أعلن تحالف سوري لفصائل إسلامية متشددة يعرف باسم هيئة تحرير الشام الأحد مسؤوليته عن هجوم مزدوج أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في دمشق السبت.

وقالت الهيئة في بيان إن الهجوم انتقام لما وصفته بدور إيران في دعم الرئيس السوري بشار الأسد.

وأضاف البيان "تم تنفيذ هجوم مزدوج... أحدهما على تجمع للميليشيات الإيرانية المحتلة والآخر على حشود الدفاع الوطني وسط العاصمة دمشق."

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن معظم قتلى الهجوم عراقيون شيعة كانوا في طريقهم لزيارة مقبرة قرب الحي القديم بدمشق.

وهيئة تحرير الشام هي تشكيل عسكري مشارك في الحرب الأهلية السورية، أسسته عدة فصائل عسكرية منتشرة في شمال سوريا وهي جبهة فتح الشام وحركة نورالدين الزنكي ولواء الحق وجبهة أنصار الدين وجيش السنّة.

وارتفعت حصيلة قتلى التفجيرين إلى 74 قتيلا غالبيتهم من الزوار العراقيين الشيعة وبينهم ثمانية أطفال على الأقل، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاحد.

وبرغم بقائها في منأى عن المعارك العنيفة التي شهدتها غالبية المدن السورية الكبرى الاخرى، استهدفت العاصمة دمشق ومحيطها خلال سنوات النزاع الطويلة بتفجيرات دامية عدة اودت بحياة العشرات.

واستهدف تفجيران احدهما انتحاري وفق المرصد السوري، صباح السبت منطقة تقع فيها مقبرة باب الصغير في حي الشاغور في المدينة القديمة. وتضم المقبرة اضرحة بعضها مزارات دينية شيعية وسنية.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن "ارتفعت حصيلة التفجيرين لتصل الى 74 قتيلا، بينهم 43 من الزوار العراقيين و11 مدنيا سوريا فضلا عن 20 من قوات الدفاع الوطني والشرطة السورية".

واشار عبد الرحمن الى ان ارتفاع الحصيلة يعود الى وفاة البعض متأثرين بجروحهم، موضحا ان بين القتلى ايضا "ثمانية اطفال على الاقل".

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان التفجيرين، واحدهما انتحاري، استهدفا منطقة تقع فيها مقبرة باب الصغير في حي الشاغور في المدينة القديمة.

وتضم مقبرة باب الصغير أضرحة يعد بعضها مزارات دينية شيعية وسنية.

وفي وقت سابق، اعلنت وزارة الخارجية العراقية ان "الاحصاءات الاولية تشير الى سقوط قرابة أربعين شهيداً عراقياً ومئة وعشرين جريحاً بعد استهداف حافلاتهم بعبوات ناسفة".

وتشهد دمشق ومنطقة السيدة زينب جنوب العاصمة حركة سياحية دينية كثيفة خصوصا للعراقيين والايرانيين الشيعة الذين يأتون برغم الحرب لزيارة المقامات الدينية.

وافاد وزير الداخلية السوري محمد الشعار من مكان وقوع التفجيرين ان "العمل الارهابي استهدف حافلة حجاج من عدد من الجنسيات العربية".

ونقل التلفزيون السوري الرسمي ان "الجهات المختصة تمكنت من تفكيك دراجة نارية مفخخة" في منطقة مقبرة باب الصغير.

أحذية ونظارات ودماء

واظهرت صور بثها التلفزيون السوري الرسمي بقعا من الدماء على الارض واحذية مبعثرة ونظارات محطمة فضلا عن حافلة احترقت اجزاء منها وحافلات اخرى تساقط زجاج نوافذها واقتلعت ابوابها.

وروى شاهد في المكان أنه رأى بركا من الدماء في المنطقة التي فرض حولها طوق امني.

وقال احد سكان الحي ان انفجارا أولا دوى تلاه الثاني بعدما تجمع الناس في المكان.

وطالبت وزارة الخارجية السورية في رسالتين الامين العام للامم المتحدة ومجلس الامن الدولي بادانة التفجيرين.

واعتبرت في بيان نقلته وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان التفجيرين جاءا "ردا على الانتصارات التى حققها الجيش العربي السوري على تنظيمي داعش وجبهة النصرة الارهابيين والكيانات المرتبطة بهما فى العديد من المناطق".

وعادة ما تتبنى تنظيمات جهادية التفجيرات الدامية في العاصمة دمشق ومحيطها، آخرها هجوم انتحاري وقع في كانون الثاني/يناير، تبنته جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) واسفر عن مقتل عشرة اشخاص في حي كفرسوسة الذي يضم مقرات امنية واستخباراتية في دمشق.

ووقعت الاعتداءات الاكثر عنفا في في منطقة السيدة زينب جنوب دمشق التي تضم مقام السيدة زينب، وهو مقصد للسياحة الدينية في سوريا وخصوصا من اتباع الطائفة الشيعية. وشهدت تلك المنطقة في شباط/فبراير 2016 تفجيرا ضخما تبناه تنظيم الدولة الاسلامية واوقع 134 قتيلا بينهم على الاقل تسعون مدنيا.

قتلى وفرار من الرقة

في شمال البلاد وعلى وقع عملية عسكرية واسعة لقوات سوريا الديموقراطية، فرّ حوالي 300 من عائلات الجهاديين الاجانب منذ فجر الجمعة من مدينة الرقة، ابرز معاقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، باتجاه محافظة دير الزور شرقا وريف حماة (وسط) الشرقي من الجهة الجنوبية الغربية، وفق المرصد السوري.

وفي تطور آخر قتل 19 شخصا في غارات لقوات التحالف الدولي استهدفت ليلة السبت الأحد مناطق تقع على بعد أربعة كيلومترات جنوب مدينة الرقة على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد.

وقال المرصد إن "ما لا يقل عن 19 شخصا استشهدوا وقضوا في ضربات جوية نفذتها طائرات حربية يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي، استهدفت أماكن في منطقة الكسرات التي تتضمن منطقة كسرة الفرج وكسرة الشيخ جمعة والبحوث الزراعية والممتدة من ضفة الفرات الجنوبية وحتى الطريق السريع بين الباب والبوكمال عند منتصف ليل السبت الأحد".

ميدانيا أيضا أعلن المرصد تواصل المعارك بين مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية وقوات سوريا الديمقراطية في ريف الرقة الشرقي مع تسجيل "تقدم بطيء" للقوات الأخيرة.

وقال المرصد "تتواصل الاشتباكات بوتيرة عنيفة بين قوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة الإسلامية في ريف الرقة الشرقي وتتركز في محيط قرية خس عجيل بعد هجوم مضاد من قبل الجهاديين في محاولة لاستعادة السيطرة عليها".

وأضاف المرصد "تواصل قوات سوريا الديمقراطية تقدمها البطيء في ريف الرقة الشمالي وتمكنت من السيطرة على خمس قرى".

وتابع "الوضع الإنساني يزداد سوء في القرى التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم المتطرف وهناك خوف على مصير المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في فكي كماشة بين التنظيم الذي يمنعهم من الفرار والنزوح وغارات التحالف الدولي وقصف قوات سوريا الديمقراطية".

وتخوض قوات سوريا الديموقراطية، وهي تحالف فصائل عربية وكردية، منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن عملية عسكرية واسعة لطرد تنظيم الدولة الاسلامية من الرقة.

وقطعت تلك القوات كافة طرق الإمداد الرئيسية للجهاديين من الجهات الشمالية والغربية والشرقية. وبرغم ذلك لا يزال باستطاعة الجهاديين الفرار من الجهة الجنوبية للمدينة الواقعة على ضفاف نهر الفرات.

وأوضح مدير المرصد السوري أن عائلات الجهاديين فرت "عبر زوارق وعبارات إلى الضفة الجنوبية لنهر الفرات" ومنها الى دير الزور وحماة.

وتعد الرقة هدفا للعديد من الاطراف المقاتلة في سوريا. وبالاضافة الى قوات سوريا الديموقراطية، اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان مرارا ان قواته تنوي التوجه اليها، كما اكد الرئيس السوري بشار الاسد السبت ان الرقة تعد "اولوية" للجيش السوري.

وقال الاسد في مقابلة مع قناة "فينيكس" الصينية نقلتها سانا السبت "لقد بتنا قريبين جدا من الرقة الآن"، مضيفا "وصلت قواتنا إلى نهر الفرات القريب جدا من مدينة الرقة، والرقة هي معقل داعش اليوم، وبالتالي فإنها ستكون أولوية بالنسبة لنا".

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً منذ ست سنوات تسبب بمقتل اكثر من 310 آلاف مدني وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وعلى الصعيد السياسي، تطرق الاسد الى جولة المفاوضات الاخيرة التي جرت بين الحكومة والمعارضة السوريتين بين 23 شباط/فبراير والثالث من اذار/مارس في جنيف برعاية الامم المتحدة، وانتهت باعلان مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا جدول اعمال من اربعة عناوين هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الارهاب.

وقال الاسد "اننا لم نتوقع أن ينتج جنيف شيئا، لكنه خطوة على طريق ستكون طويلة، وقد تكون هناك جولات أخرى سواء في جنيف أو في أستانا" حيث عقدت جولتان من المحادثات خلال الشهرين الماضيين بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة.