نحتفل سنويا يوم 18 نونبر بعيد الاستقلال ، هذا العيد الذي كان ولازال مناسبة للعديدين للاستفادة من الاوسمة ومن العفو من العقوبات السجنية ، وايضا مناسبة للعديد من الاقلام لتمجيد الأسلاف والتنويه بالحدث ، على اساس ان الاستقلال انتزعه المغرب ( ملكا وشعبا) من المستعمر .
غير ان الحقيقة هي ان الاستقلال اعطي للمغرب ولم يتم انتزاعه ( طبعا لا نقصد تبخيس نضال المقاومة وجيش التحرير الذين اقصيا من التفاوض حول الاستقلال ).
نعم، لم يعط الاستقلال لوجه الله، بل أعطي بشروط لا زال تنفيذها الزاميا للدولة المغربية الى ان يتم الكشف عن معاهدة ( اكس ليبان) والتي لا زالت تعتبر من اسرار الدولة الفرنسية الى اليوم . واهم الشروط (المكشوف عنها) مقابل منح الاستقلال:
– أن يحافظ حزب الاستقلال على مصالح فرنسا في المغرب لمدة مائة عام من تاريخ إعلان الاستقلال أو ما سماه «غي مولي»، رئيس الوفد المغربي المفاوض في «إكس ليبان» ورئيس مجلس الوزراء الفرنسي، بالاستقلال داخل الاستقلال.
– تقوية التعليم واللغة الفرنسية. وهكذا رأينا كيف ظل زعماء حزب الاستقلال أوفياء لهذا العهد إلى اليوم، وظلوا حريصين على تعليم أبنائهم في مدارس البعثة الفرنسية وإرسالهم إلى فرنسا لاستكمال دراستهم العليا هناك، ثم العودة إلى المغرب لاحتلال مناصب المسؤولية التي يخدمون من خلالها فرنسا ومصالحها في المغرب.فالى اليوم 90 في المائة من المسؤولين الكبار في مؤسسات الدولة هم خريجوا المدارس الفرنسية.والانطلاقة تكون من ثانوية ليوطي التي تعد بالنسبة للمغرب رمزا للتعليم الجيد .في الوقت الذي يعد رمزا قويا للاستعمار والقتل والتشريد بالمغرب ، هذه المدرسة نفسها هي التي درس فيها كل ابناء ( عز الدين العراقي ) الوزير الاستقلالي الذي عرب التعليم بالمغرب
– جل المشاريع والدراسات تتكفل بها الشركات ومكاتب الدراسية الفرنسية ، والمستثمر الاول بالمغرب هو فرنسا (مايزيد على 1000شركة فرنسية بالمغرب)
– تصفية المقاومين الوطنيين الحقيقيين وحل جيش التحرير
– استفادة زعماء حسب الاستقلال المشاركين في مفاوضات اكس ليبان على منح كبيرة ، نذكر من بينهم : محمد الغزاوي ( رخص النقل + وادارة الامن الوطني )–محمد واحمد اليازيدي ( قطاع التامين ) – الحسن بوعياد ( المطابع )
– اسناد المناصب المهمة لزعماء الاستقلال وتعيين اطرهم في دواليب الدولة . وهكذا، ففي مقابل المحافظة على مصالح فرنسا داخل المغرب، خرج المفاوضون وبعض الموقعين على عريضة المطالبة بالاستقلال بنوعين من الهدايا، هدايا عينية تتمثل في الاستغلال الحصري لشركات فرنسية كبرى سيتركها الاستعمار تحت تصرفهم، وأخرى سياسية تتمثل في مناصب حكومية سامية. لكن سؤالا قد يؤرق الكثيرين وهو : لماذا لجأت فرنسا أصلا إلى منح الاستقلال للمغرب .؟؟
طبعا المستعمر لم يعمد الى منح استقلال بمحض ارادته بل نتيجة عوامل عدة منها :
1- الهزائم التي مني بها الجيش الفرنسي في الهند الصينية .
2- تقويض مخطط المغرب العربي الذي انشأ بالقاهرة بقيادة عبد الكريم الخطابي والذي ينص قانونه الاساسي على مواصلة الكفاح حتى تحرير المغرب العربي الكبير ، لذلك منح الاستقلال الذاتي لتونس ومنح الاستقلال في الاستقلال للمغرب .
3- ظهور حلف وارسو (بزعامة الاتحاد السوفياتي ) المساند لحركات التحرر في العالم .
4- إعلان الكفاح المسلح بقيادة جبهة التحرير الوطني في الجزائر ابتداء من 1954
5- تزايد الغضب الشعبي في المغرب والذي بدا جليا في عدة مناسبات عدة أبرزها 20غشت1955
6- الانتهاء من المهام التي جاء من اجلها والمتمثلة في :
– تدمير القوة العسكرية للقبائل الثائرة.
– انتزاع أجود الأراضي من أهلها.
– بناء الطرق المعبدة والسكك الحديدية التي تصل الموانئ بمختلف الثروات المعدنية والغابوية والعقارية.
– تقوية النخبة الاقتصادية والثقافية والسياسية العميلة الضامنة للتبعية لفرنسا.
( امة لا تعرف ماضيها يصعب ان تبني مستقبلا لها )


علي لحبابي