لم يبق لنا ما يقال ، لقد أتينا على قاموس الكلمات التي وصفنا بها حالة الجزائر ونظام الجزائر وحكامها الظاهر منهم والخفي ، وما قلنا في الشياتة الذين يحيطون بالنظام ينفخون فيه ويأكلون أرزاق الشعب الجزائري ، لقد انتهى قاموس كلمات حاولنا بها استفزاز الشعب الجزائري لينتفض ضد أخطبوط الحكم الديكتاتوري الشمولي البوليسي القمعي في الجزائر ... لم يشعر الشعب الجزائري أنه يعيش داخل جدران مغلقة وهو لا يدري أنه سجين إيديولوجية حكامه المهترئة واختياراتهم الاستراتيجية الفاشلة التي يؤدي الشعب وحده اليوم ونحن في 2017  ثمن فشلها لأن الحكام وأبناؤهم قد وفروا لأبنائهم وحفدتهم ما يعيشون به خارج الوطن قرونا وقرونا بعد انهيار الجزائر .

أولا : ما هو جدار برلين إفريقيا :

تَمَّ بناء جدار برلين الإفريقي المحوري من بعض الدول منهم الجزائر ، دول تجمع بعضهم إيديولوجيا مترهلة أكل عليها الدهر وشرب ، كما تم ترقيع هذا الجدار بمحور آخر مصلحي مؤامراتي ، أما محور الجدار الإيديولوجي فكان يجمع الجزائر وأنغولا والموزمبيق وإثيوبيا وتانزانيا وغيرها من الأنظمة التي اعتمدت ما يسمى الاختيار الاشتراكي أو الشيوعي ، أما المحور المصلحي المؤامراتي فكانت الجزائر تشكل عنصرا مهما من عناصره ويتكون هذا المحور من الجزائر وليبيا القذافي ونيجيريا وجنوب إفريقيا وزيمبابوي ويحيط بجدار برلين الإفريقي هذا دول فقيرة تقتات من فتات الدول النفطية الغنية من دول هذا الجدار مثل تونس ومالي والنيجر وموريتانيا وغيرها التي لم تلحق بالمحور الإيديولوجي بل مالت إلى المحور المصلحي المؤامراتي الذي يشتري منها مواقفها السياسية في المحافل الدولية ، يعني أن هذه الدول الأخيرة كانت لا شخصية لها بل هي فقيرة اقتصاديا وضعيفة عسكريا تخاف بطش محور الجزائر ليبيبا القذافي ، والجزائر نيجيريا جنوب إفريقيا .

هكذا بني جدار برلين إفريقيا بعيدا عن إرادة الشعوب ، جدار نجد دول الجزائر وليبيا القذافي ونيجيريا وجنوب إفريقيا تهيمن على تسطير سياسات التفقير والتخلف والتبعية في إفريقيا عموما وتسيطر على قرارات منظمة الوحدة الإفريقية سابقا والاتحاد الإفريقي الذي خلفه ...

ظل جدار برلين إفريقيا صامدا باليترودولار والإيديولوجيات ذات الشعارات الخاوية البالية المهترئة ، ولم يكن يتصدى لهذا الجدار سوى بضعة دول لها ثقة في نفسها واختياراتها المتناقضة مع اختيارات حكام جدار برلين الإفريقي السيء الذكر ، ويمكن أن نذكر من هذه الدول التي صمدت ضد هذا الجدار المتغول في إفريقيا مثلا السنيغال والغابون والمغرب ومصر والسودان وتشاد وكوت دي فوار وغينيا كوناكري والكونغو الديمقراطية .

ثانيا : ما هو قاموس الكلمات التي وصفنا بها حالة الجزائر ؟:

1)   اختيار الحكم البوليسي الشمولي القمعي المنسوخ من الأنظمة البوليسية الشمولية لأوروبا الشرقية التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي المنهار والذي يعتمد على إحصاء أنفاس الشعب واغتيال المعارضين

2)   اختيار نموذج الاقتصاد المُوَجَّه الذي تهيمن عليه الدولة وقمع المبادرة الفردية ، واعتماد الريع النفطي والغازي دون البحث عن تنويع مصادر الاقتصاد مما نشر الكسل والتواكل بين الشباب الجزائري المحروم من المشاركة في الحكم والاعتماد الكلي على الدولة .

3)   المراهنة على البروباغاندا الإعلامية المُنْتِجَة للأكاذيب والتزوير وقلب الحقائق وقراءة الأحداث الدولية قراءة خاصة ومن زاوية واحدة مع إقصاء كل الآراء المخالفة ومحاربتها بشراسة واغتيال المعارضين للنظام .

4)   الحرص على تزوير التاريخ وتاريخ المنطقة المغاربية بكاملها على الخصوص وليس تاريخ الجزائر وحده حتى ولو كانت كل مصادرالدنيا تؤكد حقائق أخرى واحدة ووحيدة حول تاريخ المنطقة المغاربية فإن حكام الجزائر صنعوا تاريخا مزورا 100% تآمر على صنعه أشباه الأكاديميين الجزائريين ...

5)   نشر أوهام وأكاذيب القوة الإقليمية العظمى وذلك باستغلال آلة البروباغاندا السابقة الذكر لنشر سلسلة من الأكاذيب وعلى رأسها أن الجزائر قبلة للثوار وأنها قوة اقتصادية ضاربة ستصبح في القريب العاجل هي يابان إفريقيا !!!!.

6)   غرور الدولة العظمى التي ترعى تقرير مصائر شعوب العالم المقهورة وخاصة شعوب المنطقة المغاربية لدرجة التفكير في صناعة دويلة تطل على المحيط الأطلسي على حساب تنمية الشعب الجزائري وقوته اليومي طيلة 42 سنة .

7)   الحرص الدائم على إعلان أن المغرب هو العدو الوحيد للجزائر ويجب أن يعلنه حكام الجزائر دائما وأبدا ويمارسونه  قولا وعملا ، مثلا بوتفليقة يردد أنه هو الذي سيعطي للمغرب  ( طريحة ) والجنرال سعيد شنقريحة يقول صراحة إن عدو الجزائر والبوليساريو هو المغرب ...وويل لمن يقول غير ذلك وإلا سيكون مصيره كمصير المرحوم بوضياف الذي اغتيل بالرصاص أمام كاميرات العالم فقط لأنه كان ينوي طي صفحة العداء مع المغرب الذي احتضنه وعاش فيه .

8)   ومن قاموس الأوصاف التي كان شرفاء الجزائر وأحرارها يصفون بها الحالة الجزائرية يمكن أن نذكر على سبيل المثال وليس الحصر ( تعرت عورة حكام الجزائر في كذا وكذا – الفساد المستشري في الجزائر هو القاعدة والصلاح هو الشذوذ – عسكر الجزائر ينشر الكراهية بين شعوب المنطقة المغاربية خصوصا والعربية والإسلامية عموما – الأكاديميون في الجزائر وأساتذة الجامعات ليسوا سوى مرتزقة للنظام الجزائري يمدحونه بغباء أساتذة بومرداس نموذجا – انتشار الجفاف والقحط الفكري والسياسي بين الشعب الجزائري بدليل انعدام وجود طبقة سياسية مثقفة ومتنورة لها مشروع سياسي بديل احتاجه الشعب اليوم في 2017 ورئيسهم بوتفليقة يحتضر ، ولم يجد الشعب الجزائري سوى أَعْجَاز نَخْلٍ خَاوِيَة .

لو لم يجد حكام الجزائر في الداخل من يطبل لهم من الشياتة وهم يرقصون على نغمات أناشيد هذه الأوهام المذكور سالفا ، ولو لم يجدوا محورا في الخارج  يطبل لهم ليقضي مصالحه على حساب أرزاق الشعب الجزائري ، لو لم يجد حكام الجزائر من ينفخ في أوهامهم وأكاذيبهم لما وصلت الجزائر لهذه المذلة والهوان والانهيار الاقتصادي والغليان الاجتماعي خاصة وأن الجزائر غنية بالنفط والغاز لكن الحكام ضيعوا أكثر من 2000 مليار دولار في الاختيارات الخاسرة والفاشلة مسبقا وعلى رأسها قضية الصحراء الغربية المفتعلة .

ثالثا : سقوط جدار برلين الإفريقي يجر معه الجزائر إلى الهاوية :

ونحن في بداية عام 2017 لا يمكن أن نذكر انهيار الجزائر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا دون أن نعرج على العلامات الكبرى التي جعلت الجزائر إقونة الفشل الذريع على جميع الأصعدة والعالم يتفرج علينا - ونحن نهوي - ومنهم أفارقة كانوا بالأمس القريب يتمسحون بأعتاب الجزائر المغرورة على الفاضي ، المنفوخة بالأكاذيب والتي كان الشيء الوحيد الحقيقي الذي تملكه هو الدولار  فقط لا غير ...وقديما ردد الفرنسيون المثل السائر الذي يقول ما معناه : "  بعضهم فقير جدا لدرجة أنه لا يملك سوى كثرة المال " ... ( certains sont tellement pauvre qu’ils n’ont que de l’argent ) ...

نعم سقط جدار برلين الذي كانت الجزائر طوبة من حِجَارَتِه ، كانت طوبة هشة انهارت بزلزال دمر كل أوهام حكام الجزائر بسهولة مذهلة لا يزال حكام الجزائر سواء العسكر أوالشياتة على السواء مصدومون ولم يستفيقوا بعد من هول الكارثة التي نزلت على رؤوس الشيوخ الحاكمين في الجزائر ... بالله عليكم أي خير يأتي من الجهلة الآتية أسماؤهم : المدعو عبد المالك سلال ولعمامرة الذي اشترى لابنته دكتوراة عن وجود دويلة البوليساريو غير المعترف بها في الأمم المتحدة والتي لا وجود لها ولن يكون لها وجود على الإطلاق ، وشخص يدعى لمساهل وزير تقرير مصائر شعوب العالم في الجامعة العربية وإفريقيا والدنيا بإسرها وهو أجوف من سطل مثقوب لا يزال المسكين يلوك ترهات الحرب الباردة ، وأي خير سيجده الشعب في بوشوارب ولوح يا لوح ووو من وجوه الشر الحاكمة في الجزائر ؟؟؟؟؟ أما العسكر فلا حديث عنهم فالجنرالات الحاكمون هم الذين يلاعبون أولئك الوزراء الفئران من الشياتة المدنيين المذكورين فإن زاغ أحدهم من شياتة نظامهم يلتهمونه فورا ..

منذ القدم والحكماء يرددون: " يَصْغُرُ المَرْءُ أمامَ ذاته إذا عاش وهو يقارن دائما نفسه مع غيره ". لقد سجن حكام الجزائر أنفسهم في قوقعة سياسية قطبها المحوري مقارنة الجزائر بالمغرب ولو أدى الأمر إلى افتعال صراعات مجانية معه ومنافسته واعتباره مرجعا أو علامة (repère ) لفتوحاتهم وانتصاراتهم في الداخل والخارج ، في الوقت الذي لا يهتم المغرب بشيء اسمه الجزائر وانكب فيه شباب المغرب المنخرط في تدبير شؤون الدولة في إبداع الحلول التنموية للشعب المغربي خاصة بعد تولي الملك الجديد عرش البلاد ، علما بأن المغرب ليست له مقدرات طبيعية كالنفط والغاز مثل الجزائر ، ولعل ذلك كان نعمة على شباب المغرب ونقمة على شيوخ الجزائر الجاثمين على صدر الشعب الجزائري ...تقوقع حكام الجزائر في التوجه نحو المغرب ومحاربته ديبلوماسيا واقتصاديا ورياضيا وافتعال معارك معه كانت تنتهي دائما بانتصارات جزائرية وهمية من صنع وسائل الإعلام الجزائرية عدوة الشعب الجزائري ، انتصارات وهمية موجهة للداخل الجزائري لتضبيعه وتخديره بهذه الانتصارات الوهمية على المغرب حتى لا يسأل الشعب الجزائري عن مصير خيراته المنهوبة ويبقى منشرحا فرحا بتلك الانتصارات الوهمية على المغرب ....

لكن – وكما قلنا في مقالات سابقة – استطاع ملك المغرب أن يدمر القلاع الإفريقية المحصنة التي كانت تلتجيء إليها الجزائر وصنيعتها البوليساريو واقتحمها أمام ذهول حكام الجزائر وعدم تصديقهم لما يرون من انتصارات حقيقية على الأرض يحققها ملك المغرب أمام ذهول حكام الجزائر الذين حاولوا مرة واحدة تقليده فضحك عليهم العالم وذلك حينما أعلنوا عن المنتدى الإفريقي للاستثمار والأعمال في نهاية عام 2016 فكان فضيحة بكل المقاييس ضحك العالم على حكام الجزائر الذين عَرَّوْا عوراتهم للعالم بأنهم دولة متخلفة بكل المقاييس....

رابعا : قيادة المغرب تصفع حكام الجزائر بيد إفريقية من الفولاذ :       

هؤلاء الحكام في الجزائر لايزالون مذهولين وهم يرون سقوط دولة الجزائر أمام :

1)   عودة ( العدو ) المغربي إلى الاتحاد الإفريقي عودة مظفرة أصابت حكام الجزائر بالإحساس بالدونية لأن تلك العودة عرَّت حقيقة مكانة الجزائر في إفريقيا ، فعدد دول إفريقيا هو 54 دولة ، صَوَّتَ منهم لعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي ما بين 39 – 41  دولة إفريقية وذلك يعني أن هذا العدد لم يعد متفقا مع حكام الجزائر الشيوخ العجزة المعزولين فكريا وسياسيا واقتصاديا والذين أصبحوا من ماضي إفريقيا المظلم والتعيس وفي كل ذلك علامة صارخة على سقوط جدار برلين الإفريقي الذي كان رمزا للفقر والتفرقة والحروب الأهلية والانفصالية .

2)   زاد هذا الإحساس بالدونية والحكرة الإفريقية لدى رموز النظام الجزائري بعد انتصار فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على أحد رموز الفساد الرياضي الجزائري والإفريقي المدعو الحاج محمد روراوة في المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي عن شمال إفريقيا ، هذا الفوز الساحق للمغربي على روراوة كانت له أكبر من دلالة على أنه يعكس صورة عودة المغرب للاتحاد الإفريقي عن جدارة واستحقاق لأن المغرب استطاع أن يقنع الأغلبية الساحقة من دول إفريقيا شرقا وغربا بأنه دولة ذات مؤسسات لها مصدقية ومنها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ، وقبل سقوط روراوة كم سخرت وسائل الإعلام الجزائرية من المغربي فوزي لقجع وهو يقود حملة انتخابية في ربوع إفريقيا ضد روراوة حتى أصيب رؤساء الأجهزة الإعلامية الجزائرية المرئية والمسموعة والمكتوبة  بالصعقة الكهربائية التي جاءتهم من أديس أبابا ، فبعد الإطاحة بالكاميروني عيسى حياتو حليف وصديق روراوة كرئيس للكاف وخلفه أحمد أحمد من مدغشقر تبعها مباشرة الإطاحة بمحمد روراوة بنتيجة لا يزال أخطبوط النظام الحاكم في الجزائر لم يصدق ذلك كما جرى له مع عدد الدول الإفريقية التي صوتت لعودة المغرب للاتحاد الإفريقي ، لقد انهزم روراوة أمام فوزي لقجع بـ 41 مقابل 7 للحاج روراوة ...وانتهت بذلك أسطورة المؤامرات في الكواليس ضد الدول الإفريقية الفقيرة بين حياتو الكاميروني وروراوة الجزائري ، وكان ذلك أيضا علامة بارزة على سقوط جدار برلين الإفريقي الذي كان رمزا من أكبر رموز الفساد في إفريقيا ، فلم يكد حكام الجزائر يستفيقون من صفعة عودة المغرب للاتحاد الإفريقي حتى عاودتهم دول إفريقيا بالصفعة الثانية وكانت هذة المرة صفعة رياضية كان حكام الجزائر يتيهون كالطواويس أمام الأفارقة بوجود رورازو في المكتب التنفيذي للاتحاد الأفريقي ، لكن اليوم نزل عليهم الذل مع تحطيم جدار برلين الإفريقي الذي انهار عليهم حجرا حجرا ... قال أحد الجزائريين غاضبا لهذه الهزيمة النكراء  لروراوة خاصة بعد خروج فريق الجزائر في الدور الأول من كأس إفريقيا في الغابون حاصدا نتئج مهينة ، قال لو كنت مثل راوراوة لهربت للجبل وهناك سكنت لأبكي ما بقي من حياتي من جراء هذه المهانة القاتلة على يد مغربي ...   

3)   المغرب يقرر الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا المعروفة ب ( صيداو )  فالمغرب لا يخبط خبط عشواء مثل حكام الجزائر الذين رفضتهم المنظمة العالمية للتجارة ولم ينضموا لهذا التجمع الاقتصادي الإفريقي لأنهم يحتقرون الدول التي أنشأت هذا التجمع الاقتصادي لأن فيها السينيغال والكوت دي فوار وغينيا كوناكري وحكام الجزائر يعتبرون هذه الدول خارجة عن جدار برلين الإفريقي ولاخير فيهم ، والدليل على احتقار الجزائر لهذه المجموعة الاقتصادية أن موريتانيا كانت عضوا فيها فدخلت الجزائر كالوسواس الخناس لإقناع موريتانيا بالخروج من هذا التجمع الاقتصادي ، واليوم سيدخل المغرب لهذا التجمع الاقتصادي الإفريقي من بابه الواسع خاصة وأنه مُجِدٌّ مع نيجيريا في تمديد شبكة الأنابيب التي ستوزع الغاز الطبيعي على أكثر من 14 دولة من غرب إفريقيا إلى المغرب نحو أوروبا ...كانت كل هذه المشاريع بين يدي حكام الجزائر فأعمى الله بصيرتهم بكثرة المال الذي أحبوه وعبدوه كاليهود فأخزاهم الله شر الخزي ، إذا دخل المغرب لهذا التجمع الاقتصادي الإفريقي ستصبح الجزائر قزما اقتصاديا معزولا أمام مشروع ضخم سينشر النماء الاجتماعي في هذه الدول ابتداءا من ضمان الغذاء لشعوب هذه المنطقة اعتمادا على ضمان الطاقة إلى ضمان التنمية الاجتماعية المستدامة اعتمادا على الذات بمساهمة الخبرات المغربية التي اكتسبها الشباب المغربي مضطرا لأن المغرب لا يملك مقدرات طبيعية تجعله يتواكل على الدولة بل شمر على سواعد الجد فابتكر طرقا لكسب العيش استطاع أن يقنع بمشاريعه التنموية عموم إفريقيا التي وقعت مع المغرب عشرات الاتفاقيات للاستفادة من خبراته التنموية في إطار واضح هو التعاون جنوب جنوب بسياسة رابح رابح بلا مؤامرات ولا إيديولوجية سوى النية الصادقة من أجل محاربة الهشاشة والفقر بالوسائل الذاتية بدون شعارات جوفاء.  

خامسا : ضياع دول إفريقيا من يد الجزائر سببه حكام سفهاء مرضى بالعظمة والمكابرة :   

لقد كان الكد والجد لبناء الثقة الاقتصادية والتجارية بين المغرب وعدد من الدول الإفريقية قد ابتدأ بالمعاملات التجارية التي تضمن تتبع تمويلها من طرف أبناك مغربية لها فروع في كثير من الدول الإفريقية منذ سنين وكما يعلم الجميع فحكام الجزائر لم يفتحوا أي فرع لأي بنك في إفريقيا ، فقد كان الأمر منذ أن كان بوتفليقة وزيرا للخارجية كان يحمل حقيبة دبلوماسية مملوءة بمئات الآلاف من الدولار نقدا وعلى طريقة العجائز الذين يحملون ( صُرَّة bourse  ) فيها مئات الآلاف من الدولارات له حرية التصرف فيها يعيش حياته الديبلوماسية في الكواليس وبتلك الطريقة بنى جدار برلين إفريقيا ، بناه في الكواليس يسياسة التآمر والغدر والمخاتلة بإيعاز من بومدين والشعب الجزائري يمضغ الحسرات تلو الحسرات ، فلو استثمرت الجزائر أموالها في مشاريع اقتصادية عبر شبكة من الأبناك الأفروألجيري لكانت سيدة إفريقيا لكن حكام الجزائر كانوا يسخرون من المغرب الذي كان يزحف ببطء نحو غزو إفريقيا عن طريق رجال ونساء أعمال لهم خبرة في ميدان المال والأعمال وعن طريق شبكة بنكية منتشرة في إفريقيا دون أن ننسى شبكة شركات التأمين التي تضمن الجانب القانوني في المبادلات التجارية ، أين كان حكام الجزائر ؟ كانوا يضحكون على ملك المغرب الشاب كما ضحكوا على والده المرحوم الحسن الثاني الذي قال في كتابه " ذاكرة ملك " حيث سأل أحد الصحافيين المرحوم الحسن الثاني مشيرا إلى الثروة التي يملكها حكام الجزائر :

            سؤال : ألم تكونوا قلقين من الموارد الهامة التي كان يدرها عليهم البترول ؟

            جواب الملك : إن ما جعلني أطمئن هو طريقة استعمالهم لتلك الموارد .

            سؤال : لماذا ؟

لأنهم في الوقت الذي كانوا يستغلون فيه البترول ، كنت أنا أشيد السدود . وأعرف أن المسؤولين الجزائريين كانوا يتهامسون عني آنذاك بسخرية ويقولون :" إنه يغرس الطماطم في الوقت الذي نحفر فيه نحن آبار البترول " وكنت لا أبالي بقولهم وأقول في قرارة نفسي " أتمنى لكم حظا سعيدا يوم سيكون عليكم أكل لحم مصنوع من البترول " وها هي الأحداث شاهدة على ما أقول [....] فالتاريخ يبقى دوما هو التاريخ ، فهو يظهر كما يجب ومتى يجب وأين يجب .( انظر ذاكرة ملك ص 82 )

الغريب أن هذا الكلام كان في أواخر عام 1992 ، وظهر التاريخ كما يجب ومتى يجب وأين يجب ، ظهر في 2017 في الجزائر مؤكدا كلام المرحوم الحسن الثاني حينما قال بإيجاز " إن ما جعلني أطمئن هو طريقة استعمالهم لتلك الموارد " ... لقد كان يراهم سفهاء يبدرون ثروة الشعب الجزائري بنزق وسفه ومكابرة .

عود على بدء :

أليس المغرب اليوم هو قبلة للعالم في منتدى كرانس مونتانا الذي حج إليه أكثر من 1200 مشارك بينهم رؤساء دول وأكبر شخصيات العالم والمنعقد للمرة الثالثة على التوالي بمدينة الداخلة جوهرة محافظة وادي الذهب ما بين 16 مارس و 21 منه 2017 وشعاره إفريقيا جنوب جنوب ، وبالأمس ألم يكن المغرب قبلة للعالم حينما نظم  كوب 22 في مدينة مراكش حول الاحتباس الحراري ما بين 7- 18 نوفمبر  حضره أكثر من 30000 مشارك من 196 دولة من بينهم 8000 من المجتمع المدني و 1500 صحفي وقد سمعنا بان كي مون وهو يمدح الروح القيادية لملك المغرب الذي استطاع أن يجمع دول العالم في هذا المؤتمر دون أن يرف له جفن ويعقد مقارنة موضوعية بين الجفاف والفقر والتخلف القيادي لحكام الجزائر وما فاه به في حق المغرب وملكه على مستوى القيادة لأنه كان متورطا في مؤامرة دبرها له كريستوفر روس ووقع فيها كالأهبل ..

لقد تم تدمير جدار برلين الإفريقي من طرف الدول الرصينة كالسنيغال وكوت ديفوار وغينيا كوناكري والغابون والسودان بقيادة ملك المغرب الذي جاء بالبديل الاقتصادي التنموي للشعوب الإفريقية ، بعد أن كفته هموم السياسة الداخلية طبقة من المثقفين والجامعيين الأكاديميين الذين لهم بدائل ومشاريع سياسية متعددة كتعدد بنية المجتمع المغربي من شماله إلى جنوبه ...وليس كالجزائر التي لا تملك طبقتها المثقفة من الأكاديميين أي مشروع سياسي ... تم تدمير جدار برلين الإفريقي ولايزال حكام الجزائر متشبتين بقشة الكركرات التي ظنوا أنهم قد ورطوا المملكة في حين تبين للأمين العام للأمم المتحدة الجديد أن الجزائر والبوليساريو وموريتانيا هي المتورطة في قندهار من خلال عصابات  تحت إشراف الجنرال سعيد شنقريحة مع شبكة من البلطجية مكونة من بعض عناصر البوليساريو وبعض المجرمين الموريتانيين ، شبكة شنقريحة تخصصت في جني الأتاوات من الشاحنات العابرة من وإلى موريتانيا فتكون فضاء من حوالي 4 كلم لا سلطة فيه إلا لعصابة الجنرال سعيد شنقريحة فكانت فضاء للتنسيق مع الإرهابيين في المنتشرين المنطقة ومع عتاة الجريمة العابرة للقارات التي تتجاجر في البشر والسلاح والمخدرات الصلبة القادمة من أمريكا الوسطى أو الجنوبية عبر المحيط الأطلسي ، بعد مجيء الأمين العام للأمم المتحدة الجديد زادت عورة شنقريحة انكشافا لأن أنطونيو غوتيريس متحرر من هيمنة النظرة التآمرية لروس وعصابة بان كي مون ، فعند زيارة زعيم البوليساريو مؤخرا للقاء أنطونيو غوتيريس في نيويورك فقد زَجَّ هذا الأخير  بالمسمى غالي في لقاء معه على انفراد في ركن ضيق لم يستطع معه مغتصب النساء قائد البوليساريو أن يحرك ساكنا لأنه متورط في خرق وقف إطلاق النار لأن المغرب انسحب من الكركرات فورا وبقيت عناصر من البوليساريو يجب أن تعود إلى تندوف ، وهو الأمر الذي لم يجد معه مغتصب النساء سوى الهروب إلى الأمام والتصريح بعد الإهانة التي لقيها من أنطونيو غوتيريس التصريح بالعودة إلى أسطوانة حمل السلاح وهو لا يزال في نيويورك ...

فهل تستطيع الجزائر ( بمستقبلها الغامض سياسيا واقتصاديا واجتماعيا )  وموريتانيا التي لا يزيد نظامها إلا غرقا في وحل العسكرتارية التي أصبحت منبوذة في عموم إفريقيا  والبوليساريو الذي انتهى نهائيا بعد أن انهارت الجزائر اقتصاديا أيام كانت تضخ شرايينه بالملايير من الدولارات ، فهل يستطيع هذا الثلاثي الميؤوس منه أن يشكل حائطا جديدا قويا بعد أن تخلت عنهم جميعا كل دول إفريقيا ؟

متى سيستفيق حكام الجزائر من الصدمات التي توالت عليهم ، دولة بلا رئيس وضربات من العدو الشقيق المغرب وخزانة فارغة ومطالب شعبية متزايدة وإهانات دولية متتالية وخاصة من دول إفريقيا التي لم يبق لهم من 54 دولة كانت تناصرهم سوى 7 دول ..

فهل الجهالة الجهلاء والضلالة العمياء والمكابرة العجفاء لحكام الجزائرهي التي ستداوي جراح الصدمات القوية جدا لتي تلقاها حكام الجزائر من كل الجهات ...

يا عسكر موريتانيا الحاكم لقد انهار جدار برلين الإفريقي وجر معه الجزائر إلى الهاوية فلن تجدوا الخير فيمن انتهى وأصبح في خبركان ، فَكِّرُوا قبل أن تندموا ... وسترون قريبا وزراء من كينيا وجنوب إفريقيا يزورون المغرب قريبا ... فلا تتأخروا عن النهضة الإفريقية الجديدة .

 

سمير كرم خاص للجزائر تايمز