يعيش المسلمون و خاصة العرب منهم أسوأ أيامهم في تاريخهم منذ أن قام المسيحيون بشن حروب لإعادة الأندلس لسيطرتهم ابتداء من قرطبة 1236م و اشبيلية 1248 م نهاية بسقوط دولة بني الأحمر في غرناطة سنة 1492 م ، ثم جاء دور سقوط بغداد على أيدي المغول سنة 1258 م

فلم يكتب التاريخ بعد على أمتنا انحطاطا ولو أنها كانت مستضعفة تارة و تارة أخرى أقل ضعفا عن مجازر كما هي موجودة اليوم بسوريا و اليمن ، وكما وقعت بالعراق و قبلها في أفغانستان و بعدها في نيا نمار ، و لا ننسى ليبيا ولا السودان و حتى ما يجري بباكستان ، وما وقع للمسلمين في البوسنة و كوسوفو من قبل ، و ما لا يتوقف في فلسطين و خاصة قطاع غزة. فلا كلام عليهما لأنهما منذ 1948 ثم 1967 وهما تحت الاحتلال ولا حل .

العرب و المسلمون يضعون ثقتهم في الولايات المتحدة و في روسيا و معهما مجلس الأمن ، فلا روسيا ولا أمريكا ولا مجلس الأمن حقق لهم ما يرجون . سوى الاستنكار و تنديد و طلب ضبط النفس.... و الدّمار متواصل .

مثالا الغوطة الشرقية بسوريا التي ينزف فيها الدّم اليوم وكأنه معصرة للدّم ، فأكثر من 400 قتيل من المدنيين بسلاح روسيا ونظام الأسد جلهم أطفال ونساء وشيوخ ، ناهيك عن عدد الجرحى في مدة لا تتجاوز أربعة أيام مؤخرا ، ثم غزة التي ضاق بساكنيها العيش وأصبح فيها مراً بل لا يطاق ، لا ماء ولا كهرباء ولا أجرة عمال و موظفين ولا رغيف و لا حليب للأطفال ، خناق وحصار من كل الجهات من العدو والصديق و ربما حتى من الأخ في العروبة و الدّين .

استخدمت روسيا 11 مرة حق الفيتو حماية لنظام الأسد منذ 2011 م إلى يومنا هذا و هي تزوده بأحدث الأسلحة و تشارك معه بطائرتها المتطورة في قهر شعبه ليبقى عليهم كالسيف ، " أنا أو الدمار " ، و استخدمت الولايات المتحدة 43 مرة حق الفيتو لصالح إسرائيل من سنة 1973 م ،و هي تزود إسرائيل بالمال والعتاد و تؤيدها في كل ما تقوم به من ظلم جائر على الفلسطينيين باغتصاب أراضيهم و بعزلهم عن العالم بسور العنصرية والقهر و تجريدهم من كل الحقوق المشروعة دوليا ، فهل بقي للعرب و المسلمين شك من قول ربهم الذي يقول و هو الحق " وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ " سورة البقرة .

و جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي عبد السلام ، عن ثوبان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها}، فقال قائل : أ ومِن قلة نحن يومئذ ؟ قال : { بل أنتم يومئذٍ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن } ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال : { حب الدنيا ، وكراهية الموت } صححه الألباني. و في حديث آخر الذي يرويه النعمان بن بشير -رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم : (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )) رواه الشيخان ، فجسد الأمة يشتكي ولا مجيب ، أصبح كل عضو في الجسد لا يعتني إلاّ بنفسه ولا يؤلمه ما يشتكي منه العضو الآخر ، هذا هو حال أمتنا اليوم.

أمتنا اليوم تكالب عليها غيرها و أيّدهم مَن هم منها فوقع التشرذم والشتات ، فالله نسأل أن يرد بحكام الأمة إلى رشدهم و أن يضعوا حدا لهذا النزيف الدموي الذي يجري بين أزقة ودروب مدن وقرى الدول الاسلامية والعربية ، و أن يحققوا لشعوبهم على أقل تقدير العيش الكريم و الأمن السليم .



الحسن بنونة