أعرب مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق شرقي البلاد والحكومة المؤقتة المنبثقة عنه عن اعتراضهما على "تمكين جامعة الدول العربية لحكومة الوفاق (برئاسة فائز السراج) بتمثيل ليبيا، في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بمقر الجامعة في القاهرة".

وعقد الاجتماع الوزاري العربي في القاهرة السبت لبحث عدد من الملفات العربية، بينها الشأن الليبي.

ومثل ليبيا في الاجتماع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج ووزير خارجيته محمد سيالة ومدير إدارة الشؤون العربية بالخارجية الليبية حنان الزعبي.

واعتراضا علي ذلك وجهت لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق، خطابا إلى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي الذي حضر الاجتماع، أعربت خلاله عن "استياء" المجلس الشديد من دعوة حكومة الوفاق لتمثيل ليبيا في الاجتماع العربي.

وأوضحت اللجنة، خلال خطابها أن "الاتفاق السياسي الليبي لم يعتمد بعد في شكل تعديل دستوري، إضافة إلى أن حكومة الوفاق لم تنل الثقة بعد من قبل مجلس النواب المخول بذلك بحسب الاتفاق السياسي".

وكان السراج قد طالب الدول العربية خلال الاجتماع السبت "باستمرار دعمها لحكومة الوفاق الوطني باعتبارها الحكومة الوحيدة والشرعية في البلاد ووقف التعامل مع أي أجسام آخرى موازية".

كما اعتبرت لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس نواب طبرق أن "تمكين وزير الخارجية المقترح (بحكومة الوفاق) يشكل تجسيدا لسياسة الأمر الواقع وتدخلا سافرا في الشؤون الداخلية لدولة عضو في جامعة الدول العربية"، بحسب الخطاب.

وطالبت اللجنة جامعة الدول العربية "بألا تكون أعمالها سببا في زيادة حجم الانقسام والخلاف بين الليبيين"، وفق نص الخطاب.

من جهتها قالت الحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن مجلس نواب طبرق، خلال خطاب آخر وجهه رئيسها عبد الله الثني، إلي نبيل العربي، إن "اتخاذ قرار غير مدروس من الجامعة العربية قد يؤدي لزيادة الخلافات في ليبيا".

واستغرب الثني في خطابه، "الطلب من وزير الخارجية بالحكومة المؤقتة محمد الدايري، عدم الحضور لاجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد السبت ودعوة وزير الخارجية المقترح بحكومة الوفاق الوطني محمد سيالة للحضور وتمثيل ليبيا".

وخلال الخطاب نفسه حمل الثني، الجامعة العربية "مسؤولية توابع القرار"، بحسب نص الخطاب الذي دعي خلاله الجامعة إلى "الخروج بقرار يضمن الاستقرار في ليبيا".

وخلال المرحلة الانتقالية التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في ليبيا عام 2011، حدث انقسام سياسي في ليبيا تمثل في وجود حكومتين وبرلمانيين وجيشين يعملون في البلاد في آن واحد، إذ كانت تعمل في طرابلس (غربا) حكومة الإنقاذ الوطني والمؤتمر الوطني العام (بمثابة برلمان) ولهما جيش انبثق عنهما، بينما كان يعمل في الشرق الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء ومجلس النواب في مدينة طبرق ويديران بدورهما قوات مسلحة تأتمر بأوامرهما.

وفي ديسمبر/كانون أول 2015 اتفقت شخصيات سياسية من طرفي الصراع في ليبيا، وعبر حوار انعقد برعاية أممية في مدينة الصخيرات المغربية على توحيد السلطة التنفيذية في حكومة الوفاق الوطني والتشريعية في مجلس النواب في طبرق، إضافة إلى توحيد الجيش وإنشاء مجلس أعلى للدولة يتشكل من أعضاء المؤتمر الوطني العام في طرابلس، وتتمثل مهامه في إبداء الرأي لـ"حكومة الوفاق" في مشروعات القوانين والقرارات قبل إحالتها إلى مجلس النواب.

ورغم أن حكومة الوفاق لم تحصل على ثقة مجلس النواب بطبرق كما هو متفق عليه في الصخيرات بسبب استمرار الخلافات السياسية بين طرفي الصراع في ليبيا، فقد بادرت هذه الحكومة بالتوجه إلى طرابلس أواخر مارس/آذار، لتبدأ في ممارسة مهامها دون الحصول على موافقة هذا المجلس، الامر الذي يجعلها حكومة غير شرعية قانونيا الى حد الآن.

وفشل مجلس النواب لمرات عديدة في عقد جلسة حاسمة لمنح الثقة من عدمه لحكومة الوفاق؛ بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني لأعضائه اللازم لصحة الجلسة قانونا، واستمرار الخلافات السياسية بين أعضائه حول الحكومة.

وترى الدول الغربية في حكومة الوفاق أفضل أمل في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي في ليبيا، ومنع تدفقات المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط، واستئناف إنتاج النفط لإنقاذ اقتصاد ليبيا التي تعاني بشدة من الفوضى السياسي.

وفي المقابل، يقول مراقبون إن هذه الدول تخطئ في حساباتها ورهانها على سلطة لم تنل اعترافا واضحا من عموم الليبيين بسبب رفضها إتمام مخرجات الاتفاق بين الفرقاء الليبيين الذي تم توقيعه والذي يقضي في أحد بنوده بضرورة حضور المجلس الرئاسي وحكومته إلى البرلمان للتصويت على عليهما بالموافقة أو بالرفض.