تعرضت محاولات وزير الخارجية الأميركي جون كيري لإقامة تعاون عسكري مع روسيا في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا لضربتين كبيرتين ربما تكونا قاضيتين.

وقد قال الجيش السوري إنه قطع كل طرق الإمداد المؤدية إلى الجزء الشرقي من مدينة حلب وهي أهم معقل للمعارضة حاليا في البلاد. وطلبت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد من السكان مغادرة المدينة.

وقال كيري اليوم إنه إذا ثبت أن العملية الإنسانية الروسية في حلب حيلة فإن ذلك سيعرض التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن الحل السياسي لإنهاء الحرب الأهلية السورية، إلى الخطر.

وأعلنت روسيا وحكومة الرئيس السوري بشار الأسد الخميس "عملية إنسانية" في قطاع من حلب تحاصره قوات المعارضة تشمل فتح "ممرات آمنة" كي يتسنى للمواطنين الفرار من أهم معاقل المعارضة في سوريا.

لكن الولايات المتحدة أثارت مخاوف بشأن الخطة وأشار مسؤولون أميركيون إلى أنها قد تكون محاولة لإفراغ المدينة من سكانها ولحمل المقاتلين على الاستسلام. ووصفت المعارضة الخطة بأنها تشبه التهجير القسري.

وقال كيري ردا على سؤال لأحد الصحفيين في بداية اجتماع مع نظيره الإماراتي "إذا كانت حيلة فإنها تحمل مخاطرة تدمير التعاون تماما."

وأضاف "من ناحية أخرى إذا تمكنا من حل الأمر اليوم والوصول إلى تفهم كامل لما يحدث ثم التوصل إلى اتفاق بشأن سبل المضي قدما فإن ذلك يمكن أن يفتح فعليا بعض الاحتمالات."

وردا على سؤال عما إذا كان يعتقد أن العملية خدعة، قال كيري "يساورنا قلق عميق بشأن التعريف ولقد تحدثت إلى موسكو مرتين في الأربع والعشرين ساعة الماضية."

وأضاف "من المحتمل بشدة أن تكون تحديا، لكن لدينا فريقا يجتمع اليوم يعمل على ذلك وسوف نتبين ما إذا كانت حقيقية أم لا. نحن ببساطة لا نعرف ولن نعرف ذلك تمام المعرفة إلا بعد أن ننتهي من المحادثات اليوم."

ولم يذكر كيري ما إذا كانت المحادثات جارية ولم يحدد كذلك مع من تحدث في موسكو. وعادة ما يتحدث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

وقال مسؤولون أميركيون طلبوا عدم ذكر أسمائهم الخميس إن الخطوة تبدو وكأنها محاولة لاستباق طلب أميركي بأن تفتح روسيا وسوريا طريقا رئيسيا يؤدي إلى حلب قبل بدء محادثات بشأن إقامة مركز مشترك للمخابرات لتنسيق الضربات الجوية ضد الدولة الإسلامية.

ثم أعلنت جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة الخميس إنهاء علاقتها بالتنظيم المتشدد وغيرت اسمها إلى جبهة فتح الشام لتجنب ما تقول إنه ذريعة من الولايات المتحدة ودول أخرى لمهاجمة السوريين.

وعلى الرغم من أن مسؤولا أميركيا وصف الخطوة بأنها "مجرد تغيير في الاسم" إلا أن الخطوة تعقد الاقتراح الأميركي بأن تقصر روسيا وسوريا الضربات الجوية على النصرة والدولة الإسلامية فقط دون جماعات المعارضة التي تدعمها واشنطن وحلفاؤها.

وقال المسؤول "بعد إنكار صلاتها بالقاعدة - وهو ما حدث بمباركة وموافقة القاعدة ذاتها- جعلت النصرة من الصعب عزلها عن باقي جماعات المعارضة المعتدلة التي قد ينضم أفراد منها للجبهة لأنها أقوى من بعض الجماعات التي ينتمون لها الآن."

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي إن واشنطن أوضحت مخاوفها بشأن إعلان فتح ممر إنساني في حلب وإن وجهة نظرها بشأن جبهة النصرة لم تتغير بتغيير اسمها.

وقال كيربي "لكننا مازلنا ملتزمين بالاقتراحات التي توصلت إليها الولايات المتحدة وروسيا لتنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا بشكل أفضل وتوفير الأرضية اللازمة لاستئناف المحادثات السياسية. إذا تم تطبيق تلك الاقتراحات بالكامل وبحسن نية يمكنها أن تحقق لنا نجاحا سعينا وراءه حتى الآن دون جدوى."

وأضاف "ولكن كما أوضح الوزير نحن عمليون حيال تلك الجهود وسنتطلع إلى وفاء روسيا بالتزاماتها كما نفي نحن. هذا سيكون الأساس والعامل المحدد للنجاح هنا."

اقتراح متعثر

وللولايات المتحدة هدفان لا ينفصلان في سوريا هما إنهاء العنف الذي تقدر الأمم المتحدة أنه قتل 400 ألف شخص وبدء عملية سياسية بدون الأسد الذي قال الرئيس باراك أوباما إنه يجب أن يرحل.

لكن وعلى الرغم من أن واشنطن وموسكو عبرتا عن أملهما في التوصل لطريقة للتعاون ضد الدولة الإسلامية، إلا أن اقتراح كيري يواجه صعوبات منذ البداية بسبب الأهداف المتناقضة للدولتين هناك وبسبب معارضة مسؤولين عسكريين وآخرين بالمخابرات الأميركية للتعاون مع موسكو.

ويشكك مسؤولون أميركيون في الادعاءات الروسية والسورية بأن هدف إجلاء المدنيين من حلب هو تمهيد الطريق للمساعدات الإنسانية لدخول المدينة المحاصرة التي يعيش فيها ما بين 200 و300 ألف مدني وليس لديهم من الأغذية إلا ما يكفيهم لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

وتساءل أحد المسؤولين "لماذا تريد أن تخلي مدينة تريد أن ترسل إليها مساعدات إنسانية؟"

وأضاف "من الوهلة الأولى سيبدو ذلك وكأنه جهد أحادي من جانب موسكو والأسد لاستباق طلب كيري إنهاء الحصار على حلب قبل بدء المفاوضات على القضايا الأكبر. إذا لم يكن اقتراح كيري للتعاون العسكري مع موسكو ميتا فهو على ما يبدو يحتضر."

ويريد مبعوث الأمم المتحدة للسلام في سوريا ستافان دي ميستورا التوصل لاتفاق بأسرع وقت ممكن حتى يتسنى له استئناف المحادثات في غضون شهر واستئناف إرسال المساعدات إلى سوريا.