واصلت القوات العراقية الاثنين التقدم بهدف استعادة السيطرة على المدينة القديمة في قلب الجانب الغربي للموصل، حيث يحاصر تنظيم الدولة الإسلامية آلاف المدنيين في هذا الجانب من المدينة التي تعد آخر أكبر معاقله في العراق.

وتمثل استعادة السيطرة على المدينة القديمة ضربة قوية للجهاديين لوجود جامع النوري الذي أعلن منه زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي "الخلافة"في 2014 في مناطق سيطرة التنظيم في العراق وسوريا.

وتضم المدينة القديمة التي تقع في قلب الجانب الغربي من نهر دجلة الذي يقسم الموصل إلى شطرين، مباني متلاصقة وشوارع ضيقة لا تسمح بمرور غالبية الآليات العسكرية التي تستخدمها قوات الأمن، ما يجعل المعارك فيها أكثر خطورة وصعوبة.

وتمثل عملية السيطرة على هذه البقعة من المدينة، في إطار عملية انطلقت في 19 فبراير/شباط لاستعادة الجانب الغربي لمدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق.

وقال العميد مهدي عباس عبدالله من قوات الرد السريع إن "العمليات مستمرة. تدور معارك شرسة في المنطقة القديمة فيها بنايات وأسواق وطريق ضيقة يتحصن فيها العدو".

وأكد أن "العدو انكسر ونحن في تقدم إلى الأمام إن شاء الله"، موضحا "سنباشر من الجسر الحديدي باتجاه الغرب" في إشارة لتقدم القوات نحو عمق المدينة القديمة، مؤكدا أيضا وجود مقاومة تتمثل بقناصة متحصنين في بنايات عالية.

وقال "جرت أمس (الأحد) معارك ضارية استنزفنا فيها العدو وقتلنا ما يقارب عشرين إلى ثلاثين من الدواعش الإرهابيين".

واستعادت القوات العراقية السيطرة على العديد من الأحياء والمواقع المهمة بينها مبنى مجلس محافظة نينوى(كبرى مدنها الموصل) ومتحف الموصل، خلال الأيام الماضية.

وحذرت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق ليز غراند من تعرض المدنيين إلى مخاطر كبيرة جراء المعارك التي تدور في مناطق سكنية.

وقالت إن "المدنيين الذين فروا اخبرونا أنه من الصعب جدا الدخول إلى أو الخروج من المدينة القديمة والعائلات تخشى خطر التعرض للرصاص في حال هربها وخطر في حال بقائها".

وأضافت "هذا رهيب، مئات الآلاف من المدنيين محاصرين وفي ظروف خطرة للغاية".

ورغم المعارك التي تدور في الجانب الغربي من الموصل، ما زال من الممكن بالنسبة لبعض السكان الفرار.

وقال وزير الهجرة والمهجرين العراقي جاسم الجاف في بيان إن "أعداد النازحين منذ انطلاق عمليات تحرير الساحل الأيمن (الغربي) لمدينة الموصل بلغت 181 ألف" شخص.

وأضاف "تم إسكان 11 ألفا منهم في مخيمات الإيواء التي خصصتها الوزارة لهم كما تم إيواء نحو سبعين ألفا مع المجتمع المضيف في أيسر الموصل (الشرقي) والمناطق الأخرى من جنوبه".

وأكد أن "الوزارة بالتنسيق مع شركائها، لديها إمكانية (حاليا) لاستقبال 100 ألف نازح " جدد.

وقام عدد كبير من أهالي الجانب الشرقي للموصل باستقبال أقرباء وأصدقاء لهم من أهالي غرب المدينة.

ووفقا للأمم المتحدة، فإن عدد النازحين قد يرتفع خلال تقدم القوات العراقية في الجانب الغربي الذي استعادت نحو نصف أحيائه، وتحاول كسر دفاعات الجهاديين في المدينة القديمة الذي يعد هدفا استراتيجيا في المعركة.

وقالت غراندي في هذا الصدد إن "منظمات الإغاثة تتحضر لاستقبال ما بين 300 إلى 320 ألف مدني إضافي يحتمل أن يفروا من الموصل خلال الأسابيع القادمة".

وأشارت إلى أن "العمليات الإنسانية في الجانب الغربي من الموصل أكثر تعقيدا وصعوبة منها في الجانب الشرقي".

وأوضحت أن "الفارق الأساسي هو أن آلاف العائلات قررت البقاء في منازلها في الجانب الشرقي في حين أن عشرات الآلاف في الجانب الغربي يفرون".

وتابعت "كنا نستعد لعملية الموصل منذ أشهر لكن الحقيقة أن حجم الأزمة يتجاوز حدود طاقتنا، لكننا سنعمل على تحقيق أفضل ما بوسعنا لضمان تقديم المساعدة للناس".

ويبقى هذا العدد صغيرا مقارنة بحوالي 750 ألف شخص يقدر أنهم لا يزالون داخل الأحياء الغربية للموصل لدى انطلاق العملية.

وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان مدينة الموصل كان مليوني نسمة قبل سيطرة الجهاديين عليها في يونيو/حزيران 2014.

وتمكنت القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن من استعادة غالبية المناطق التي سيطر عليها الجهاديون في العراق بعد هجومهم الواسع النطاق عام 2014.

تجنيد اجباري

وقال سكان فارون ومسؤولون عراقيون الاثنين إن تنظيم الدولة الإسلامية يجبر شبانا في غرب الموصل على القتال من أجله دفاعا عن الجيوب المتبقية في المدينة التي كانت معقلا للتنظيم في مواجهة هجوم القوات الحكومية.

والتجنيد الإجباري مؤشر على تزايد يأس المتشددين بعد أن دخلت المعركة شهرها السادس لاستعادة المدينة التي كانت ذات يوم المعقل الرئيسي في العراق لدولة الخلافة التي أعلنها التنظيم.

واستأنفت قوات النخبة في الشرطة الاتحادية ووحدات الرد السريع تقدمها الحذر صوب جامع النوري الكبير في المدينة القديمة بغرب الموصل.

لكن آلاف الأشخاص استغلوا الطقس الممطر والضباب للفرار في الصباح الباكر من المناطق التي يسيطر عليها المتشددون والوصول إلى خطوط القوات الحكومية.

وقال عدد من النازحين إن المتشددين يستخدمون السكان كدروع بشرية ويختبئون في منازل ويجبرون الشبان على القتال.