الاحتجاجات الغاضبة التي وقعت في الاهواز ومدن إيرانية أخرى على خلفية البرنامج المهين الذي تم بثه من التلفزيون الحكومي الايراني والذي سبق له وأن بث برامج أخرى مشابهة طالت مكونات إيرانية أخرى، الى جانب التمييز غير العادي الذي يتم من جانب السلطات الايرانية ضد المناطق التي تقطنها غالبية سنية، لم تأتِ إعتباطا ويبدو من حجم وشكل الغضب ما يمكن وصفه بأحاسيس ومشاعر مكبوتة بقوة بعد فترة قليلة على تأسيس هذا النظام.

الاوضاع في إيران والتي تسير بخطى يغلب عليها التعثر وتنتهي معظمها في طرق مسدودة أو مفترقات لا تقود طرقها الى نهايات آمنة، يبدو إن ملف القضايا العرقية والطائفية والدينية مرشحة لكي تتداخل هي الاخرى وتشكل خطا لها في مسار الاوضاع المتردية، خصوصا وإن السلطات الايرانية وبعد الاساليب القمعية التي مارستها ضد إحتجاجات أهالي الاهواز بشكل خاص، يظهر بأنها تساهم بصورة أو بأخرى في تعميق مشاعر الرفض والكراهية تجاه النظام.

قضية الاضطهاد القومي والديني والطائفي في إيران، والتي برزت بصورة إستثنائية كما أسلفنا بعد فترة قصيرة من تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، رغم إن جذورها تعود الى عهد نظام الشاه والتي كان هناك إعتقاد بحلها بعد الثورة الايرانية، لكن السياسات القمعية التعسفية الاقصائية للنظام الحالي في إيران، قد فاقمت من هذه القضية بحيث جعلت القوميات وأتباع الديانات والطوائف يواجهون إضطهادا مزدوجا لا يمكن إنكاره، والانكى من ذلك إن النظام يرفض الاعتراف بوجود المشكلة ويدعي بأن كافة مكونات الشعب الايراني لا تعاني من أية مشكلة في ظل دستور النظام، وهو أمر تدحضه وتفنده الحقائق والوقائع.

المعارضة الايرانية النشيطة والفعالة المتواجدة في الساحة ونقصد على وجه التحديد منظمة مجاهدي خلق أكثرها حضورا واقواها دورا وتحركا ونشاطا، لم تتهرب من هذه القضية ولا تجاهلتها بل إنها بالاضافة الى إعترافها بها فهي قد وضعت برنامجا واضحا لمعالجتها وإيجاد الحل المناسب لها، أعلنت عن تضامنها مع أهالي الاهواز وأدانت ممارسات النظام وشجبتها بشدة الى جانب إنها سبق وإن إتخذت نفس الموقف ازاء مواقف مشابهة أخرى للنظام تجاه الآذريين والبختياريين وكذلك أهل السنة ومكونات أخرى من الشعب الايراني، بما يثبت إنها تمتلك وجهة نظر وموقفا مغايرا تماما لموقف النظام خصوصا وإنها قد أعلنت بأنها توافق على الحكم الذاتي للأقليات العرقية وتعتبر ذلك حقا مشروعا لها خصوصا وإنها تعتبر جزءا من الشعب الايراني الذي لابد له أن يتمتع بحقه في التعبير وفي ممارسة حقوقه الثقافية.

 

منى سالم الجبوري