كان المشهد يتحدث عن معانيه، دون الحاجة لأي استنطاق أو تعليق، فصور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في الكنيسة المرقسية، بالعاصمة المصرية القاهرة، تبعث العديد من الرسائل والإشارات، مجلية المشهد عن مظاهر السعودية الجديدة، التي يعمل الأمير الشاب على بنائها، بسرعة وقوة، فاجأت الكثيرين!.
احترام الآخر، الإيمان بالتعدد، مكانة الإنسان وحرمته، ترسيخ الاختلاف الذي هو طبيعة كونية، تجاور الأديان والثقافات.. جميع هذه المفاهيم البشرية العميقة، رسخها لقاء الأمير محمد بن سلمان مع البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثودكسية. وهي المعاني التي لو جلس الوعاظ والخطباء للحديث عنها ما كان سيحصل لها أثر عملي وسياسي، كما حصل الآن.
في القاهرة التقى ولي العهد أيضا، شيخ الأزهر د.أحمد الطيب، وزار دار الأوبرا المصرية، حاضرا عرضا مسرحيا رفقة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
كما تحدث للصحافيين عن جدية محاربة التطرف والخطابات المتشددة، وأكد على مبدأ المساواة بين المواطنين دون تمييز بين مذهب وآخر، وشدد على أن الشارع المحلي بدأت تتراجع فيه نبرة الأصولية التي سعت بعض التيارات إلى زراعتها مجتمعيا.
كل ذلك يقودنا إلى الإيمان بأن هنالك تغيرا حقيقيا في السعودية، وليس مجرد شعارات ترفع. وهذا التغيير الذي يشكك فيه البعض يحتاج لكي ينضج وتتضح معالمه ويترسخ بشكل جلي، إلى وقت، وعمل مؤسساتي، وصياغة قوانين وأنظمة حديثة، تجعل للقانون قوته ومرجعيته، وهو ما يتم العمل عليه حاليا.
التغيير هو بالأساس فعل ثقافي، سلوكي، طويل الأمد، يمتد لأجيال. يحتاج أحيانا إلى مبدأ «الصدمة»، كما أشار الأمير محمد بن سلمان، وذلك من أجل خلخلة البنى القديمة المترهلة، وإحلال منظومة حديثة، تعالج المشكلات القائمة وتمنع تكرارها.
ما يحدث في السعودية ليس شأناً محلياً صرفاً، وإن كان يجري في الداخل، وبسواعد محلية. إلا أن له ارتدادات إقليمية، ستتأثر إيجابياً بها المنطقة. ولذا فإن نجاح التغييرات، وحدوث إصلاحات على صعد شتى، أمر سيصب في مصلحة دول الجوار، وسيعطي دفعة كبيرة للاعتدال، مما يساعد على الحد من مفاهيم التخلف والإرهاب!.