قال مسؤولان عسكريان أميركيان السبت إن أفراد القوات الأميركية في قاعدة غرب القيارة الجوية قرب الموصل وضعوا أقنعة واقية بعدما نقلت الرياح أدخنة من مصنع كبريت يحترق أضرم تنظيم الدولة الإسلامية النار فيه.

وقال ضابط عراقي رفيع السبت ان انبعاثات غازات سامة ناجمة عن تفجير الجهاديين لمصنع الكبريت ادت الى وفاة مدنيين اثنين، في حين قالت مصادر في مستشفى عراقي إن ما يقرب من الف شخص تلقوا العلاج من مشكلات في التنفس ناجمة عن الغازات السامة المنبعثة من مصنع الكبريت.

وقاعدة غرب القيارة الجوية هي المركز الأميركي الرئيسي لمساندة العمليات التي يقودها العراق لاستعادة مدينة الموصل من أيدي الدولة الإسلامية. وهناك نحو 5 الاف جندي أميركي في العراق لكن الجيش الأميركي لم يكشف عن عدد قواته في القاعدة الجوية.

وقال مسؤول طلب عدم نشر اسمه "تحركت الرياح بالفعل جنوبا وكإجراء احترازي وضعت القوات في غرب القيارة معداتها الوقائية الشخصية وتواصل عملياتها في هذا الوقت."

وقال مسؤول ثان إنه لم يتضح على الفور ما إذا كانت القوات أمرت بارتداء الأقنعة الوقائية أم أنها فعلت ذلك من تلقاء نفسها.

والأولوية الأساسية هي تجنب وقوع أي حالات إصابة بأمراض تنفسية بسبب استنشاق الأدخنة. وقال المسؤول الثاني إن عينات من الهواء في محيط قاعدة غرب القيارة أرسلت إلى الوكالة المعنية بتقليل مخاطر أسلحة الدمار الشامل التابعة لوزارة الدفاع الأميركية لتحليلها لمعرفة "إن كان هناك ما يقلق في النتائج".

وقال المسؤولان إن الدولة الإسلامية أشعلت النيران في مصنع للكبريت قبل يومين خلال القتال حول المشراق جنوبي الموصل. وأضاف أحد المسؤولين أن قوات الأمن العراقية تتوقع أن إخماد الحريق سيستغرق ما بين يومين إلى ثلاثة أيام.

وقد اشتعل مصنع الكبريت الأسبوع الماضي لدى طرد الجيش العراقي لمقاتلي الدولة الإسلامية من منطقة المشراق شمالي القيارة. وقال الجيش الأميركي إن المتشددين أشعلوا النيران في المصنع عمدا.

وغطت سحابة من الدخان الأبيض سماء منطقة المشراق القريبة من الموصل حيث يقع مصنع الكبريت وامتزجت بأدخنة سوداء منبعثة من آبار نفط أشعلها مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية لتغطية تحركاتهم.

وقال سكان والجيش الأميركي إن مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية أشعلوا مصنع الكبريت عن عمد أثناء تصديهم لعملية قوات الحكومة العراقية لطردهم من الموصل آخر معاقلهم الرئيسية في البلاد.

وقال العميد قصي حميد كاظم ضابط الاستخبارات في فرقة الرد السريع ان "داعش فجر معمل الكبريت قبل يومين وادى ذلك الى وفاة اثنين من المدنيين في قرى قريبة".

وقال عبد السلام جبوري مدير مستشفى القيارة المركزي إن المستشفى استقبل ما يصل إلى ألف شخص يعانون مشكلات في التنفس منذ صباح الجمعة وإنهم خرجوا بعد ذلك. ولم ترد أي تقارير عن وفاة أي شخص في المستشفى.

وأضاف جبوري أن المستشفى استقبل أطفالا وكبارا ورجال شرطة وجنودا كانوا جميعا يعانون مشكلات في التنفس والتهابات في العيون.

وفي غرفة فحص بمستشفى القيارة كان طفل يرقد في سريره وهو يعاني من استنشاق أدخنة الكبريت ويصرخ ويسعل بينما يثبت والده قناع أوكسجين على وجهه.

وقال ممرض يدعى صدام أحمد وهو يرتدي قناع أوكسجين يحميه من الأدخنة إن معظم المرضى أخذوا جرعات أوكسجين ونصحوا بالابتعاد عن المناطق التي توجد بها الأدخنة.

وقال علي أحمد خلف (38 عاما) وهو يعيش في قرية مجاورة إنه نقل عائلته إلى القيارة للهرب من الأدخنة.

وقال شاهد عيان "رأيت رجلا مسنا أصيب بصدمة وتوفي من الدخان."

وقال مسؤول أميركي آخر إن عينات من الهواء في محيط قاعدة غرب القيارة أرسلت إلى وكالة تابعة لوزارة الدفاع الأميركية لتحليلها لمعرفة "إن كان هناك ما يقلق في النتائج".

وذكر بيان صادر عن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية السبت أنه جرى توفير أكثر من 24 ألف قناع واق من المواد الكيماوية لقوات الأمن العراقية وحلفائها من مقاتلي البشمركة أثناء التدريب على عملية الموصل.

مطاردة الجهاديين في كركوك

تواصل قوات الامن العراقية السبت مطاردة عناصر تنظيم الدولة الاسلامية الذين تسللوا الى مدينة كركوك في هجوم مباغت هز البلاد في حين تقترب المعارك من مدينة الموصل.

وغداة صدمة الهجوم على كركوك التي يسيطر عليها الاكراد، لايزال قناصة وانتحاريون يتحصنون في مواقع مختلفة، ما دفع بغداد الى ارسال تعزيزات عسكرية.

وتمكنت قوات مكافحة الارهاب ووحدة الاستخبارات من قتل 48 مسلحا حسبما افاد قائد شرطة كركوك العميد خطاب عمر عارف.

من جهة اخرى، قال عميد في وزارة الداخلية يتواجد في كركوك ان "46 شخصا قتلوا واصيب 133 بجروح خلال الاشتباكات في مدينة كركوك". واضاف ان "الغالبية العظمى من القتلى والجرحى من قوات الامن" .

واكد "مقتل ما لايقل عن 25 من عناصر خلال الاشتباكات" التي مازالت متواصلة في عدد من احياء المدينة.

واكد مصدر طبي في مديرية صحة كركوك الحصيلة.

ودعي اهالي كركوك الى التبرع بالدم في مستشفيات المدينة، وفقا للمصدر.

والهجوم الذي ينفذه الانعماسيون عادة وهم مسلحون يرتدون احزمة ناسفة، هدفه خلق فوضى وقتل اكبر عدد ممكن من المدنيين وقوات الامن، وليس تحقيق نصر عسكري.

تحويل الانظار عن الموصل

وكانت كركوك الغنية بالنفط التي تقع على بعد 250 كلم شمال بغداد، صحت الجمعة على صوت اطلاق النار والجهاديين يتجولون في شوارعها واحيائها.

واستخدموا مكبرات الصوت في المساجد للتكبير ومدح تنظيم الدولة الاسلامية.

وظل ابو عمر 40 عاما وهو قصاب لمدة 24 ساعة في داخل منزله، مع زوجته واولاده الثلاثة.

وقال "شعرنا ان هذا اليوم دام عاما كاملا، كنا نسمع اطلاق النار والانفجارات كل الوقت، لم نتمكن من الخروج لمشاهدة ماذا يحدث في الخارج".

وقال احد عناصر التنظيم ممن اعتقلتهم اجهزة الامن الكردية ان الهجوم على كركوك خطط له زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي، للفت الانتباه عن هجوم الموصل.

ونقل شاهد حضر التحقيق مع المعتقل قوله ان "هجوم اليوم كان من مخططات الخليفة البغدادي، ليظهر من خلاله ان الدولة الاسلامية لا زالت باقية وتتمدد، ويخفف الضغط على جبهة الموصل".

واعلن البغدادي تاسيس "الخلافة" في الموصل قبل عامين مع مساحات شاسعة في العراق وسوريا.

وابرز الشعارات التي رفعها التنظيم هو "دولة الخلافة باقية وتتمدد"، لكنها باتت تتقلص بشكل كبير حتى وصلت اخر ابرز معاقلها في العراق وهي الموصل.

وتتزامن الهجمات على كركوك مع تنفيذ القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي، عملية لاستعادة الموصل، ثاني اكبر مدن البلاد واخر اكبر معاقل الجهاديين في العراق.

وقال حيدر عبد الحسين وهو مدرس من كركوك ""عند صلاة الصبح ، شاهدت عددا من الدواعش، يدخلون مسجد المحمدي".

واضاف "استخدموا مكبرات الصوت وبداو يكبرون، ويهتفون الله اكبر، دولة الاسلام باقية".

وفجر خمسة انتحاريين انفسهم على الاقل ضد مبان حكومية ومركز الشرطة الرئيسي، وقتل اثرها خمسة من الشرطة و12 عنصرا من الجهاديين في الاشتباكات.

وقال ضابط شرطة رفيع ان "العقبة الاساسية التي عطلت ملاحقة المهاجمين هي القناصة".

وقرر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ارسال تعزيزات عسكرية الى كركوك، حسبما افاد مكتبه الاعلامي.

اقتحام قره قوش

الى ذلك، اعلنت قيادة العمليات المشتركة السبت اقتحام الفرقة التاسعة بلدة قره قوش الواقعة شرق الموصل، وكانت في السابق اكبر البلدات المسيحية.

والسيطرة على قره قوش ستسمح للقوات العراقية بالوصول الى اطراف مدينة الموصل، بعد ان فرضت سيطرتها على بلدة برطلة الصغيرة قرب القره قوش.

واعلنت العمليات المشتركة تقدم قواتها من الجهة الشمالية باتجاه بلدة تلكيف الواقعة ضمن منطقة سهل نينوى .

وتشن القوات الكردية كذكك هجوما كبيرا في الجانب الشمالي الشرقي، لكنهم يتذمرون من ضعف الاسناد الجوي من قبل التحالف الدولي.