تقديم:

هذه قصيدة زجلية من صميم لهجة الشرق المغربي والغرب الجزائري؛ وهي في الواقع تكاد تفصح كالفصحى، ليس صَنعة مني، بل هي السليقة كما جرت منذ قرون.

أقول هذا لمن يبذل قصارى جهده لينتزع من المغاربة لسانهم الدارج، زاعما له رحِما واحدة، والحال أنه إما من العربية الفصحى-بإطلاق تقريبا -كلما اتجهت شرقا، أو منها ومن الأمازيغية في باقي الجهات.

أما الموضوع فهو هذا المغرب الأبي، وهذا الشعب الصامد في الثغر، منذ فجر التاريخ.

ومهما تكن شَكاتنا اليوم، فقد حق لنا أن نتغنى به، أصيلا أبيا صامدا.

وتقبلوا هديتي –أعزائي قراء هسبريس -ورجائي أن تأتي ببعض الفرج أو كله، وما ذلك على الله بعزيز.

نَتْرَجَّى سَلْطانَّا يَفْتِي فِيه

يَا بْلادي يْلاَ سْهَرْت نْفَكَّر فيك، ويلا نْعَسْت انُّوم عْلِيك.

نتفكر فُرسان وَمْرابط خِيل، وسْيوف حَمْرا وبِيضا تَحْميك.

بْحور هاجت، وامواج اعْلاتْ، وسْفون الروم جَايَّا تَحْلفْ فِيكْ.

رْعود وبْروق، نارْ مْنَ السّْما؛ وصْواري بَعْيونْها تَخْزَرْ فيك.

لا مَنْ يْغيثْ، لا من يَفْزَع، لا من يَنْصر، لا مَنْ يْرَدّْ الكِيد عْلِيكْ.

لَولا بْطال السّْهولْ، وصْنادَدْ لَجْبال، وسْبوع الغابة تَحْرسْ فيك.

لولا سَرْبات تَدْفَعْ سربات؛ لولا فَتْيان ضْمُور، عاشْقة المُوت عْليك.

مْغاربة رَضْعو حْليب لْبِيَّة؛ حْباوْ بين السّْروج، حَلفو يَفناو عْليك.

عْرَب وْمَازيغ فَزْعَا وَحْدة، دَمّْ واحد، وقْلوب لْيوثْ تْغِير عْلِيك.

عَرْشْ واحد، مَنْ يُوغَرْتَنْ لَدْرِيس، طارِق الفاتَحْ، وتاشفين المَليك

عْروشْ هِي وَسْلاسل؛ تِيجان تَخْلف تيجان، مْنَ الذّْهب يْحَلِّيك

اجْيال تَخْلف اجْيال؛ تاريخ يبني تاريخ؛ واجْبَال اتْحَصَّن فيك.

وَدْيان الخِير، عْيونْ الْغَزْلان؛ وَطْيورْ اسْماكْ، تْغنِّي ليك

نَتفكَّر أشْعار تَنْبَع مَنْ زِينَك، نتفكر ناسْ الْعِلم وكُلّْ مَنْ اكْتَبْ لِيك.

نتفكر سُمَّار في صْحارِي لِينا؛ نُورْ الكَمْرة والنَّاي يْغَرَّد لِيك.

نتفكر لَخْيام ولَمْضارَب، وجْمال الصَّحْرا، وَالرِّيح تْصَفَّر فيك.

يا بْلادي عَزّْ البَلدان، تَاج التاريخ، مَهما اشْكيتْ ما انفرط فيك.

مَهما شْكِيت مَنْ ضِيقْ الرِّيف، ضِيمْ جرادة، نَتْرَجَّى سَلْطانا يَفْتيِ فيك.


 

رمضان مصباح الإدريسي