رفعت لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد الورقة الحمراء في وجه حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبد الإله ابن كيران المكلف بتشكيل الحكومة لولاية ثانية، وذلك على خلفية "اتخاذ قرارات سياسية وإدارية أثرت على مسار الصندوق عبر إصلاحات ترقيعية"، ووقوفها على مجموعة من "الخروقات والاختلالات" التي شابت عمل الصندوق والمؤسسات المرتبطة به والذي تتحمل فيه الحكومة المسؤولية كاملة.


ووقف التقرير الذي قدمته لجنة تقصي الحقائق حول الصندوق المغربي للتقاعد اليوم الاثنين بمجلس المستشارين بالرباط، على الارتباك الذي شاب مسار الصندوق المغربي للتقاعد منذ سنة 1958، والذي ترتب عنه فقدان الاستقلال المالي للصندوق، واستحواذ الدولة على تدبير أنظمة المعاشات، كما وقفت اللجنة على مجموعة من الخروقات القانونية التي تمثلت في التسبيقات الممنوحة لنظام المعاشات العسكرية والأنظمة غير المساهمة من فائض نظام المعاشات المدنية، في غياب رصيد احتياطي للمعاشات العسكرية، ومنح معاشات بدون سند قانوني ومعاشات أخرى تحوم حولها شبهات.


وأوضح ملخص التقرير الذي يتوفر "الأيام24" على نسخة منه، أنه تم اتخاذ قرارات سياسية وإدارية أثرت على مسار الصندوق عبر إصلاحات ترقيعية، دون القيام بدراسات كافية، ولا رؤية استشرافية ودون دراسة الآثار المالية لكل إجراء، ويتجلى ذلك،حسب اللجنة دائما، في عدم تنصيص القانون المنظم للمعاشات المدنية لسنة 1971، على مساهمة الدولة بحصتها كمشغل، والتي كانت محددة في 12%، طبقا لمقتضيات القرار الوزاري المؤرخ في 15 دجنبر 1951.


وفي السياق ذاته، سجل التقرير، عدم واقعية الحياد المالي لعملية المغادرة الطوعية لسنة 2005، تجاه نظام المعاشات المدنية على اعتبار أن اللجنة التي عهد إليها بتقييم الانعكاس المالي لهذه العملية، اعتمدت على لائحة للمستفيدين منها تضم 38763 موظفا، في حين أن العدد الحقيقي الذي استفاد من هذه العلمية أكبر من ذلك بـ1244موظفا، إضافة إلى صعوبة تدقيق وحصر هذه الآثار إلا بعد وفاة جميع المستفيدين منها وذوي حقوقهم في أفق سنة 2063 .


ومن ضمن الاختلالات التي لفتت إليها اللجنة، إخفاء الحكومات المتعاقبة للقيمة الحقيقية للديون المستحقة على الدولة لفائدة نظام المعاشات المدنية، على الشركاء الاجتماعيين وعلى الرأي العام الوطني، الأمر الذي أضر كثيرا بسير مفاوضات الحوار الاجتماعي، وحال دون الوصول إلى أرضية توافقية في الموضوع.


من جهة أخرى، استعرض مقرر اللجنة بالمجلس، التوصيات التي خلص لها التقرير، حيث شدّد على أنه على الدولة أداء ما بذمتها من متأخرات مستحقة لفائدة نظام المعاشات المدنية مع احتساب الفوائد والتسبيقات المحولة لنظام المعاشات العسكرية من فائض نظام المعاشات المدنية، مع ضرورة تطوير الحكامة بالصندوق المغربي للتقاعد، وخاصة في الجوانب المتعلقة بضمان استقلالية الصندوق، وضبط صدقية البيانات المتعلقة بانخراطات الموظفين مع الخزينة العامة في كل مستوياتها مركزيا وجهويا ومحليا، ومراجعة النصوص المتعلقة بالمحفظة المالية بما يضمن تنويع الاستثمارات ويحفظ من المخاطر التي قد تهدد التوازنات المالية للنظام، ثم إحداث نظام خاص بالتعويضات العائلية يمول من طرف الدولة على غرار الأنظمة غير المساهمة.


يشار أن اللجنة عقدت جلسات استماع، على مدى 6 أشهر، استمعت خلالها للمسؤولين السياسيين والإداريين الحاليين الذين لهم علاقة مباشرة بالصندوق المغربي للتقاعد، منهم رئيس الحكومة بصفته رئيسا للمجلس الإداري للصندوق المغربي للتقاعد، ووزير الاقتصاد والمالية، ووزير الداخلية، ووزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، ومدير الصندوق المغربي للتقاعد، ومدير الميزانية بوزارة المالية، وبعض المسؤولين السياسيين والإداريين السابقين الذين تعاقبوا على تدبير ملف نظام المعاشات المدنية.