من منا لا يعرف الطائر الجميل المسمى "الببغاء"، ولكنه رغم ذلك صورة حية ونمطية للغباء، فهو يكرر ما يقال له دون تفكير في معنــــــاه أو مغزاه. وهناك بعض الناس المغرمين بتربية هذا النوع من الطيور؛ وكما يقال في المثل: "الطيور على أشكالها تقع".

الببغاء لا يناقشك الفكرة، تقولها فيرددها وينتظر منك أخرى ليرددها..وصاحب الببغاء ومربيه مرتاح لأن ببغاءه لا يعاكسه في الحديث، بل يعتبر ناقلا له بكل صدق وأمانة "ببغائية".

والعدوى "الببغائية" انتقلت إلى بعض البشر، الذين أصبحوا أبواقا لأسيادهم من الذين يطعمونهم ويرزقونهم مما فاء الله به عليهم، فيصبحون ناقلين لأخبار هم ليس لها بفاهمين لا مغزى ولا معنى، فيطيرون من مجمع لمجمع ويتكلمون بأحاديث وأخبار مقطوعة عن سياقها؛ حتى إن المستمع لها يتعجب من هذا المتكلم الببغاء الذي ينعق بما لا يفهم.

كما أن ظاهرة "الببغائية" انتشرت بين أشباه المثقفين في زمن الثقافة الافتراضية القائمة على عملية "النسخ واللصق" (copier coller) دون تمحيص وتدقيق في المعلومة ومصدرها في زمن النقل لا العقل.

الأخطر أن بعض المدرسين يحبون أن يكون طلابهم مثل الببغاوات، يرددون ما يقولونه دون فهم أو فكر نقدي؛ بل إن البعض منهم لا يفكر حتى في ترك الفرصة للمتعلم للتعبير عن شخصيته، ويعمل بعبارة "بضاعتنا ردت إلينا".

 

شحشي عبد الرحمان


 

*أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بكلية الحقوق – جامعة الحسن الأول بسطات.