عرف العالم العربي عموما ظاهرة الريع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. ولا شيء يمكنه مواجهة بنية الريع سوى التوجهات الديمقراطية التي تسمح بالمكاشفة والمساءلة.

يمكن اختصار الريع الاقتصادي بالأذون الممنوحة لشركات أو أفراد أو عائلات، لاستغلال المعادن أو المقالع أو الصيد أو النقل أو رخص الاستيراد التي تعرف نوعا من الاحتكار.

لكن المختصين في الاقتصاد الحديث أضافوا إلى الريع البطالة المقنعة أو الموظفين الأشباح، والقروض المدعومة والإعفاءات الضريبية الجزئية أو الكلية، أو الامتيازات التي تعطى لموظفين دون استحقاق.

كاميرا برنامج "تحت المجهر" في الحلقة التي بثت الأربعاء (25/5/2016)، عاينت هذه الظاهرة في نموذج المغرب العربي. وشارك حقوقيون وسياسيون وأكاديميون وصحفيون في قراءة الريع وما يتركه من أثر سيئ على البلاد.

رئيس مجلس المنافسة عبد العالي بنعمور قال إن الريع الاقتصادي ينتج عن الممارسة المنافية للمنافسة، أما السياسي فهو منح مكتسبات ومزايا لفئة أو أفراد دون أن يكونوا مستحقين لها.

من جانبه قال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي عمر الكتاني إن البنك الدولي ذكر في تقرير له حول الإدارة في المغرب، أن الموظفين في المراتب العليا يحصلون على مئة امتياز إضافة إلى أجورهم.

وأضاف أن هذا الشكل الريعي من الاقتصاد ليس حكرا على المغرب، بل إن دولا عربية كالخليج تعتمد في اقتصادها فقط على سلعة واحدة هي النفط، حتى أصبحت دول خليجية مديونة لأن الاقتصاد هناك ليس مبنيا على الإنتاج بل على الاستهلاك.

من ناحيتها، قالت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب إن هناك شعورا بالإهانة والتهميش من جراء الريع الذي لا يخدم المشروع التنموي، وينبغي القطع معه ومع الامتيازات الممنوحة، لافتة إلى أن الريع عرفته البلاد بعد الاستقلال عن الاستعمار، حيث ذهبت ملايين الهكتارات لأشخاص لم يقاوموا المستعمر ولم يقدموا شيئا للنهضة الاقتصادية.

أبرز النماذج الريعية التي سلطت الحلقة الضوء عليها "الغاسول" المغربي الشهير، وهو عبارة عن طمي متحجر يستخدم لعلاجات الشعر والبشرة وتجميلهما، تحتكر استخراجه من مقالع قرب مدينة فاس عائلة واحدة، بينما الأموال التي تدرها هذه المادة لا تعرفها القرية التي بها المقلع ولا العمال.

محمد لغروس أحد الصحفيين الذين غامروا بالذهاب إلى المقلع لكتابة تقرير وواجه مضايقات من مسؤولي المقلع، استشهد بما قال وزير التجهيز والنقل المغربي "ليس معقولا أن تحتكر عائلة مقلعا مساحته 27 ألف هكتار عدة عقود".

وقال الخبير المتخصص في البيئة والتنمية المستدامة مولاي العربي الهاشمي "كنا نطالب بخلق شركة وطنية للغاسول تديرها الدولة، شأنها شأن الفوسفات، فتكون العائدات للدولة والتنمية المحلية".