تتواصل مفاوضات السلام بين الحكومة والمعارضة السوريتين في جنيف غداة تفجيرات دامية استهدفت مقار أمنية وأودت بحياة العشرات في حمص ودفعت بدمشق إلى إعادة طرح "مكافحة الإرهاب" كأولوية على جدول أعمال المحادثات.

ورغم دخول المفاوضات يومها الرابع، لم يبدأ حتى الآن في جنيف أي بحث في العمق بين الأطراف المعنيين بالمفاوضات. ولا زالت تلك الأطراف تدرس جدول الأعمال الذي من المفترض الاعتماد عليه في المحادثات.

ويلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا بعد ظهر الأحد وفدا من "منصة القاهرة"، المؤلفة من شخصيات معارضة ومستقلة بينها المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد المقدسي.

كما يلتقي دي ميستورا وفد "منصة موسكو" التي تضم معارضين مقربين من روسيا أبرزهم نائب رئيس الوزراء الأسبق قدري جميل.

ومن المتوقع أن يقدم دي ميستورا للوفدين الورقة ذاتها التي عرضها قبل يومين على وفد الحكومة السورية ووفد المعارضة المنبثق عن الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة والفصائل.

ويدرس الوفدان حاليا الورقة التي تم وصفها بـ"الإجرائية"، على أن يطلعا المبعوث الدولي على تعليقاتهما في وقت لاحق. ومن المقرر أن يلتقي دي ميستورا الوفدين في اليومين المقبلين بشكل منفصل.

وتتضمن الورقة، وفق ما قال مصدر في الوفد المعارض الأربعاء "جدول الأعمال، أي شكل الحكم السياسي والدستور والانتخابات"، على أن يتم دراستها في مجموعات عمل منفصلة.

ويرد في الورقة أيضا بحسب المصدر، أنه "لن يتم الاتفاق على شيء لحين الاتفاق على كل شيء"، وأن ينقل ملف وقف إطلاق النار والإرهاب إلى محادثات أستانا.

وركزت جولتا محادثات أستانا بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط على تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الساري في سوريا منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول 2016.

وأكد المصدر أن المعارضة تريد بحث المرحلة الانتقالية "أولا".

كما طالب دي ميستورا من المعارضة توحيد وفدها المفاوض ما من شأنه أن يسهل الانتقال إلى مفاوضات مباشرة.

وطالب وفد المعارضة الأساسي منذ اليوم الأول في جنيف بمفاوضات مباشرة مع الحكومة السورية، إلا انه لا يزال يعارض فكرة انضمام ممثلين من منصتي موسكو والقاهرة إلى عداد وفده.

الإرهاب أم الانتقال السياسي

ومنذ بدء مسار التفاوض قبل أكثر من ثلاث سنوات، تطالب الحكومة السورية بالتركيز على القضاء على الإرهاب كمدخل لتسوية النزاع المستمر منذ ست سنوات، فيما تصر المعارضة على بحث تفاصيل العملية الانتقالية وفي مقدمها تأليف هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات كاملة من دون أي دور للرئيس بشار الأسد.

وبعد لقائه دي ميستورا مساء السبت في مقر الأمم المتحدة، قال رئيس الوفد الحكومي السوري بشار الجعفري إن الجلسة تركزت على "وضع مكافحة الإرهاب كأولوية".

واعتبر أن تفجيرات حمص "السبب الرئيسي الذي يحدونا لوضع بند محاربة الإرهاب كأولوية في محادثات جنيف".

وطلب الجعفري من دي ميستورا خلال الاجتماع أن "ينقل طلب إصدار بيانات واضحة لا لبس فيها إلى المنصات (المعارضة) المشاركة في محادثات جنيف".

إلا أن وفد المعارضة السورية الرئيسي الذي يضم الهيئة العليا للمفاوضات وممثلين عن الفصائل المعارضة، يصر على وضع المرحلة الانتقالية أولوية على جدول الأعمال.

وخلال مؤتمر صحافي مساء السبت في مقر إقامته في جنيف، قال رئيس وفد المعارضة التفاوضي نصر الحريري "جئنا إلى جنيف من أجل الانخراط الإيجابي في عملية سياسية حقيقية تؤدي إلى الانتقال"، وهو يشمل أيضا مكافحة الإرهاب.

وفجر انتحاريون أنفسهم السبت مستهدفين مقرين أمنين محصنين في مدينة حمص في وسط سوريا، ما تسبب بسقوط 42 قتيلا بينهم رئيس فرع الأمن العسكري في حمص، وتبنت العملية هيئة تحرير الشام المؤلفة من جبهة النصرة سابقا وفصائل أخرى مقاتلة.

وردا على سؤال عن تفجيرات حمص، قال الحريري "ندين كل الأعمال الإرهابية التي تقوم بها كل الجهات الإرهابية، وإذا كانت حادثة حمص تخضع لهذه الأعمال الإرهابية فهذا واضح من كلامي".

واعتبر دي ميستورا بدوره أن تفجيرات حمص هدفها "تخريب" مفاوضات جنيف.

ويجري جزء كبير من الاتصالات في كواليس الفنادق التي تنزل فيها الوفود وخارج مقر الأمم المتحدة.

ويشارك فيها مبعوثون دوليون بينهم ممثلون لعدة دول داعمة للمعارضة بينها قطر وتركيا وفرنسا، بحسب مصادر في الوفد المعارض.