الموصل (العراق) - اشتبكت القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة مع مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية الاثنين لإخلاء الطريق إلى مطار الموصل في اليوم الثاني من هجوم بري على المعقل المتبقي للمتشددين بالشطر الغربي من المدينة.

وتقود قوات من الشرطة الاتحادية ووحدات خاصة تابعة لوزارة الداخلية تعرف باسم قوات الرد السريع الهجوم صوب المطار الواقع على الطرف الجنوبي للموصل في محاولة لطرد المتشددين من قرية جبلية قريبة تعرف باسم البو سيف.

وتنوي القوات العراقية تحويل المطار إلى قاعدة دعم للهجوم على الشطر الغربي من الموصل.

ومقاتلو الدولة الإسلامية محاصرون في غرب الموصل مع ما يقدر بنحو 650 ألف مدني بعد أن طوقت قوات مدعومة من الولايات المتحدة المدينة من الشرق في المرحلة الأولى من الهجوم الذي اختتمته الشهر الماضي بعد 100 يوم من القتال.

وقال الرائد مرتضى علي عابد من وحدة التدخل السريع "يضربون ويشتبكون مع قواتنا ثم ينسحبون نحو الموصل. بإذن الله سنحرر البو سيف بالكامل اليوم."

وتوجهت وحدات خاصة من جهاز مكافحة الإرهاب إلى الخطوط الأمامية حول الجانب الغربي من مدينة الموصل التي يقسمها نهر دجلة إلى شطرين.

وتقصف مروحيات تل البو سيف لتطهيره من القناصة فيما يمكن سماع دوي المدافع الرشاشة والقذائف الصاروخية.

كما تمكنت القوات التي تتقدم في المنطقة من إبطال مفعول سيارة ملغومة استخدمها المتشددون لعرقلة القوات المهاجمة.

تطويق معسكر الغزلاني

وتتقدم القوات العراقية حتى الآن في مناطق ذات كثافة سكانية منخفضة لكن القتال سيصبح أشد وطأة عندما تقترب القوات من المدينة نفسها بما يشكل خطرا أكبر على المدنيين.

وفرضت القوات العراقية الاثنين طوقا أمنيا على معسكر الغزلاني أكبر معسكرات الجانب الغربي لمدينة الموصل شمالي البلاد تمهيدا لاقتحامه في الوقت الذي نزحت فيه عشرات الأسر من المناطق القريبة من مواقع الاشتباكات والقصف إلى أحياء في عمق المدينة.

وقال المقدم كريم ذياب الضابط في الشرطة الاتحادية، إن "قوات الشرطة عززت تواجدها في منطقة البو سيف على أطراف معسكر الغزلاني من الجهة الجنوبية، فيما تقدمت قوات الرد السريع إلى أطراف المعسكر من المحور الجنوبي انطلاقا من قرية العذبة (جنوب البو سيف) التي تم تحريرها الأحد".

وأضاف أن "المهمة الأساسية لقوات الشرطة والرد السريع اقتحام المعسكر وتحريره وتأمينه من هجمات محتملة للتنظيم" واستخدامه كقاعدة إستراتيجية مهمة للدعم اللوجستي لتحرير أحياء الجانب الغربي للموصل.

وانطلقت الأحد العمليات العسكرية لتحرير أحياء الجانب الغربي للموصل من سيطرة مسلحي التنظيم بدعم من التحالف الدولي.

وتمكنت القوات العراقية من تحرير 17 قرية بمناطق الجانب الغربي للموصل واستعادة 123 كلم مربع، بحسب بيان عسكري أصدره قائد حملة الموصل العسكرية الفريق الركن عبد الأمير يار الله.

والجانب الغربي من الموصل أصغر من جانبها الشرقي من حيث المساحة (40 بالمئة من إجمالي مساحة الموصل)، لكن كثافته السكانية أكثر، حيث تقدر الأمم المتحدة عدد قاطنيه بنحو 800 ألف نسمة.

وقالت ليز غراندي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق السبت الماضي إن ما يصل إلى 400 ألف مدني قد ينزحون بسبب الهجوم، فيما يعاني سكان غرب الموصل من نقص في الغذاء والوقود وإغلاق الأسواق.

ويتوقع قادة أن تكون معركة غرب الموصل أصعب من شرقها لأن الدبابات والمدرعات لا يمكنها التحرك في الشوارع الضيقة والأزقة.

ويقول سكان إن المتشددين أقاموا أيضا شبكة من الممرات والأنفاق تمكنهم من الاختباء والقتال بين المدنيين والاختفاء بعد تنفيذ عمليات خاطفة وتعقب تحركات القوات الحكومية.

ويضم غرب الموصل المدينة القديمة بأسواقها العتيقة إضافة إلى الجامع الكبير وأغلب المباني الحكومية الإدارية.

وكان زعيم الدولة الإسلامية أبوبكر البغدادي قد أعلن دولة "الخلافة" على أجزاء من سوريا والعراق في 2014 من على منبر جامع الموصل الكبير.

والموصل هي أكبر مركز حضري يسيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية في الدولتين.

ويقول القائد العسكري الأميركي في العراق اللفتنانت جنرال ستيفن تاونسيند إنه يعتقد أن القوات المدعومة من الولايات المتحدة ستستعيد المعقلين الكبيرين للدولة الإسلامية وهما الموصل في العراق والرقة في سوريا خلال الأشهر الست المقبلة.

ووفقا لتقديرات عراقية يعتقد أن التنظيم كان لديه نحو ستة آلاف مقاتل في الموصل عندما بدأت القوات العراقية الهجوم في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2016 ومن بينهم أكثر من ألف قتلوا حتى الآن.

ويواجه الباقون قوات قوامها 100 ألف جندي مؤلفة من وحدات من القوات المسلحة العراقية وقوات خاصة وقوات شرطة وقوات كردية وقوات الحشد الشعبي الشيعية.

وكانت قوات الحشد الشعبي قد قطعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 الطريق المؤدي غربا الذي يربط المدينة بسوريا، لكن المتشددين مازالوا يسيطرون على طريق يربط الموصل بتلعفر وهي مدينة يسيطرون عليها وتقع على بعد 60 كيلومترا إلى الغرب.

حياة المدنيين

وواصلت طائرات التحالف ومدفعيته قصف أهداف في الغرب خلال الفترة التي توقف فيها القتال بعد السيطرة على شرق الموصل.

وتقود الولايات المتحدة التي نشرت أكثر من خمسة آلاف جندي في المعركة، تحالفا دوليا يقدم دعما جويا وبريا مهما للقوات العراقية والكردية ومن بين ذلك القصف المدفعي.

ورفض وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الذي وصل إلى بغداد الاثنين في زيارة لم يعلن عنها مسبقا تقديم تفاصيل عن خطط المعارك الأميركية عندما تحدث للصحفيين الأحد.

وقال "قوات التحالف تدعم تلك العملية وسنواصل بجهود مكثفة تدمير الدولة الإسلامية"، إلا أنه أشار إلى أن معركة الموصل تعد صعبة جدا بالنسبة لأي جيش في العالم.

وقال التحالف بقيادة الولايات المتحدة إن جنديا أميركيا لقي حتفه الاثنين في حادث ليس له صلة بالعمليات القتالية خارج مدينة الرمادي العراقية غربي بغداد. ولم يذكر التحالف أي تفاصيل أخرى.

وفرض التنظيم المتشدد تفسيره المتطرف للشريعة الإسلامية في الموصل من خلال فرض حظر على السجائر ومشاهدة التلفزيون والاستماع للراديو وأجبر الرجال على إطلاق اللحى والنساء على ارتداء النقاب ويخاطر من يخالف التعليمات بالتعرض للقتل.

واستعادة المدينة سيقضي عمليا على طموح المتشددين في السيطرة على مساحة من الأراضي في العراق، لكن من المتوقع أن يواصلوا تنفيذ تفجيرات انتحارية والإيعاز للمتعاطفين معهم بشن هجمات في الخارج.

ويقول مسؤولون بالأمم المتحدة إن نحو 160 ألف مدني نزحوا منذ بدء الهجوم في أكتوبر/تشرين الأول 2016. وتقدر وكالات طبية وإنسانية أن العدد الإجمالي للقتلى والمصابين من المدنيين والعسكريين يصل إلى عدة آلاف.

وتقول منظمة أنقذوا الأطفال "الأطفال في غرب الموصل يواجهون خيارا قاتما الآن: قنابل ونيران متقاطعة وجوع إذا ظلوا في المدينة أو إعدام وقناصة إذا حاولوا الفرار"، مضيفة أن الأطفال يشكلون نحو نصف السكان المحاصرين.

ويزيد تدخل الكثير من الأطراف المحلية والأجنبية ذات المصالح المتباينة في الحرب من خطر وقوع اشتباكات بين بعضها البعض بعد هزيمة الدولة الإسلامية.

وقال رجل الدين الشيعي القوي مقتدى الصدر الذي يجهر بالعداء لسياسات واشنطن في الشرق الأوسط، إنه يجب رحيل القوات الأميركية فور استعادة الموصل.

وأضاف "على الحكومة العراقية المطالبة بخروج جميع القوات المحتلة بل والصديقة إن جاز التعبير، من الأراضي العراقية للحفاظ على هيبة الدولة وسيادتها."