المتحدث بإسم الخارجية الايرانية، بهرام قاسمي، أعرب في بيان له عن أسفه لإستمرار بعض الدول في سياستها المعادية للجمهورية الاسلامية، فيما نسيت العدو المشترك للأمة الاسلامية، وإن البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب قائم على أساس أفكار موجهة ومدمرة وعدائية من قبل بعض الدول. كل هذا جاء بسبب البيان الصادر عن الاجتماع الختامي لوزراء الخارجية العرب الذي ندد بالتدخل الايراني في شؤون دول عربية. وكلام قاسمي كما هو واضح من سياقه واسلوبه فيه تأكيد قوي على رفض التهمة العربية وجعلها تبدو وكأنها افتراء ما أنزل الله به من سلطان!

ليس العرب ولا الدول الاسلامية ولا حتى المجتمع الدولي وإنما الشعب الايراني والمعارضة الايرانية أيضا يتحدثون عن التدخلات الايرانية في البلدان العربية، بل وإن إحتجاجات غاضبة طافت مدينة أصفهان والمناطق المحيطة بها قبل أيام قلائل رددوا شعار"اخرجوا من سوريا واهتموا بأوضاعنا"، ناهيك عن شعارات تم ترديدها في إنتفاضة عام 2009، والانتفاضة الاخيرة، رفضت التدخلات وطالبت بإنهائها. ولذلك لا نعلم لماذا يتضايق السيد قاسمي من بيان وزراء الخارجية العرب الذي كان مؤدبا الى أبعد حد ولم يتجاوز الحدود كما فعل مسؤولون إيرانيون في طهران عندما إعتبروا العراق وسوريا واليمن جبهات أمامية لمواجهة أعداء الجمهورية الاسلامية؟

هل يتذكر قاسمي ما أكده مستشار المرشد الاعلى علي أكبر ولايتي بشأن الانتخابات العراقية وما أكده من بعده مسؤولون إيرانيون آخرون من إنهم لن يسمحوا للتيارات العلمانية والليبرالية في العراق أن تأخذ بزمام المبادرة، بمعنى يرفضونهم حتى لو إنتخبهم الشعب العراقي، إذا لم يكن هذا تدخلا سياسيا مكشوفا ومفضوحا، هذا إذا وضعنا الميليشيات المؤسسة من جانب قاسم سليماني جانبا، فماذا هو التدخل وكيف شكله ولونه وطعمه؟

ضربني وبكى سبقني وإشتكى، يقتل القتيل ويمشي في جنازته. هذا هو دأب نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في تعامله وتعاطيه مع البلدان العربية بشكل خاص، فهو الى جانب كل ما تسبب به من مشاكل وأزمات وأوضاع سيئة، ليس فقط لا يبادر الى تقديم اعتذار أو تبرير لما جناه على المنطقة وانما يطالبها بأن تعتذر هي وتتصرف كالنعامة ازاء تدخلاته السافرة. والانكى من ذلك إنه يعير البلدان العربية بنسيان وتجاهل العدو المشترك (أي إسرائيل)، في الوقت الذي هو بنفسه رفع شعاراته المثيرة للقرف والاشمئزاز نظير "طريق القدس يمر عبر كربلاء"، وتارة أخرى "طريق القدس يمر عبر صنعاء" وأخرى "طريق القدس يمر عبر الرياض". من الذي شغل المنطقة وشاغلها غير هذا النظام، فهل صار واضحا للسيد قاسمي أم يريد المزيد؟

 

منى سالم الجبوري