ما كشفته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس حول تعيين حنانئيل غورفينكل، وهو من دعاة تهويد القدس ومستوطن في مستوطنة جبل المكبر وعضو في حزب «البيت اليهودي» المتشدد، مسؤولا في وزارة القضاء الإسرائيلي عن «ملف القدس الشرقية» المسؤول عن إخلاء الفلسطينيين المقدسيين من منازلهم لصالح الجمعيات الاستيطانية، وتعيين المحامي ابراهام سبغل، محامي الجمعيات اليمينية كمحام في مكتب «الوصي العام» الذي انضم إليه غورفينكل، إنما يؤكد مجددا أن هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تسعى بكل الأساليب والوسائل إلى طرد أكبر قدر من المقدسيين من مدينتهم وإحلال أكبر قدر من المستوطنين مكانهم تحت حجج وذرائع واهية، وهو ما يسمى بلغة القانون الدولي «تطهير عرقي» خاصة وان عمليات الطرد هذه تتم بالتنسيق بين الجمعيات الاستيطانية ومكتب الوصي في وزارة القضاء الإسرائيلية وتطال المئات من العائلات الفلسطينية بينها ستين عائلة مهددة بالطرد من منازلها في سلوان، عدا عن عمليات الطرد في الشيخ جراح والبلدة القديمة.

إن ما يجب أن يقال هنا إن الذرائع التي تستخدمها الدوائر الاحتلالية لتبرير طرد المقدسيين من منازلهم، مثل القول إن الأراضي التي أقيمت عليها هذه المنازل كان يملكها يهود قبل عام ١٩٤٨، لا تصمد أمام القانون الدولي.

والسؤال الذي يطرح على الاحتلال الإسرائيلي ومتطرفيه هو: لماذا لا يسمح الاحتلال للمقدسيين باستعادة أراضيهم ومنازلهم التي هجروا منها قسرا عام ١٩٤٨ ويعيش فيها يهود الآن رغم امتلاكهم وثائق ملكية لها لا مجال للتشكيك بصحتها؟!

من الواضح تماما أن الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي، الذي يتجاهل القانون الدولي وكل قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية يعتقد أن من حقه استخدام كل الأساليب والوسائل غير المشروعة لتحقيق أهدافه في تهويد المدينة المقدسة وتصفية القضية الفلسطينية، ويأتي ما كشفته صحيفة «هآرتس» امس في إطار التصعيد الممنهج لهذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تستهدف القضية والحقوق المشروعة لشعبنا.

السؤال الذي يطرح بهذا الشأن وسط سباق إسرائيلي محموم مع الزمن لتهويد المدينة المقدسة عبر تكثيف الاستيطان والتضييق على المقدسيين بكل الوسائل والاستيلاء على المنازل وسياسة الهدم والضرائب الخ، وسط كل ذلك ما هو المطلوب فلسطينيا وعربيا وإسلاميا؟

مما لا شك فيه أن الانقسام المأساوي الذي تتواصل تداعياته على شعبنا وقضيته يشكل عقبة رئيسية أمام وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة كل هذه المخططات الإسرائيلية ومواجهة ما يحاك في البيت الأبيض فيما يسمى «صفقة القرن» التي يجري وضع خطوطها بما ينسجم مع أطماع اليمين الإسرائيلي المتطرف، ولذلك فان الخطوة الفلسطينية الأولى هي المسارعة لإنهاء هذا الانقسام ووضع استراتيجية واحدة لمواجهة كل هذه التحديات.

مثل هذه الوحدة وهذه الاستراتيجية ستشكل حافزا لبلورة موقف عربي - إسلامي داعم للنضال الفلسطيني وللجهد الفلسطيني في مواجهة هذه التحديات، كما تشكل رافعة مهمة في النضال السياسي والدبلوماسي على الساحة الدولية لحشد الدعم لنضالنا العادل ولإحباط مخطات هذا الاحتلال وحلفائه. لذلك نقول إن المفتاح بأيدينا رغم الواجب العربي الإسلامي في الدفاع عن القدس ومقدساتها ورغم الواجب الأممي في الدفاع عن قرارات الشرعية الدولية ومواثيقها.