بعدما حملتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" مسؤولية احتجاز ثلاث نساء صحراويات يحملن الجنسية الإسبانية في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، تواجه "البوليساريو" مأزقا حقوقيا وقانونيا إثر تقديم عائلات الفتيات الإسبانية شكاوى رسمية لدى المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

وحسب الشكاية ذاتها فإن الأمر يتعلق بثلاث شابات صحراويات، هن "الكورية بدبد الحافظ"، و"الدرجة أمبارك سلمى"، و"نجيبة محمد بلقاسم"، تتهم العائلات الجبهة الانفصالية باحتجازهن ضدا على رغبتهن، وحرمانهن من حق التعبير عن رأيهن واختيار مصيرهن، لينضفن بذلك إلى عشرات النساء الصحراويات المحتجزات قسرا في تندوف، اللائي يقارب عددهن 200 محتجزة، حسب تقارير صحافية إسبانية.

وتشير الشكاية، التي تتطابق مع تقارير حقوقية دولية، مثل آخر تقرير صادر عن "هيومن راتيس ووتش"، إلى أن العائلات الإسبانية قبلت باستضافة الشابات الثلاث منذ الصغر، فأشرفت على تعليمهن وتربيتهن والسماح لهن بالقيام بزيارات دورية لعائلاتهن بمخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، ليتم احتجازهن قسرا في آخر زيارة لهن للمخيمات، رغم تأكيد المعنيات رغبتهن في العودة إلى إسبانيا في الحال.

وقررت الأسر الإسبانية المعنية تصعيد اللهجة ضد التنظيم الانفصالي باللجوء عبر شكايات إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان للأمم المتحدة، وطرح الملف أمام الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي، خاصة بعدما استوفت الطرق الحبية في التفاوض لأجل الإفراج عن الشابات، اللائي صودرت وثائقهن ومنعن من السفر إلى إسبانيا. وتركز الدفوعات على تجاهل انفصاليي جبهة البوليساريو للالتماسات من طرف الشابات الصحراويات، طلبا للمساعدة في استعادة حريتهن وتمكينهن من ممارسة حقوقهن بدون إكراه أو ضغط.

وتواجه بوليساريو اتهامات ثقيلة تهم انتهاك حقوق الشابات الصحراويات المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما فيها الاعتراف بالهوية القانونية وحرية التنقل والقدرة على الاختيار، والتعبير عن الرأي وحرية الاتصال.

وكانت "هيومن راتيس ووتش" نبهت جبهة البوليساريو الانفصالية إلى وجود حالات احتجاز صحراويات يحملن الجنسية الإسبانية ويتوفرن على الإقامة القانونية فوق تراب الجارة الشمالية للمغرب. كما شددت المنظمة الحقوقية، التي يوجد مقرها بنيويورك الأمريكية، على أن هذه الحالات "تدعو إلى مساءلة التزامات الجبهة بحقوق النساء".

وانطلقت "هيومن راتيس ووتش"، في تقرير حقوقي تتوفر هسبريس على نسخة منه، من حالة المواطنة الإسبانية من أصول صحراوية المعلومة موراليس دي ماتوس، التي تحتفظ باسم "المعلومة تقية حمدة"، وفقا لشهادة ميلادها، والتي قالت إنها محتجزة في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر طيلة عام كامل، موضحة أن أسرة الشابة "ادّعت أنها تريد البقاء معها..لكن موراليس تعيش في منزل أسرتها منذ 12 دجنبر 2015 دون أن تتمكن من الوصول إلى مكان محايد للتعبير عن رغباتها بدون ضغط من أحد".

وقالت المنظمة ذاتها إن البوليساريو قدمت في السابق ضمانات مرارا بأنها تعمل على حل قضية الشابة ذات 23 ربيعا، معتبرة أنه يجب النظر إلى تلك الضمانات "على ضوء فشلها (البوليساريو) في إنهاء حالات مشابهة على الأقل لامرأتين صحراويتين راشدتين لديهما إقامة قانونية في إسبانيا، تمنعهما أسرتهما من الرحيل منذ نحو 3 سنوات". ويتعلق الأمر بكل من الشابة الدرجة أمبارك سلمى (27 عاما) ونجيبة محمد بلقاسم (25 عاما)؛ على أن "كلتيهما أكدتا مؤخرا لـهيومن رايتس ووتش رغبتهما في العودة إلى إسبانيا في الحال".

طريقة تعامل جبهة "البوليساريو" مع الحالة الأولى، دفعت "راتيس ووتش" إلى القول إن التنظيم الانفصالي تنقصه حتى الآن القدرة أو الإرادة السياسية "لضمان حرية هذه المرأة الراشدة باختيار الرحيل أو البقاء"، إذ قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيHRW: "يجب احترام العادات والثقافة، لكن ليس عندما تتيح لعائلة احتجاز امرأة راشدة ضد إرادتها"، معتبرة أن عدم فعالية البوليساريو في هكذا حالات "تدعو إلى مساءلة التزامها المعلن بحقوق مساوية للنساء".