انتقدت تركيا السبت الولايات المتحدة بشأن إرسال ما وصفتها برسائل ملتبسة بشأن سوريا وقالت إن واشنطن تحدث ارتباكا بالمراوغة بشأن دورها المستقبلي في البلاد.

في الاثناء، اتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان فرنسا بتشجيع الإرهابيين "باستضافتهم" في قصر الإليزيه، وذلك وسط خلاف دبلوماسي بين تركيا من جهة والولايات المتحدة وفرنسا حول دعمهما لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا. والدول الثلاث اعضاء في حلف شمال الاطلسي.

وقال المتحدث باسم إردوغان للصحفيين إن بلاده تتحدث إلى روسيا بشأن بلدة تل رفعت السورية وإنها لا ترى حاجة للتدخل في المنطقة في ظل تأكيد موسكو على عدم وجود وحدات حماية الشعب الكردية السورية هناك.

وقال المتحدث إبراهيم كالين في إشارة إلى تعليقات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤولين آخرين في الآونة الأخيرة "رئيس الولايات المتحدة يقول: سنخرج من سوريا قريبا جدا، وبعد ذلك يقول آخرون: لا .. نحن باقون".

واضاف "من الواضح أن هذا يخلق الكثير من الالتباس على الأرض، ولنا نحن أيضا. نود أن نرى بعض الوضوح وأن يقرروا ما هي الخطوة التالية وما هو الهدف النهائي هناك".

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن ترامب وافق خلال اجتماع للأمن القومي في وقت سابق على إبقاء القوات الأميركية في سوريا لفترة من أجل هزيمة الدولة الإسلامية هناك، لكنه يريد عودة القوات في وقت قريب نسبيا.

وقال ترامب في كلمة ألقاها الشهر الماضي إنه يريد خروج القوات الأميركية مبكرا من سوريا، وهو موقف اعتبر مخالفا لما يتبناه الكثير من المسؤولين الآخرين في واشنطن.

وتسببت الخلافات بشأن السياسة تجاه سوريا في توتر العلاقات بين واشنطن وتركيا. وساندت واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية السورية في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب منظمة إرهابية. وفي يناير/كانون الثاني بدأت عملية عسكرية في منطقة عفرين الواقعة شمال سوريا من أجل طرد وحدات حماية الشعب منها.

منبج

تقول تركيا إنها توصلت "لتفاهم" مع الولايات المتحدة بشأن إرساء الاستقرار في بلدة منبج ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الأكراد شرقي عفرين. بيد أن إردوغان هدد مرارا بتحرك قواته شرقا ما لم تغادر وحدات حماية الشعب المنطقة الواقعة حول منبج وتتجه إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات.

ولدى الولايات المتحدة قوات متمركزة بالقرب من منبج، وهو ما يثير احتمال حدوث اشتباك مع القوات التركية.

وقال كالين "نريد أن نرى تحركا ملموسا على الأرض" من جانب الأميركيين بشأن منبج.

وأضاف أن تدخل تركيا لن يكون ضروريا في تل رفعت نظرا لعدم وجود وحدات حماية الشعب هناك في الوقت الحالي.

ومضى يقول "في الوقت الحالي، وبالنسبة لتل رفعت، نحن نتحدث إلى الروس وقد أكدوا لنا أن وحدات حماية الشعب ليست هناك. إذا كان هذا هو الحال، فلا مشكلة لدينا".

إردوغان للغرب: ستغرقون!

وتوترت العلاقات بين أنقرة وباريس في الأسابيع الأخيرة إذ كانت فرنسا أبرز المنتقدين للعملية العسكرية التي تنفذها تركيا منذ شهرين في شمال سوريا ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية.

وتأزم الوضع في الثلاثين من مارس/آذار بعد لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بوفد سوري ضم وحدات حماية الشعب الكردية وذراعها السياسية حزب الاتحاد الديمقراطي وأكد للوفد دعم فرنسا من أجل تحقيق الاستقرار في شمال سوريا في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.

وقالت تركيا إن التعهد يصل إلى حد دعم الإرهاب ويمكن أن يجعل من فرنسا "هدفا لتركيا".

وقال إردوغان لأنصاره في إقليم دنيزلي في جنوب غرب البلاد "فرنسا، إنك تشجعين الإرهابيين باستضافتهم في القصر الرئاسي".

وأضاف "لن تستطيعوا تفسير ذلك. لن تستطيعوا التخلص من وطأة الإرهاب هذا. ما دام الغرب يحتضن هؤلاء الإرهابيين فإنكم ستغرقون".

ويعد الخلاف مع فرنسا أحدث صدع في العلاقات بين تركيا تحت قيادة إردوغان وحلفاء غربيين في حلف شمال الأطلسي.

وأثار الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب أيضا غضب أنقرة التي هددت بتوسيع نطاق العمليات العسكرية لمئات الأميال على طول الحدود، بما في ذلك المناطق التي تنتشر فيها القوات الأميركية.

وقدمت فرنسا، شأنها شأن الولايات المتحدة، بالفعل أسلحة وتدريبا للمقاتلين الذين تقودهم وحدات حماية الشعب الكردية في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية ولديها العشرات من أفراد القوات الخاصة المتمركزين في المنطقة مما أثار غضب تركيا.

وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور، والذي يشن حملة على مدى عقود في جنوب شرق تركيا.

وطردت القوات التركية وحدات حماية الشعب من مدينة عفرين الواقعة شمال غربي سوريا الشهر الماضي وسط انتقادات دولية من حلفائها وعلى رأسهم ماكرون.

في الوقت نفسه قالت أنقرة إنها تتوقع من حلفائها إبعاد قواتهم من طريق أي تقدم تركي.