فوجئت كعضوة سابقة بلجنة العدل والتشريع خلال الولاية البرلمانية السابقة والتي ناقشت قوانين تنظيمية تتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة، بما أورده القاضي الكبير على حد تعبير كاتب مقال في كواليس الأخبار، الصفحة الخامسة من جريدة الأسبوع الصحفي بتاريخ 2018/2/15، من كون مذكرات رئيس النيابة العامة تصلح للاستئناس فقط وأن السجن ينتظر السائقين المغاربة رغم تطمينات عبد النباوي، في سياق توجيه دورية مؤرخة في 2018/2/8 حول تطبيق الإكراه البدني في مخالفات السير من طرف رئيس النيابة العامة إلى الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية، يذكرهم بأحكام المسطرة الجنائية التي تقتضي أن يكون المقرر القضائي المطلوب تنفيذه حائزا لقوة الشيء المقضي به ومبلغا بصفة قانونية إلى المحكوم عليه وأن يوجه إليه إنذار يبقى بدون جدوى رغم مرور ثلاثين يوما، والإدلاء بما يفيد عدم إمكانية التنفيذ على أموال المحكوم عليه بالإضافة إلى موافقة قاضي تطبيق العقوبات على تنفيذ الإكراه البدني، طالبا منهم مراجعة أوامر الاعتقال في هذا الشأن، والتأكد من سلوك المسطرة القانونية.

ولعل ما تمت الإشارة إليه من كون المشاكل القانونية يجب حلها عبر القانون وليس عبر الدوريات، ليجعلنا نتساءل فعلا إن تم اطلاع “البعض ممن يقدمون الفتاوى القانونية” حتى ولو تعلق الأمر بالقاضي الكبير الذي استند مقال “الأسبوع” إلى رأيه، على بنود الدستور والقوانين التنظيمية المكملة له، أم أن الأمر يتعلق بمجرد تصريحات مطلوقة على عواهنها ومنعدمة السند.

ذلك أنه بالرجوع إلى الفصل 110 من الدستور في فقرته الثانية  نجده ينص “على أن قضاة النيابة العامة يلتزمون بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها، وأن أعلى سلطة هي رئاسة النيابة العامة”، لذلك شتان بين التعليمات القانونية الكتابية الصادرة عن سلطة مختصة بقوة الدستور والقانون، والتطمينات التي يؤخذ بها على سبيل الاستئناس كما ورد في مقال جريدة الأسبوع، إضافة إلى ذلك نص الفصل 116 من الدستور بأن التقارير التي تهم قضاة النيابة العامة يتم تقييمها من طرف السلطة التي يتبعون لها، وفي نفس الاتجاه نص الفصل 66 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية وتماشيا مع مقتضيات الدستور، أن المجلس يراعي بالنسبة لقضاة النيابة العامة تقارير التقييم المقدمة من قبل الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا  للنيابة العامة، وفي نفس السياق جاء الفصل 25 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة ليضع قضاة النيابة العامة تحت سلطة ومراقبة الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض والسلطة تعني وجود علاقة تسيير بين الرئيس الروسي.. وأما المراقبة فتفيد وجود علاقة مهنية تسمح بالأطباق على أداء الرؤوس وتقييمه مع إمكانية التوجيه. لذلك فإن تعليمات رئيس النيابة العامة ملزمة لأعضائها بقوة الدستور والقوانين التنظيمية المشار إليها أعلاه، إضافة إلى ذلك فإن القانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة ينص على أن هذا الأخير يحل محل وزير العدل في ممارسة الاختصاصات الموكولة للوزير المتعلقة بسلطته وإشرافه على النيابة العامة وعلى قضاتها بما في ذلك “إصدار الأوامر والتعليمات الموجهة إليهم طبقا للنصوص التشريعية”.

وإذا كانت اختصاصات وسلطات وزير العدل قد تم نقلها إلى رئيس النيابة العامة، فهذا يعني أن هذا الأخير قد أصبح هو المعني بتطبيق المادة 51 من قانون المسطرة الجنائية، إذ يشرف على تنفيذ السياسة الجنائية ويبلغها إلى الوكلاء العامين للملك اللذين يسهرون على تطبيقها علما أن لرئيس النيابة العامة تبليغ الوكلاء العامين ما يصل إلى علمه من مخالفات للقانون الجنائي، وبالتالي فإن وصف التعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن جهة مختصة بمجرد تطمينات يؤخذ بها على سبيل الاستئناس.

وأما القول بأن استقلالية النيابة العامة عن تعليمات وزارة العدل زادت الأزمة تعقيدا، فإنه ينم عن عدم الاطلاع وعدم مواكبة الدستور والقوانين التنظيمية المكملة له والقانون المتعلق بنقل صلاحيات الوزير وسلطاته على النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة.

سليمة فراجي