اتهم العاهل المغربي محمد السادس الأربعاء في رسالة خطية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الجزائر بأنها "تمول وتحتضن وتساند وتقدم دعمها الدبلوماسي" لجبهة بورليساريو في صراع الصحراء الغربية. فهل وصل الصراع حقا إلى طريق مسدود وينذر بمواجهة؟ أم أنها محاولة لتحريك المياه الراكدة والإسراع بإيجاد حل استدعى تدخل الملك شخصيا؟

سلم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس رسالة خطية من الملك محمد السادس بشأن "التطورات الخطيرة للغاية التي تشهدها المنطقة الواقعة شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء المغربية".

واتهم محمد السادس، وبكلمات مقتضبة ومباشرة، الجزائر بأنها "تمول وتحتضن وتساند وتقدم دعمها الدبلوماسي" لجبهة بورليساريوفي هذا الصراع. وعبر عن غضبه مما يدعوه تدخلا جزائريا في قضية تمس سيادة بلاده ووحدة أراضيها، "ودق ناقوس الخطر" وطالب الجزائر بتحمل مسؤولياته لحل صراع الصحراء المغربية، وهدد بأن المغرب لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا الخطر. 

كما أكد العاهل المغربي على مسامع الأمين العام للأمم المتحدة "رفض المغرب الصارم والحازم لهذه الاستفزازات والتوغلات غير المقبولة.

فهل يعد هذا الحجر الذي تلقيه المغرب في بحيرة صراع الصحراء الغربية محاولة للم شمل الأطراف المنغمسة في هذا الصراع للإسراع بإيجاد حل لهذه القضية المعلقة منذ عقود وحلحلة الوضع المتجمد؟

الجزائر لم ترد إلى الآن على الاتهامات المغربية، فيما اعتبرتها جبهة البوليساريو محاولة من الرباط "للتنصل من عملية السلام" وأدانت ما دعته "هروبا للأمام" وهددت بدورها "بالرد على أي خرق لوقف إطلاق النار".

وبحسب ما أعلنته الرباط منذ ثلاثة أيام بإخطارها مجلس الأمن بتوغلات "شديدة الخطورة" لجبهة البوليساريو، المطالبة بحق تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية، في المنطقة العازلة التي حددتها الأمم المتحدة في اتفاق إطلاق النار العام 1991. ويتهم المغرب جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، بمحاولة تغيير طبيعة هذه المنطقة والقيام باستفزازات ومناورات هناك.

والصحراء الغربية، التي تبلغ مساحتها 266 ألف كيلو متر مربع، هي المنطقة الوحيدة في قارة أفريقيا التي لم تسوَّ وضعيتها بعد رحيل الاستعمار عنها في العام 1975، وتسيطر المغرب على 80 بالمئة من مساحتها وتعتبر جميع أراضي الصحراء جزءا من أراضيها وتقترح إعطاءها حكما ذاتيا تحت سيادة الرباط، بينما تسيطر جبهة البوليساريو على المساحة المتبقية البالغة 20 بالمئة وتطالب باستفتاء على حق تقرير المصير.

وقد حاول العاهل المغربي مد أيادي الود إلى الجزائر في أكثر من مناسبة وهو ما تم مبادلته من قبل الجزائر بالود أيضا. ففي العام 2016 الذكرى 63"لثورة الملك والشعب" دعا محمد السادس "لتضامن صادق" بين المغرب والجزائر ومواصلة العمل بصدق نية لخدمة القضايا المغاربية.

ورغم نفي جبهة البوليساريو القيام بأية خروقات وتأكيد بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية على أنها "لم تلحظ أي تحرك لعناصر عسكرية في المنطقة الشمالية الشرقية" إلا أن بوريطة، وزير الخارجية المغربي، عرض صورا جوية ووثائق تظهر، على حد قوله، المنشآت العسكرية "الكثيرة" التي استحدثتها جبهة البوليساريو في المنطقة بين أغسطس 2017 ومارس 2018.