أصدقاءُ وأعداءُ المغرب حسب مَنْ شرَّق وغرَّب!

 على ضوء تصريح مرشح حزب En Marche في العاصمة الجزائرية، وأقول؛ إنني رأيتُ العجب من تعليقات بعض متصفحي المقال... ولا أقول قراءه، ليس بسبب التقنية المستعملة ولكن لأن القراءة ينتج عنها بالضرورة استيعاب ما كُتب والتخلي ولو مؤقتا عن الأحكام المسبقة والقناعات التجييشية وسوء الفهم العائد أصلا إلى سوء النية.

صدقوني، وأقولها بالوجه المكشوف كعادتي دون مواربة ولا تخفٍّ وراء اسم مستعار، صُدمت. أجل أصبتُ بالصدمة وأنا أبعد ما أكون عن الطوباوية وسبق لي أن رأيتُ ويلات الإنترنيت والعجب العجاب لبعض رواد الفضاء الافتراضي، لكن في مجال آخر، في إطار دراسة قمت بها منذ سنين لمواقع المواعدة، لصالح جهة تحاول تقنين الإنترنت... وهي مهمة مستحيلة كما تبين من الواقع مع توالي الأعوام.

باستثناء تعليقات تنم عن نضج ولياقة أصحابها، كانت تعليقات من دافعوا عن الاستعمار بدعوى أن فرنسا دولة صديقة ومن استغلوا الفرصة لمهاجمة الجزائر باعتبارها عدوة المغرب، عجيبة. وما عَسَانِي أقول غير ذلك في كلام معناه أننا استعمرنا بدورنا دولا وبالتالي جاز استعمارنا، وآخر يتمنى عودة هتلر وفوز مارين لوبين لأن مصلحتنا الوطنية تقتضي ذلك! وثالث يبرئ الاستعمار ويلوم ضعفنا فقط فيما يصيبنا... الخ. تعجبت لأني أثرت النقع دون أن أنوي، ولأن بعض "المعلقين" استغلوا الحيز الموضوع رهن إشارتهم مجانا للتفاعل مع المواد المنشورة لتصفية حسابات مع معلقين آخرين، استنتجتُ أنهم على سابق معرفة بهم، أو للهجوم المجاني على الشعراء، في إطار إسقاط الطائرات...

ليس في نيتي الدخول في مناقرات لا تخدم التنوير الإعلامي بل قد تؤدي إلى التعتيم، لأن الإيديولوجيا تعمي في غالب الأحيان، والتعصب للرأي الواحد يفقد المرء العقلانية والقدرة على الفهم، لكن في سياق حق الرد، أتوجه إلى التيار الأول، إن كان يمثل أحدا في الرأي العام سوى نفسه، بتأكيد أن أغلبية الدول كانت إما مستعمِرة أو مستعمَرة في فترة ما من تاريخها لكن هذا لا يبرر ذاك. ولمتنطعي الاتجاه الثاني أقول إذا كانت الجزائر قد اشتمت رائحة الفوز في المرشح "إيمانويل مكرون"، كما اشتمها "فرانسوا بايرو" قائد الوسط (المكون تاريخيا في فرنسا من المسيحيين والديموقراطيين الاجتماعيين) وأعلن الأربعاء الماضي تحالفه معه، فتلك هي السياسة.

وحسب شخص "هرس" أسنانه في السياسة، هو وينستون تشرشل، لا وجود لأصدقاء دائمين ولا لأعداء دائمين، هناك فقط مصالح دائمة. ومصلحة البلدان تتغير بتغير الظرفية الدولية والوطنية، وهذا ما يحملني إلى الرد على التيار الثالث الذي يأخذ بعين الاعتبار الظرفية الوطنية فقط ويحمل مسؤولية التخلف لعوامل ضعفنا دون مراعاة العوامل الخارجية من قبيل الاستعمار (الذي خرج من النافذة وعاد من الباب الواسع الذي فتح على مصراعيه في زمن العولمة وسيادة المال). إذا اعتبرنا التخلف، أو حتى لا نكون قساة على أنفسنا مرضاً، فوراء كل مرض، كما يعرف الأطباء، عوامل داخلية (Endogènes) وعوامل خارجية (Exogènes). والغلط هو أن نعتبر إحداهما دون الأخرى. أما تحليل ما يقع وما سيقع في علاقة بلادنا بمحيطها الدولي، على ضوء المستجدات، فلن يستوعبه حيز الأعمدة الصحفية، ولن يجدي معه استعمار الفضاء الافتراضي بالتعليقات غير اللائقة سياسيا، لأنه يتطلب تحليلا استراتيجيا محكما...


 

زكية حادوش