على عكس ما كان متوقعا من فرار مقاتلي الدولة الاسلامية من الموصل باتجاه سوريا، أفادت أوساط وزير الدفاع الفرنسي الاثنين بأن "بضع مئات" من المسلحين الجهاديين وصلوا في الأيام الأخيرة إلى الموصل قادمين إليها من سوريا.

وقال المصدر "ما لاحظناه حاليا هو انتقال مقاتلين من سوريا إلى العراق وليس العكس" متحدثا عن "بضع مئات من المقاتلين" تحركوا في الأيام الأخيرة.

واعتبر المصدر أن "هناك احتمالا لسيناريو تحاول فيه الدولة الاسلامية المقاومة قدر الإمكان" للحملة العسكرية عبىر الموصل.

وبدأ هجوم القوات العراقية مدعوما بتحالف دولي، قبل أسبوعين لتحرير الموصل التي استولى عليها الجهاديون في يونيو/حزيران 2014 وأعلنوا منها "خلافتهم".

ويجتمع الثلاثاء 13 وزير دفاع من الدول الأعضاء في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في باريس لبحث الحملة العسكرية لتحرير الموصل والسيناريوهات قبل طرد الجهاديين منها وبعده.

وقال المصدر الفرنسي "لا نعرف كيف سترد داعش. هناك فرضيات عديدة من محاولة الفرار للانتشار في أماكن أخرى، إلى المواجهة حتى الموت في الموصل للتسبب بأقصى ما يمكن من خسائر للقوات العراقية".

وتشير تقديرات غربية إلى وجود ما بين خمسة آلاف وستة آلاف مسلح جهادي في الموصل.

وقال المقربون من وزير الدفاع الفرنسي "يجب الحد من مخاطر فرار جماعي من الموصل إلى الرقة" معقل التنظيم الجهادي في سوريا.

وتؤكد فرنسا على ضرورة التحضير لتحرير الرقة بعد الموصل، وهو ما ترغب فيه واشنطن.

وكان وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر دعا الأحد إلى شن عملية لعزل الجهاديين في معقلهم في الرقة بالتوازي مع الهجوم لتحرير الموصل.

مقاومة شرسة لتقدم القوات العراقية

تواجه القوات العراقية التي تواصل تقدمها باتجاه مدينة الموصل في شمال العراق، مقاومة شرسة من تنظيم الدولة الاسلامية على الرغم من تكثيف الضربات الجوية التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضده.

وتواصل القوات الاتحادية الحكومية والبيشمركة الكردية تقدمها من محاور عدة في اتجاه مدينة الموصل، في حين يستخدم الجهاديون في دفاعهم عن آخر أكبر معاقلهم في العراق، القذائف ورصاص القناصة والهجمات الانتحارية والكمائن.

وحاول الجهاديون تحويل الأنظار عن خسائرهم في محيط الموصل، من خلال شن هجمات في مدن أخرى في البلاد وآخرها بلدة الرطبة في غرب العراق على مقربة من الحدود العراقية الأردنية، بعد الهجوم على كركوك.

وقال المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل جون دوريان الأحد إن طائرات التحالف ألقت 1400 قذيفة على مواقع تنظيم الدولة الاسلامية خلال الأيام الست الأولى من الهجوم.

وتواصل قوات عراقية التقدم باتجاه الجبهات والمناطق التي يسيطر عليها التنظيم كجزء من المرحلة الأولى من الهجوم الذي يهدف إلى استعادة الموصل والمناطق المحيطة بها.

ومن الجانب الشرقي لمدينة الموصل، تخوض القوات الاتحادية معارك في بلدة قرقوش، أكبر بلدة مسيحية في البلاد والتي فرّ سكانها قبل سنتين مع وصول تنظيم الدولة الاسلامية إليها.

واقتحمت قوات الجيش مدينة قرقوش قبل ثلاثة أيام، لكن القوة المدرعة التي انتشرت في شوارعها تتعرض لقصف من داخل أحيائها.

وحققت قوات الشرطة الاتحادية نجاحا من المحور الجنوبي في اتجاه الموصل، وتقدمت سريعا من خلال السيطرة على قرية بعد أخرى وتواصل تقدمها شمالا بمحاذاة نهر دجلة.

ومن المحور الشمال الشرقي، احكمت قوات البيشمركة طوقا على بلدة بعشيقة التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف.

وأعلنت تركيا التي تنشر قوات في قاعدة عسكرية قرب بعشيقة، تنفيذها قصفا مدفعيا على مواقع الجهاديين بناء على طلب قوات البيشمركة، إلا أن السلطات العراقية نفت مشاركة تركيا في عملية الموصل. وتطالب الحكومة العراقية أنقرة بالانسحاب من العراق.

تعزيز الدفاعات

وبدأ تنظيم الدولة الاسلامية خلال الأشهر القليلة الماضية تغيير مواقعه الى أماكن أخرى من أجل تجنب خسائر كبيرة في صفوفه مع تأكد الاستعدادات لبدء عملية الموصل، وفق ما أكد مسؤول اميركي.

وأوضح المسؤول للصحافيين خلال زيارة وزير الدفاع الأميركي اشتون كارتر إلى العراق في نهاية الاسبوع "قاموا بعمل حثيث في التحضير للدفاع عن المدينة".

وأضاف أن استراتيجية التنظيم تبدو كأنها اعتماد على اخلاء المساحات غير الضرورية حول الموصل مقابل ايقاع ضحايا بين قوات الحكومة الاتحادية والبيشمركة.

ويقدر التحالف الدولي عدد مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية في الموصل بين أربعة آلاف الى ستة آلاف عنصر.

وأعلن زعيم تنظيم الدولة الاسلامية أبوبكر البغدادي قبل عامين إقامة دولة "الخلافة" من أحد مساجد الموصل.

وقال قائد التحالف الدولي الجنرال ستيفن تاوسند "لن يقاتل جميع المقاتلين حتى الموت" في الموصل.

وأضاف "لقد تسببنا بإرباك كبير داخل صفوف التنظيم من خلال استهداف قادة كبار فيه الأمر الذي نفذته قواتنا الخاصة وقواتنا الجوية بشكل مميز".

وتابع "اعتقد أن هذه العمليات سوف تؤتي ثمارها في الأسابيع المقبلة"، بينما ويحاول الجهاديون كذلك تنفيذ هجمات مضادة في مناطق أخرى في البلاد بينها هجوم على بلدة الرطبة الواقعة وسط الصحراء قرب الحدود الأردنية.

واستولى عناصر التنظيم على مكتب القائمقام لفترة وجيزة وأقدموا على اعدام خمسة أشخاص بينهم عناصر من الشرطة بعد السيطرة على منطقتين في البلدة، وفق ضابط في الجيش.

وتعرضت مدينة كركوك في شمال العراق قبل يومين إلى هجوم مفاجئ نفذته خلايا نائمة للتنظيم استهدفت خلاله مقرات للحكومة وقوات الأمن.

وأدى الهجوم إلى اندلاع اشتباكات استمرت ثلاثة أيام فرضت خلالها السلطات حظر للتجوال، وطاردت المهاجمين الذين سيطروا على عدد من المباني.

وقال محافظ كركوك نجم الدين كريم الاثنين "تم القضاء على المهاجمين بالكامل وعادت الحياة الى طبيعتها في مدينة كركوك"، مؤكدا أنه "تم قتل أكثر من 74 ارهابيا على يد القوات الأمنية واعتقل اخرون بينهم قائد المجموعة التي خططت للهجمات".

وأشار إلى أن "الاعترافات الأولية لقائد المجموعة أكدت أن 100 عنصر من داعش نفذوا الهجوم".