لا أحد يمكنه نكران الصراع القائم بين السلطتين القضائية والرابعة ببلادنا. والذي وصل لدى البعض من داخل السلطتين، حد التنافر والقطيعة والاستهداف والتسويق للمغالطات والأكاذيب. حيث التشكيك الإعلامي في طرق وأساليب معالجة مجموعة من الملفات القضائية. وانتقاد مجموعة من الأحكام النهائية. واتهام القضاء باستهداف الإعلاميين ومحاولة إخراسهم. وحيث اعتقاد بعض المسؤولين القضائيين بأنهم مستهدفين من طرف جهات إعلامية معادية لهم، بدوافع شخصية أو مسخرة من طرف لوبيات سياسية أو اقتصادية. وبغضهم لمنابر إعلامية. لا أحد ينكر أهمية استقلالية النيابة العامة من وزارة العدل وما قد تفرزه مستقبلا من جرأة وصرامة لدى وكلاء الملك والوكلاء العامين  ونوابهم في التعاطي مع قضايا المواطنين. ولا أحد ينكر أن المملكة تعج بإعلاميين نزهاء، وأن محاكمها تعج بقضاة ومسؤولين في عدة مراكز ومستويات.. شرفاء. يسهرون الليالي من أجل التحقيق والبحث والتحليل في الأدلة والقرائن والمحاضر الأمنية والدركية لإنصاف المظلوم ومعاقبة الظالم.. لكن انعدام أو سوء الثقة التي ترسخت بين السلطتين، شلت كل تعاون أو تكامل بينهما. وزاد غياب أو ضعف التواصل لدى السلطة القضائية، والحذر الزائد في نشر المعلومة، من اتساع الهوة بينهما. كما زادت الإشاعات الإعلامية التي تصدر عن بعض أشباه الصحافيين. أو تلك الصادرة عن خطأ من بعض مهني قطاع الإعلام بسبب التسرع والبحث عن السبق، وعدم التركيز أو بناء على مصادر مزيفة.. (زادت) من غضب واستياء المسؤولين القضائيين المستهدفين بها. هذا الوضع المتعفن يسدي بضلاله على كل القطاعات العمومية والخاصة بالبلاد. والحياة اليومية للمواطنين تعاني من انعدام الثقة والإدمان على الانتقاد والانتقام والابتزاز والنصب و.. وهناك من باتوا يتفننون في ابتكار أساليب وطرق لتوسيع دائرة هذه الانحرافات، أملا في زعزعة استقرار وأمن البلاد,. منهم من يقطنون البلاد، ومنهم المرابطين خارجها .. الذين اختاروا العطالة، وتركوا مهامهم الإعلامية والسياسية والاقتصادية. بعد أن وجدوا أحضان غربية دافئة توفر لهم حياة الرفاهية والسياحة الدولية بالعملة الصعبة، مقابل التجسس على بلدهم ودعم ضرب استقراره.  لابد إذن من إيجاد حلول سريعة لإنهاء الصراع والجدل وتقوية الثقة بين قطاع العدالة وصاحبة الجلالة من أجل تمكين كل سلطة من أداء واجبها الوطني المتمثل في الإنصاف والتكامل. ولتفادي المساهمة في زرع الفتن والبلبلة التي يزيد من لهيبها خصوم الوطن والمستأجرين لديهم. والتي أدخلت شعبا بأكمله في دوامة الشك في كل إجراء أو مبادرة وطنية.. وأفرخت إعلاما بديلا بمواقع التواصل الاجتماعي وأنظمة التواصل الهاتفية. مهمته تسويق وتغذية الإشاعات.. دون اعتبارا لما يفرزه هذا التعفن الإعلامي من مضار للمغاربة وتعطيل للتنمية.  قد يقول قائل إن سبب هذا التصدع الإعلامي/ القضائي، يعود بالأساس إلى عدم استقلالية الجهازين. وأن لبعض السياسيين و أصحاب (الشكارة) بالمغرب دروعا وأرجلا ملوثة تنفد بها إلى داخل مؤسسات إعلامية وقضائية وتوجهها إلى حيث مصالحها الشخصية. الأكيد أن مثل هؤلاء المفسدين يهددون كفاف وعفاف السلطتين، وأنهم يحاولون التسلل إلى كل القطاعات والمؤسسات، ويسعون جاهدين إلى التموقع داخل كل السلط التي تدبر شؤون البلاد بما فيها (التشريعية والتنفيذية). وقد تأذت البلاد وتتأذى بسببهم.  لكن السر الحقيقي وراء الصراع القائم والدائم بين السلطتين، يبقى منحصرا في عدم متانة العلاقة التي تربطهما، وضعف آليات التعامل بينهما، وخصوصا على مستوى تدبير المعلومة والكشف عنها في أوانها، وطرق نشرها وتبليغها للمواطنين والمسؤولين والمعنيين. طبعا مع احترام سرية الأبحاث والتحقيقات وخصوصيات بعض الأطراف والحيوات الخاصة للأشخاص. فعملية الكشف عن المعلومة لا تنحصر في إصدار البلاغات القضائية التي غالبا ما تكتسيها العموميات بدون المعطيات اللازمة للإعلامي والمواطن. التي لا تشفي غليل بعض الإعلاميين. ولا في تصريحات شخصيات قضائية تتعامل بحرص زائد في الكشف عن خبايا الأمور.. فهل يدرك رواد السلطتين أنهم الأمل والمستقبل الضامن لنهضة البلاد وتطهيرها؟..     

 بوشعيب حمراوي