في حوار مباشر بثته القناة الفرنسية الأولى "تي أف 1"اليوم الخميس دام أكثر من ساعة، تناول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الشأن الفرنسي الداخلي، في وقت تؤدي فيه الإضرابات المنتظمة إلى شلل البلاد. إضافة لذلك تطرق ماكرون لملفات دولية ساخنة على غرار الوضع في سوريا فصرح "لدينا دليل على استخدام النظام السوري لأسلحة كيميائية في دوما".

اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مدرسة ابتدائية في بلدة "بيردوي" شمال غرب فرنسا لطمأنه الفرنسين والعمال المضربين في قطاع السكك الحديدية والجامعات والمستشفيات وقطاعات اقتصادية أخرى عبر حوار مباشر بثته "تي أف 1" TF1 اليوم الخميس دام أكثر من ساعة.

واستهل الرئيس الفرنسي الحوار بالحديث عن الملف السوري في الوقت الراهن، إذ أكد أن فرنسا لن تبقى مكتوفة الأيدي إزاء الهجوم الكيميائي الذي نفذه النظام السوري ضد مدنيين في مدينة دوما.

وقال بهذا الشأن: "لدينا الدليل بأن الأسلحة الكيميائية قد استخدمت، على الأقل (غاز) الكلور، وأن نظام بشار الأسد هو الذي استخدمها"، مضيفا أنه "على اتصال يومي مع الرئيس دونالد ترامب" وأنهما قد يقرران "بشأن الرد في الوقت الذي نختاره عندما نقرر بأنه الأنسب والأكثر فعالية".

وأضاف أن أحد أهدافه في سوريا "نزع قدرة النظام على شن هجمات كيميائية"، لكنه كرر أنه يريد كذلك تجنب "التصعيد".

محاربة الفكر الإسلامي المتطرف

هذا، ولخص ماكرون دور وأهداف فرنسا في سوريا في عدة نقاط، أهمها محاربة الإرهاب والجماعات الجهادية هناك وفرض القانون الدولي واحترامه، إضافة إلى تسهيل عمل منظمات الإغاثة وفتح معابر لإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين والعمل من أجل انتقال سياسي سلس في سوريا تشارك فيه كل الأقليات والقوات الديمقراطية والحية.

وفيما يتعلق بمحاربة الإرهاب والفكر الجهادي في فرنسا، أكد ماكرون أن السلطات الأمنية مع الحكومة تبذلان جهودا كبيرة من أجل اجتثاث الفكر الإسلامي المتطرف، وذلك من خلال غلق بعض المساجد التي تسوق إسلاما عنيفا وترحيل الإسلاميين والأئمة المتطرفين إلى بلدانهم الأصلية، ومراقبة مصادر تمويل بناء المساجد في فرنسا. وأعلن ماكرون: "تحدثت مع الأمير محمد بن سلمان حول ضرورة مراقبة الأموال التي تأتي من الخارج لتمويل مساجد فرنسية، ونحن نريد أن تكون مصادر هذه الأموال معروفة وشفافة ونزيهة".

"لست رئيس الأغنياء بل جميع الفرنسيين"

وتابع:" إن الحكومة الفرنسية ستراقب أكثر بعض المدارس الخاصة التي تنشط حاليا أو تلك التي ستفتح في المستقبل"، موضحا "أن كل هذه الإجراءات الموجهة لمحاربة الإرهاب والفكر الديني المتطرف ستكون مرفقة بسياسة اجتماعية واقتصادية جديدة في الأحياء الشعبية والضواحي الفرنسية لإعادة بعث الحياة فيها، وهذا عبر فتح مرافق عامة جديدة مثل المدارس والمستشفيات ومراكز الشرطة والدفاع المدني إلخ".

على المستوى الفرنسي، نفى ماكرون أن يكون "رئيس الأغنياء أو المدن" فقط كما يصفه البعض، بل وصف نفسه بـ"رئيس جميع الفرنسيين". وأردف قائلا "الأغنياء لا يحتاجون أصلا إلى رئيس لأن لديهم إمكانيات مالية كبيرة، وهم بالتالي قادرون على العيش دون أية مساعدة من قبل الدولة".

"أدرك إلى أين أنا ذاهب"

فيما حاول ماكرون أن يقلل من الشرخ الاجتماعي "المزعوم" بين فرنسيي المدن المزدهرة مثل باريس وليون وبوردو وسكان الأرياف الذين يرون بأنهم يعاملون وكأنهم "فرنسيون من الدرجة الثانية". فيقول "هناك فرنسا المدن التي استطاعت أن تتأقلم مع العولمة وفرنسا الضواحي والأحياء الشعبية التي تعاني. نحن لن نترك سكان الأرياف جانبا، بل سنساعدهم عبر سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية، لأننا في نهاية المطاف نريد أن يتحسن وضع جميع الفرنسيين".

وأكد الرئيس الفرنسي أنه "سيستمر في تنفيذ الإصلاحات ولن يتراجع لأن فرنسا تحتاج إلى ذلك"، مقدما في الوقت نفسه بعض الضمانات لعمال قطاع سكك الحديد، أبرزها أن الشركة الوطنية لسكك الحديدية "ستبقى شركة عامة ولن يتم أبدا خصخصتها في المستقبل".

وفي نهاية الحوار، دعا ماكرون الفرنسيين لأن يمنحوا له ثقتهم لأنه "يعرف أين هو ذاهب وإلى أين يأخذ فرنسا" منهيا "العالم يتغير بسرعة فائقة ويجب مواكبة التوازنات السياسية والاقتصادية التي تتحرك هي الأخرى بسرعة".