حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي ثارت حفيظته من استبعاد بلاده من هجوم يقوده العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل ومكاسب ميليشيا كردية في سوريا من أن تركيا "لن تنتظر حتى يكون النصل على رقابنا" لكن بإمكانها التصرف بمفردها للقضاء على الأعداء.

واستحضر أردوغان في خطاب ألقاه في قصره المثير للجدل، صورة لتركيا مقيدة من قوى خارجية "تستهدف جعلنا ننسى تاريخنا العثماني والسلجوقي" عندما سيطر آباء تركيا الأوائل على أراض تمتد عبر آسيا الوسطى والشرق الأوسط.

وقال لمئات من رؤساء البلديات المحلية الذين عادة ما يكونون موالين للحكومة "من الآن فصاعدا لن ننتظر أن تطرق المشكلات أبوابنا. لن ننتظر حتى يوضع النصل على رقابنا. لن ننتظر حتى تأتي المنظمات الإرهابية وتهاجمنا."

وأضاف في إشارة إلى مسلحي حزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا منذ ثلاثة عقود ضد تركيا وله قواعد في شمال العراق وجماعات تعتبر امتدادا له في سوريا "أيا كان الذي يدعم المنظمة الإرهابية المثيرة للانقسام فسنقتلع جذوره. ليذهبوا إلى أي مكان فسنجدهم وندمرهم. أقول هذا بوضوح شديد، لن يكون لديهم مكان واحد يجدوا فيه الأمان في الخارج."

وتحدث أردوغان بلهجة عدائية على نحو متزايد في خطاباته في الأيام الأخيرة لشعوره بالإحباط من أن تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي لم تشارك على نحو أكبر في الهجوم الذي تسانده الولايات المتحدة على الموصل وبالغضب من دعم واشنطن لمقاتلين أكرادا يقاتلون الدولة الإسلامية في سوريا.

ويركب الرئيس التركي موجة الوطنية منذ محاولة انقلاب فاشلة للإطاحة به في يوليو/تموز وتجد رسالته عن تركيا القوية صدى قويا لدى أتباعه المتحمسين.

وأنقرة منخرطة في نزاع مع العراق بشأن وجود قوات تركية في معسكر بعشيقة قرب الموصل وكذلك بشأن من يجب أن يشارك في الهجوم في المدينة ذات الأغلبية السنية التي كانت في وقت من الأوقات جزء من الامبراطورية العثمانية ولا تزال تركيا تعتبرها ضمن نطاق نفوذها.

وكان أردوغان حذر من إراقة دماء طائفية إذا اعتمد الجيش العراقي على مقاتلي الحشد الشعبي الشيعي.

وقال إنه جرى التوصل إلى اتفاق مع الجيش الأميركي بشأن انضمام المقاتلات التركية لعملية الموصل، لكن واشنطن تقول إن الحكومة العراقية هي المسؤولة عن تحديد من يشارك.

وأضاف "ظنوا أن بإمكانهم إبعادنا عن الموصل بمضايقتنا بحزب العمال الكردستاني وداعش (تنظيم الدولة الإسلامية). يعتقدون أن بمقدورهم تشكيل مستقبلنا بأيدي المنظمات الإرهابية. نعرف أن أسلحة الإرهابيين ستنفجر في أيديهم قريبا."

"أنتم أجانب هنا"

وتشعر تركيا على نحو متزايد بالعجز عن السيطرة على الأحداث عبر حدودها بينما يركز التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على قتال الدولة الإسلامية في سوريا أكثر من تركيزه على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد السبب الرئيسي للحرب من وجهة نظر أنقرة.

وأكثر ما يغضب تركيا هو دعم القوات الأميركية لمقاتلين أكراد في سوريا. وتعتبر واشنطن قوات حماية الشعب الكردية حلفاء مفيدين في القتال ضد الجماعات المتشددة لكن تركيا تراهم قوة معادية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني.

وقال أردوغان وسط تصفيق حاد في خطاب ألقاه الثلاثاء بمناسبة افتتاح العام الدراسي "نعرف هذا النشاط في هذه المنطقة. أنتم أجانب هنا. أنتم لا تعرفون."

وفي الوقت الذي واجه فيه انتقادات شديدة من الغرب على خلفية انتهاكه لحقوق الانسان وقمعه لمعارضيه وتضييقه الخناق على الحريات، أصلح الرئيس التركي علاقاته بموسكو في الأسابيع الأخيرة متعهدا بالوصول إلى أرضية مشتركة بشأن سوريا بعد لقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي على الرغم من دعم موسكو للأسد.

وقال أردوغان إنه بحث مع بوتين هاتفيا اتفاقا الليلة الماضية بشأن طرد ما كانت تعرف سابقا بجبهة النصرة وتسمى حاليا جبهة فتح الشام من حلب. ولم يخض في التفاصيل.

وأطلق إشارات متكررة في خطاباته هذا الأسبوع منها مصطلح "ملي ميساك" أو الاتفاق الوطني في إشارة إلى القرارات التي اتخذها البرلمان العثماني عام 1920 لترسيم حدود الامبراطورية العثمانية.

وكثيرا ما يعبر عن أسفه بشأن التنازلات التي قدمها الزعماء الأتراك في الحرب العالمية الثانية بتوقيع معاهدة لوزان التي أتت بتركيا الحديثة إلى الوجود عام 1923.

ونشرت وسائل إعلام موالية للحكومة هذا الأسبوع خرائط تصور الحدود العثمانية وهي تضم منطقة من بينها الموصل.

وحذر من جهود "إعادة هيكلة المنطقة" وقال إن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي.

وقال "أحذر المنظمات الإرهابية وحكومة بغداد المتعصبة طائفيا وحكومة الأسد التي تقتل شعبها: أنتم على المسار الخطأ. النار التي تحاولون إشعالها ستحرقكم أكثر منا. لسنا ملزمين بالتقيد بأي دور يضعه لنا أحد بهذا المعنى. لقد بدأنا تنفيذ خطتنا."