المظاهرات السلمية والمسيرات الحاشدة التي عمت مختلف محافظات الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة أمس، في اليوم المئة لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، المشؤوم، الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، تشكل رسالة واضحة وقاطعة وبصوت فلسطيني واحد يقول لترامب وللاحتلال الإسرائيلي إن شعبنا بأسره يقف خلف قيادة الرئيس محمود عباس في رفض الموقف الأمريكي المعادي لشعبنا وحقوقه المشروعة ورفض أية مشاريع أو حلول أو مقترحات سواء كان اسمها «صفقة القرن» أو غيره تنتقض من هذه الحقوق التي اعترف بها المجتمع الدولي بأسره وأكدتها قرارات الشرعية الدولية سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة على مدى عقود منذ نكبة عام 1948 حتى الآن.

الاحتلال الإسرائيلي الذي صعد مؤخرا عدوانه ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه حاول قمع هذه المسيرات باستخدام جبروت القوة سواء بالرصاص الحي أو المطاطي أو الغازات السامة او قنابل الصوت مما اسفر عن إصابة أكثر من مئة مواطن ليس لهم ذنب سوى تطلعهم للحرية ورفضهم للاحتلال والمواقف الأمريكية المنحازة له ومشاركتهم في هذه المسيرات السلمية للتعبير عن موقفهم الذي أراد الاحتلال إخماده.

هذه الرسالة القوية التي وجهها شعبنا إلى ترامب امس بصوت واحد موحد يجب أن تدفع الإدارة الامريكية إلى إعادة النظر في مواقفها الظالمة، كما يجب أن تذكرها بأن إرادة الحرية والاستقلال لدى شعبنا، كما هي لدى أي شعب آخر، لا يمكن إخمادها وان هذه الإرادة أقوى من جبروت القوة والمال وأنها ستنتصر حتما، طال أمد الاستعمار وداعميه أم قصر. ومن الأجدر بترامب وغيره العودة إلى كتب التاريخ وقراءة تاريخ النضال البطولي لشعب فيتنام وشعب الجزائر وشعب جنوب أفريقيا وغيرها من الشعوب التي انتصرت على مستعمريها وعلى التمييز العنصري البغيض رغم جبروت وقوة هؤلاء المستعمرين.

شعبنا وقيادته اللذان قالا «لا لترامب» بسبب تجاوزه كل الخطوط الحمراء واستهتاره بالشرعية الدولية وقراراتها وتصرفه بالحقوق الفلسطينية وكأن القدس ملكا له، أو كأن قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من ديارهم قسرا مجرد قضية إنسانية ويحق له التصرف بها وشطبها، إنما يوجه أيضا بهذا الموقف المنسجم مع الشرعية الدولية رسالة سلام، فشعبنا الذي يرفض هذا الاحتلال غير المشروع وهذا الانحياز الأمريكي الأعمى لصالح الاحتلال ، إنما يتطلع إلى تحقيق سلام عادل وشامل ودائم على أساس قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والمواثيق التي اعتمدتها أمم وشعوب الأرض المتحضرة، وهو ما يجب أن يوجه كافة زعماء العالم ودوله عند تحديد مواقفهم من النزاعات والصراعات الدولية.

مرة أخرى، يقول شعبنا لترامب ولهذا الاحتلال المتغطرس، إنه لن يرفع الراية البيضاء وإنه يتمسك بحقوقه الثابتة والمشروعة وإن أي محاولة لفرض حلول لا تنسجم مع الشرعية الدولية ولا تلبي هذه الحقوق إنما سيكون مصيرها الفشل الذريع، تماما كما فشلت محاولات تصفية قضية شعبنا على مدى العقود الماضية.