بالنظر لتطورات الأحداث حول الانتخابات الفرنسية نفاجأ بعوامل مستجدة في مسار الانتخابات تتدخل الآن بقوة كعوامل فاعلة، ويمكن حصرها فيما يلي:

العامل الأول: وسائل الإعلام.

الثاني: القضاء.

الثالث: استفتاءات الرأي التي تقوم بها مراكز الاستفتاء المتخصصة.

فنجدها تلك العوامل لا تتدخل فقط، وإنما ربما ستشارك في حسم نتائجها بل وتغييرها.

وربما لا نجهل دور وسائل الإعلام التي تلجأ لنبش المخفي وتنشره للرأي العام، مما يساهم في توجيه ذلك الرأي.

ويتضح دور الصحافة المؤثر في الانتخابات فيما حدث مؤخراً من قيام إحدى أقدم المجلات الفرنسية الساخرة والتي تأسست عام ١٩١٥ Le Canard Enchaîné -بمعنى البطة المقيدة- بنشر تقرير يتناول منح مرشح اليمين فرانسوا فيون لزوجته وظيفة مساعدة برلمانية، بمرتبات يبلغ مجموعها حتى الآن ما يقارب المليون يورو مع عدم وجود أدلة على أدائها لتلك المهام، نبأ انقض كإعصار على أحلام حزب اليمين في الفوز بالرئاسة الذي راهن على هذا المرشح القوي، ولايزال الحزب يرزح تحت وطء ذلك الإعصار والذي لن يمكن التكهن بنتائجه، إلا أن الأكيد أنه قد فتح الباب على مصراعيه لصعود فرص الفوز لمنافسين من اليمين المتطرف والوسط.

أو مثلما حدث مع مايكل فلين مستشار الأمن القومي الأميركي، حين أجبر على الاستقالة من منصبه في مدة لا تزيد على الشهر من تقلده لذاك المنصب وذلك بعدما قامت الصحف بتسريب أنباء تسجيلات لمكالمات هاتفية تثبت قيامه بالتفاوض مع السفير الروسي بشأن العقوبات المفروضة عليها من قبل بلاده، وأثبتت أنه قد أخفى معلومات عن نائب الرئيس مايك بينس بشأن تلك المناقشات، وما في ذلك من مخالفة لقانون لوجان ١٧٩٩ والذي يحظر على المواطنين الأميركيين التفاوض مع الدول التي تعتبر في نزاع مع الولايات المتحدة. وإن استقالة فلين تم التركيز عليها من قبل الصحف مما سبب إحراجاً للبيت الأبيض وقاد لتغيير غير متوقع في هذا المنصب الحساس. أي أن الصحافة الملقبة بالسلطة السابعة تقدمت لتصير سلطة أولى في هذه الحالات.

ونعود لنتوقف بالعامل الثاني الذي يبرز دوره الفاعل في مجريات السياسة، ألا وهو القضاء، إذ يُوَجَّه الضوء مؤخراً للدور الذي يُحتَمَل أن يلعبه النظام القضائي في مجريات الرئاسة الفرنسية الوشيكة، إذ سيظهر في الأسبوع الثالث من فبراير دوره، حيث ينظر القضاء التهم الموجهة لمنتخب حزب اليمين فرانسوا فيون، إذ قد يقرر القضاء تبرئته من كل ذلك مما سيعطيه الدفعة المطلوبة لحصد ثمار نجاحه المبدئي في انتخابات اليمين. لكن من ناحية أخرى قد يعجل القضاء الإجراءات ويخضعه لتحقيق رسمي، مما سيوقف مسيرته السياسة.

وهو موقف لا يستهان به لأنه يضع سلطة لا يستهان بها في يد القضاء، سلطة تغييرية على المسار الديموقراطي وعلى السياسة عموماً.

الرياض السعودية