خص الأستاذ بجامعة باريس الثانية “جان كلود مارتينيز” والذي كان يشغل منصب عضو سابق في الجمعية البرلمانية الأورو-متوسطية لأكثر  من ولاية، مقالا تفصيليا حول قرار المحكمة الأوروبية الأخير بخصوص اتفاق الصيد البحري المشترك بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية.

الكاتب شبه فيه المعركة المفتعلة لأنصار جبهة البوليساريو حول سيادة المغرب وشمول اتفاق الصيد البحري للأقاليم الجنوبية للمغرب، بمباراة كرة القدم التي انتهت بالنهاية لصالح المغرب أمام “فريق تندوف”، بهدفين لهدف واحد.

المقال مترجم إلى العربية:

يبدو أن العدالة، وخاصة تلك الموجودة على المستوى الأوروبي، تشبه كثيرا مباريات كرة القدم، تلعب أولا على أرضية الملاعب، وتخضع لتأثيرات الجمهور ولا تنتهي تفاصيل التنافس فيها إلا بإطلاق صافرة النهاية من طرف حكم المباراة، ويبدو أن الذي حدث الثلاثاء الماضي 27 فبراير 2018، بمحكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، شبيه كثيرا بهذا، عندما دخل موضوع اتفاق الصيد البحري الموقع بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية، للنقاش حول ما إذا كان موافقا لبنود القانون الدولي وقانون الاتحاد.

وفي الـ 10 من يناير الماضي، عرفت هذه القضية، تسجيل ما يمكن تسميته بـ”فريق كرة القدم الديبلوماسي لتندوف” حملة هجومية في الشوط الأول من المباراة، عرفت تسجيل هدف السبق لصالحه، لكن برجل حكم المباراة نفسه، الذي لم يكن سوى “ملكيور واثليت” المحامي العام الأول لمحكمة العدل الأوروبية، والمصطف دائما بجانب أطروحة تيندوف، عندما حاول توجيه قاضي المحكمة للإقرار بإبطال اتفاقية الصيد “الدولية” مع إصدار لائحة من مجلس وزراء الاتحاد المتلقي لوضع اتفاق جماعي للصيد.

القرار السابق لم يمر خفيفا، بل سبب موجة احتجاجات من طرف أساتذة القانون، انطلقت من باريس إلى مدريد وروما وبروكسل وحتى بوغوتا، حيث دق أكاديميو القانون ناقوس الخطر، بسبب ما يمكن اعتباره عبثا قانونيا قد يهدد علاقات الاتفاق المشترك بين الاتحاد والمملكة.

موجة الاحتجاجات انطلقت من صحيفة “أوروبا الجديدة”، الناطقة باللغة الإنجليزية، عندما نبهت أنا شخصيا في إحدى المقالات، على أن 40 ألفا من كبار المسؤولين الأوروبيين، بما في ذلك قضاة المحكمة، اعتبروا أن ما حدث في 11 فبراير، زلزال حقيقي يهدد انهاء الاتحاد للاتفاق المشترك مع المغرب.

بدوره لم يتوانى زميلي الأكاديمي المتخصص في القانون المجتمعي، “روموالدو بيرميجو”، أن ينبه لنفس الامر في مقال نشره بصحيفة “رازون” الإسبانية اليومية، وهو نفس الاتجاه الذي ذهب فيه كذلك، “ازيليو فولميني”، سكرتير المحكمة السابق، في مقال آخر بيومية “ايل جورنال” الإيطالية.

وفي فرنسا أيضا، شدد أحد المتخصصين في القانون المقارن، وهو الأستاذ بجامعة بوردو “إريك أغوستيني”، على أن الملك الراحل الحسن الثاني سبق ووضع تحفا قانونية تضم عددا من الاستنتاجات القانونية الحاسمة، في حين أن الاتجاه العام اليوم للمحكمة قد يسمح بالعودة إلى المخاطر التي كادت أن تنتهي، وهو أيضا ما ذهبت له صحيفة “تيمبو” الكولومبية الواسعة الانتشار، التي نقلت تحذيرات للدكتور “نورما كاباليرو” في ذات الشأن.

وفي 19 فبراير الماضي، عادت مجددا صحيفة “أوروبا الجديدة” للتحذير مما قد تسببه قرارات المحكمة الاوروبية من إلغاء الاتفاق لصالح منطقتنا الأورو-متوسطية.

وهكذا ساهم الهجوم المنسق للصحافة القانونية في استصدار قرار 27 فبراير، الذي كان بمثابة تسجيل هدفين في مرمى “فريق كرة القدم الديبلوماسي لتندوف”، من خلال عدم إلغاء اتفاق الصيد مع المملكة المغربية، وأيضا من خلل عدم اعتمادها من طرف كافة أطراف المجتمع الاوروبي، وهو ما كان خسارة مدوية مع نهاية المباراة الحامية التي استخدم فيها فريق البوليساريو كل أداوته القانونية وغير القانونية.

بعد كل الذي حدث، المطلوب منا اليوم هو ضمان استمرار الاتفاق المشترك للصيد البحري، خاصة من داخل المؤسسات الأوروبية، ممثلا في البرلمان الأوروبي، حيث ستستمر المباراة مجددا، خصوصا إذا علمنا أن كل شيء قد بدأت بالفعل تحت الأرض، من منظور التحديدات الأوروبية المرتقب تنفيذها شهر مايو 2019.

لذلك فإن على المغرب أن يكون حذرا جدا، لأنه بالنهاية سيواجه فخاخا جديدة من مساندي الأطروحة الانفصالية المفتعلة، خصوصا فيما سيتعلق بالاتفاقيات الزراعية التي ستعرض أمام البرلمانيين الجدد، الذين يوج من بينهم مساندون كثيرون لصالح الداخلة أو السمارة أكثر من أنصار جبهة تندوف.