سجلت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس تمايزا جديدا مرة أخرى عن عقود من السياسة الأميركية المتعلقة بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي مع لقاء استثنائي جمع مبعوثه الخاص مع ممثلين عن المستوطنين.

وسبق أن عبر ترامب الشهر الماضي عن موقف مغاير لذلك الذي اعتمدته الإدارات الأميركية المتعاقبة من خلال إعلان عدم تمسكه بحل الدولتين لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

إلا أن لقاء مبعوث ترامب بوفد من المستوطنين يشكل سابقة ويؤسس على ما يبدو لدعم أميركي لسياسة الاستيطان المثيرة للجدل.

وقد يشكل هذا اللقاء ضوءا أخضر أميركي للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية في الوقت الذي تحذر فيه الأمم المتحدة والعديد من الدول الغربية من نسف عملية السلام.

وأكدت السفارة الأميركية أن جيسون غرينبلات الممثل الخاص للرئيس الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط، أجرى محادثات مع قادة من المستوطنين في القدس في إطار لقاءات يجريها هذا الأسبوع في زيارته لإجراء محادثات حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأعلن مجلس "يشع" الاستيطاني أن الاجتماع الذي شارك فيه زعيمان من الحركة الاستيطانية قد يكون أعلى اجتماع رسمي يجريه.

وقال متحدث باسم المجلس إن "ممثلين عنه التقوا مع جون كيري وغيره على هامش الأحداث، ولكن لم يكن لدينا اجتماعات رسمية مثل هذا"، مضيفا "لم تجتمع الإدارة السابقة هكذا" مع المستوطنين.

ويعتبر المجتمع الدولي كل المستوطنات غير قانونية، سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أم لا، وإنها تشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق السلام. ويتجنب مسؤولون دوليون كبار في العادة هذه اللقاءات.

وكان وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون عقد الأسبوع الماضي خلال زيارته إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية اجتماعا مع حركة السلام الآن الإسرائيلية المناهضة للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ودعا قادة المستوطنين جونسون للقائهم أيضا إلا أن مسؤولا في السفارة البريطانية أكد أن ضيق الوقت لم يسمح له بذلك.

وجهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين متوقفة بالكامل منذ فشل المبادرة الأميركية في أبريل/نيسان 2014.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أكد الخميس في اجتماع لحكومته أنه يبحث المضي قدما في البناء في المستوطنات مع إدارة ترامب.

وقال نتانياهو في تصريحات نشرها مكتبه "ننوي التوصل إلى سياسة متفق عليها حول البناء في المستوطنات. سياسة تحظى بموافقتنا وليس فقط بموافقة الطرف الأميركي".

والتقى نتانياهو بغرينبلات مجددا الخميس وقال في بيان اثر الاجتماع إن هناك "تقدما حول هذه المسألة" بهدف "إيجاد مقاربة تعكس وجهات نظر" الحكومة الاسرائيلية وترامب.

والتقى غرينبلات الثلاثاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وكان ترامب سجل الشهر الماضي تمايزا جديدا عن عقود من السياسة الأميركية حيال الشرق الأوسط، إذ أكد خلال لقائه نتانياهو في واشنطن أن حل الدولتين ليس السبيل الوحيد لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، لافتا إلى أنه منفتح على خيارات بديلة إذا كانت تؤدي إلى السلام.

ومنذ تنصيب ترامب، أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لبناء أكثر من ستة آلاف وحدة استيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين، قبل أن يعلق البيت الأبيض على الموضوع.

ويعكس تسريع وتيرة الاستيطان رغبة الحكومة في اغتنام فترة حكم ترامب بعد ثماني سنوات من إدارة باراك أوباما التي كانت تعارض الاستيطان.

وتعد الحكومة التي يتزعمها نتانياهو الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، وتضم مؤيدين للاستيطان دعوا منذ تولي ترامب الرئاسة إلى إلغاء فكرة حل الدولتين وضم الضفة الغربية المحتلة.

وكرر نتانياهو مرة أخرى أنه يرغب ببناء تجمع سكاني جديد لسكان بؤرة عمونا الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية المحتلة التي أخليت الشهر الماضي بموجب أمر من المحكمة العليا الإسرائيلية.

وستكون هذه أول مستوطنة جديدة رسمية برعاية الحكومة الإسرائيلية منذ عشرين عاما، ومن المتوقع أن تثير انتقادات دولية حادة.

وقال نتانياهو " أكرر وأقول لسكان عمونا "أعطيتكم التزاما ببناء بلدة جديدة وسأفي بهذا الالتزام".

واعتبر محلل إسرائيلي أن لقاء غرينبلات بالمستوطنين أمر غير مألوف إلا أنه أشار إلى أنه لا يعترض عليه.

وقال ايتان جيلبوع وهو خبير في العلاقات الإسرائيلية في معهد بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجية " اعتقد أن جيسون غرينبلات يقوم باستشارة كافة القوى السياسية على اختلافها".

وتابع "أعتقد أنه من الجيد أنه التقى بهم. وكان بإمكانه أن يجتمع مع حماس أيضا لرؤية ما الذي يفكرون فيه عن المفاوضات مع إسرائيل".

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس مجلس الرئاسة في البوسنة والهرسك الصربي ملادن إيفانيتش في مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية المحتلة "سنحدد هذا الموعد في القريب العاجل".

وأضاف "أملنا أن تنتج هذه الاتصالات في النهاية سلاما تقوده الولايات المتحدة والمجتمع الدولي".

وكان ترامب اتصل هاتفيا بعباس الجمعة الماضي، ودعاه إلى زيارة البيت الأبيض.