عتبر المجتمع المغربي أحد المجتمعات التي تكثم الحديث عن مجموعة من الظواهر، وتراها طابوها، وبالمعنى المغربي "حشومة "ولا تجيز الكلام عنها اما لسبب ديني أو أخلاقي، وهذا ما استغلته هذه الظواهر لتتزايد وتتفاقم أوساط مجتمعنا. ولكنها ليست وليدة اليوم وإنما سيرورة تاريخية تزامنت مع كل العصور وتعاقبت مع القرون. فالجنس عامة ينظر إليه الفرد المغربي كشئ مبهم لا يستطيع أن يتحدث معك فيه، فما بالك أن يتحدث معك في الطقوس التي يمارس بها. ثمة هناك ممارسات شاذة وهذا ما نحن بصدده وهي استغلال الأطفال جنسيا، فالارقام المسجلة هي التي دفعتنا إلى الكتابة وطرحت تساؤلات حول هذه الظاهرة التي سجلت أرقام مخيفة في المغرب وللحديث عنها لابدّ تعريفها أولا من جوانبها التي نراها مهمة. 

فاستغلال الأطفال من الناحية السيكولوجية يسمى (pédophilie) وتتكون هذه الكلمة من كلمتين يونانيتين pedo تشير إلى الطفولة و philie تعني الحب والإعجاب، فعلم النفس يعرف الشهوة في الأطفال بأنها مرض وتصنف ضمن مجموعة من الأضطرابات النفسية فيتم الانجداب نحو الجنس الطفولي عبر مجموعة من التخيلات وغالب ما يتم تلبية هذه الرغبة عن طريق تعرية الطفل أو اللمس أو الممارسة الجنسية معه. أما من الناحية الاجتماعية فهي تختلف مع اختلاف المجتمعات وهكذا تختلف التعاريف، فالمجتمع الأفغاني والمجتمعات العربية المشرقية تعتبر بمثابة موروث ثقافي وسنفصل في هذا لاحقا.أما المجتمع المغربي وانطلاقاً من بعض التعريفات التي التقطناه فهي مرحلة قبل الوصول الى جنس الأنثى.فبعد الحديث عن الشق السيكولوجي العملي والشق العفوي الاجتماعي لا يتسنى لنا إلا الحديث عن الشق الديني فالإسلام يحرم شرعا وكليا هذه الممارسة الانحرافية ويحرم اية علاقة خارجة عن نطاق الزوج بين الجنسين (الأنثى /الرجل)، لكن ثمة هناك من يستغل بعض آيات الله ويؤولها لما تشتهيه نفسه ويبيح ممارسة الجنس مع الأطفال فالاية " (ﻭﻻ ﺗﻨﻜﺤﻮﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﺎﺕ ﺣﺘﻰ ﻳﺆﻣﻦ ﻭﻷﻣﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻛﺔ ﻭﻟﻮ ﺃﻋﺠﺒﺘﻜﻢ ﻭﻻ ﺗﻨﻜﺤﻮﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﺣﺘﻰ ﻳﺆﻣﻨﻮﺍ ﻭﻟﻌﺒﺪ ﻣﺆﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻙ ﻭﻟﻮ ﺃﻋﺠﺒﻜﻢ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﺑﺈﺫﻧﻪ ﻭﻳﺒﻴﻦ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺘﺬﻛﺮﻭﻥ ‏) 221 ‏).فهذه الآية تتضمن مجموعة من الغموض وهذا ما ترك بعض الفقهاء ذوي النزوات الشاذة يبيحون هذه الممارسة وإفساد  بها بعض العقول. 

هكذا إذن يعتبر الأطفال حول العالم ضحايا اعتداءات جنسية ويعد المجتمع الأفغاني والمجتمعات العربية المشرقية أكثر البلدان التي تنتشر فيه هذه الظاهرة، وقد أصبحت لديهم عبودية جنسية واستغلال فضيع لفتيان في مقتبل عمر الزهور، يتم شراء هؤلاء في سوق النخاسة لدى أسرهم مقابل قد مال كل شهر أو سنة، وتبدأ قصة عملهم بعد شرائهم التدريب على الرقص وأداء مجموعة من الحركات النسائية ووضع مساحيق التجميل ويتم التوجه بهم نحو حفلات وتمارس عليهم كل الإهانات والطقوس الجنسية الشاذة. والمثلية الجنسية واللواط هو بمثابة عرف عند العرب منذ القدم وتغنت به في مجموعة من الأشعار في العصور التي مضت (العباسي، الأندلسي...) ولا تزال هذه الطقوس موجودة في  المجتمعات كالسعودية والإمارات، كتلخيص في المجتمعات التي تختفي فيها الأنثى بقوة الدين المزيف، فوقف هذا العرف ليس سهلا، فقوة الدين لم تفلح بالتصدي له وكما الحال هو بالنسبة للسلطة القانونية. 

كل هذا تتحدث عنه مجموعة من الدراسات والوثائقيات وليس من صنع خيالي، والأمر قد أصبح نلاحظه مباشرة في المجتمع المغربي وتعد مدينة مراكش شاهدة على هذا إذ تسجل سنويا معدلات مرتفعة، لكن رغم الحديث عنها في منابر الإعلام والصحافة فلا تزال "الغلمانية "طابوها اجتماعيا حيث الأسر لا تريد الخوض في مثل هذه المواضيع وتتستر عنها والضحية هو الآخر يكثم عن تعرضه لهذا العنف. كل هذا مرده الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تدفع بالأطفال إلى الشوارع، ولا يجدون ما يقتاتونه فمن الطبيعي استغلالهم جنسيا في غياب الأسرة وغياب الجمعيات التي تهتم فقط بالشعارات لا الممارسة الموضوعية في مزاولة العمل وحماية الأطفال من الاغتصابات، ولكن ما يقلق أكثر أن بعض الأسر تدفع أطفالها مقابل المال إلى هذه الممارسة اللا أخلاقية والغير مقبولة اجتماعية إلى مزاولة الدعارة الغلمانية وهي على علم   ان عواقب هذه الاستغلالات وتاثيراتها  قد تكون طويلة في حياة الفرد المستغل وقد تنهي حياته، وتبرر هذا بالفقر وان ذاك الولد هو مصدر رزقهم وهو الذي ينعم عليهم بأموال السياح ويلبي حاجياتهم الأساسية. 

  إن اغتصاب الأطفالل واستغلالهم جنسيا في تزايد وهذا ما يدق ناقوس الخطر، والسبب في تزايد أعداد ضحايا الاستغلال الجنسي السكوت حول موضوع "البيدوفيليا "واعتبارها نوع من الضرب في القيم والأخلاق، ولكن ما لم يعلمه المغربي أن الضرب في الأخلاق والقيم هو السكوت على هذا المشكل الاجتماعي وعدم الخوض فيه بالرغم من أن ظاهرة اغتصاب الأطفال أزلية وهي يعرفها المجتمع المغربي من القدم وارتبطت اماكنها سواء في الحقول الزراعية أو المنازل والمساجد وحتى المدارس وهي تعد مرحلة قبل الوصول إلا الأنثى حسب الباحث الاجتماعي "باسكون ".إلا أن الوقت قد ولى للحد من هذا السلوك والضرب بيد من حديد كل أصحاب هذه النزوات. ومن هنا اناشد كل الجمعيات والمؤسسات القانونية والباحثين للعمل على وضع حدا لهذا المشكل.


عبدالله العواد