على الرغم من إيجابيات أمطار الخير التي عرفتها بلادنا مؤخرا و التي تبشر بموسم فلاحي إستثنائي ، إلا أن الأثار السلبية لهذه التساقطات لا يمكن بأي حال أن يحس بها إلا هؤلاء الذين يسكنون قرون الجبال و المناطق النائية هناك فعلا حيث موطن التهميش و قلة الحيلة التي ربما نحن سكان المدن قد نصاب بمثلها يوما أو يومين على أكثر تقدير و ذلك ناذرا ما يقع ، على الرغم من المساعي المبذولة لتحسين البنية التحثية و التي لا يمكننا سوى وصفها بالمتواضعة لأن الوضع مازال كما هو في مدننا مع بضع قطرات تظهر العيوب و ما خفي كان أعظم .

كلامي اليوم لن يكون عنا سكان المدن و طامتها التي هي في الأساس "هم ما يتلم " على حد قول إخوننا المصرين ، و إنما مقالي اليوم سوف يتناول بالتدقيق و التفحيص هؤلاء الذين يسكنون المناطق النائية حيث لا طبيب و مدارس و لا حتى سخانات و لا بنية تحثية و لا فوقية ولا هم يحزنون ، قد تسثغربون كلامي و لكن هذه هي الحقيقة التي لا نشاهدها إلا من خلال الصور و نشرات الأخبار كلما حلت الكارثة بمنطقة منكوبة ، لأننا نحن سكان المدن لا نعرف شيء إسمه الثلوج و إن أردنا لقاءها فليس علينا سوى ركوب السيارة و الذهاب في رحلة من أجل قضاء و قت ممتع ، أما هؤلاء الذين يسكنون في الجبال فيعرفون معنى قساوة تساقط الثلوج و كيف تقطع الطرق و لا يجدون متنفسا لحالاتهم الطارئة ؟ و لا كيف يمكنهم جلب غدائهم ؟ هذا دون أن ننسى قساوة البرد التي تضطرهم للخروج في وسط هذا السقيع لجلب قطع الخشب لتدفئة في حالة إذا ماطال المقام بالثلوج ونفذ المخزون .

سوف أحكي لكم تجربتي التي عايشتها فيها شخصيا تلك الأجواء حيث سبق لي أن زرت تلك المناطق في أحد أيام البرد القارص و بينما أنا أتجول رفقة بعض الأصدقاء في أحد الدواوير و أنا أتفحص تلك الوجوه البريئة و المحمرة وجناتها و التي لا أعرف أهو من أثار قساوة البرد أو هي حلاوة الروح التي يمتاز بها هؤلاء الناس ؟ فلا تكاد تمر قرب أحد تلك البيوت إلا وتجد من يدعوك لدخول حتى و لو لشرب كأس شاي ساخن رغم أنه في غالب الحالات سوف يستلف "العمارة" من عند البقال ، ولن أنسى كذلك منظر هؤلاء الأطفال الصغار الذين يعرضون عليك مزروعاتهم "BIO" التي تشتهر بها تلك المناطق ، وهم يتكلمون بلغة أكد لا أميز أي كلمة منها سوى ان هذه الأعشاب معروضة للبيع و أنا من عليه تحديد سعرها ، كل هذا و أكثر و لكم قرائي أن تزوروا تلك المناطق و لما لا تجعلوها من ضمن أولوياتكم في عطلكم السنوية فلن تندموا أو تعدموا خيرا أولا من خلال التمتع بالأجواء و ثانيا تقديم بعض المساعدات لتلك الساكنة ، و لما لا تجعلون من تلك المناطق النائية في المسقبل القريب مناطق سياحية بإمتياز وهو ما قد يفك كل العزلة عنهم فأينما تواجد السياح يتواجد كل الخير فالمستتمر يبحث عن الربح كما تعلمون.

رسالتي اليوم من باب "ذكر " لعل هذه الذكرى تنفع المسؤولين و يطلوا بعين الرحمة على هذه الساكنة التي تذوق مرارة الثلوج و البرد بدون غطاء و لا أكل ، و إن وجدوا فبما سيشترونها فلا فلاحة تنفع و لا مأكل لرعي فهذا ديدننا في كل عام  ولا ننسى أن نذكر أصحاب المراحيض الغالية بأن هناك مواطنين قد علقوا أمانة غالية في أعناقهم فلا تنسوهم و أماناتهم .