمنية، على أن تصبح لدى الشعب آلية لإسقاط هذا الرئيس في حال عدم تحقيقه لبرنامجه، وأن يؤمن بأن مصر لها دور ريادي في المنطقة، وأن يعمل على تعزيز مكانتها دوليا، وأن يعي أن مهمته الأساسية، رفع مستوى معيشة المواطنين وأن يعيد توزيع ثروات البلاد، وأن يحوز على رضا معظم فئات الشعب، ويكون قريبا من الناس وأن يحترم الدستور وسيادة القانون بحق".
 
الدكتور عبد الصبور فاضل (عميد كلية الإعلام جامعة الأزهر)، يرى أن أهم مواصفات الرئيس القادم: "أن يحقق العدل بين مختلف فئات الشعب، وأن تكون لديه القدرة على توظيف الإمكانيات المتاحة، للنهوض بالمجتمع، نظيف اليد، حاسما، وأن تكون لديه كاريزما شخصية، تجعله مقبولاً لدى الجميع ولدى غالبية دول العالم" وفي الختام، يعتبر الكاتب والمفكِّر المصري، الدكتور رفيق حبيب، الخبير بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية والباحث بالهيئة الإنجيلية القبطية ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان)، أن الرئيس القادم لمصر، لابد أن يكون "شخصية وطنية، متمسِّكا بالثوابت والهوية الحضارية التي يجمع عليها المجتمع المصري، وأن يكون رجل دولة، لديه خِبرة سابقة تُـؤهله لإدارة الدولة، وأن يكون صاحب رؤية وبرنامج سياسي لهذه المرحلة".