في حين كانت قيادة جبهة "البوليساريو" الانفصالية تتبجح بأن العام 2016 "سيكون عام الحسم" في صراعها المصطنع ضد الرباط حول الصحراء، فوجئت هذه القيادة بأن "حسابات الحقل" ليست كـ"حسابات البيدر"، وبأن بداية هذه السنة الموعودة للحسم، كانت كارثية على مخططاتها الانفصالية بشكل عمّق من حالة الارتباك التي تواجهها في هذا الملف حيث حقق المغرب أشواطا مهمة في اتجاه إثبات مغربية الصحراء، وبشكل لم يعد معه ممكنا للانفصاليين وداعميهم مواجهة هذه الحقيقة على أرض الواقع.

ويقول مراقبون إن قيادة البوليساريو اختلط عليها هذه الأيام الحابل بالنابل ولم تعد تدري ما هي الخطوة التالية التي يجب عليها ان تتخذها لوقف مسلسل هزائمها الدبلوماسية المتتالية وفشلها في وقف نجاح مغربي مقابل في تكريس على نحو عملي، مغربية الصحراء وجلب مزيد من الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمه الرباط كحل نهائي للملف غير قابل للمراجعة باي شكل من الاشكال.

ويضيف المراقبون أن الجبهة الانفصالية صارت تعيش على وقع ضغط شديد ومحرج، بعد أن تبين أن "وعدها" بالحسم في نزاع الصحراء مجرد بيع الوهم لأنصارها المفترضين، مؤكدين أنها بصدد البحث عن "مخرج ينقذها من مأزق عميق" صارت تعيش فيه مع دخول سنة 2016.

ويقول محللون إن التطورات المتسارعة في ملف الصحراء تؤكد أن السنة الحالية تعد الانفصاليين بانتكاسة شديدة إضافية للهزائم التي تعرضوا لها في الأعوام السابقة.

وخلال المرحلة السابقة، أقدمت بعض الدول الأوروبية التي كانت إلى عهد قريب تعتبر من "الحلفاء" للبوليساريو، كالسويد وبعض الدول الاميركية اللاتينية، على سحب البساط من تحت أقدامها (الجبهة الانفصالية) كترجمة لنجاح الدبلوماسية المغربية في كشف حقيقة هذه الجبهة لدى قادة الدول المعنية من ناحية، ومن ناحية أخرى، نجاحها في إقناع هذه العواصم بواقعية "حلّ الحكم الذاتي" الذي أرضى جميع المتداخلين في الملف بما في ذلك قوى دولية معتبرة والامم المتحدة، لا سيما وأن المغرب لم يقف بانتظار انتهاء النزاع ليكرس وحدته الترابية مع أقاليمه الجنوبية، وهي وحدة تكشف عنها النهضة التنموية الشاملة التي تشهدها هذه الأقاليم بدعم من مباشر من العاهل المغربي.

وزار الملك محمد السادس الأسبوع الماضي أقاليم الصحراء ليعطي دفعة قوية للمشاريع التنموية الضخمة في تلك الأقاليم، وسط قناعة ملكية ومغربية تامة بأن تاريخ وحدة أراضي المملكة بما في ذلك الصحراء قد تحرك إلى الأمام وبلا رجعة، مع تأكيد الملك محمد السادس على أن "مقترح الحكم الذاتي" هو آخر ما يستطيع المغرب تقديمه كحل للازمة المفتعلة في الصحراء.

ومع العجز الدبلوماسي اللافت، سيكون على الجبهة الانفصالية أن تنهمك في البحث عن أعذار جديدة لاستبدادها وقمعها لسكان مخيمات تندوف في الجزائر.

ويقول محللون إن البوليساريو أصبحت في وضع ضاغط لا تحسد عليه، بينما هي لا تملك غير الوعود الجوفاء والقمع لسكان المخيمات الذين يريدون أشياء ملموسة وواقعية تخرجهم من واقع البؤس الذي فرضته عليهم سياسة الجبهة القمعية.

ويضيف هؤلاء أن المخيمات باتت تنذر بانفجار حقيقي وغير مسبوق للتخلص من الواقع المزري الأليم الذي كتم أنفس سكانه لمدة اربعين سنة من الفساد والاستغلال البشع والسرقات وتحويل المساعدات.

ونبه الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمدينة العيون بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء، إلى أن قيادة البوليساريو تغتني على حساب المحتجزين في المخيمات.

وكشفت تقارير دولية عديدة عن أن المساعدات التي تمنح لسكان المخيمات بتندوف تتعرض في مجملها للسرقة من طرف قيادة البوليساريو لتباع في الأسواق الموريتانية أو في الجزائر، وتحول عائداتها إلى الأرصدة البنكية في الدول الأوروبية والاميركية اللاتينية.

ويقول ناشطون صحراويون إنه و"أمام انسداد الأفق واستمرار المعاناة فإن الجميع (داخل المخيمات) يبحث عن مخرج لأوضاعهم المهينة، حيث يتبلور اتجاه قوي يسعى لقيادة معركة تغيير جذري للواقع البائس وإحداث ثورة عارمة ضد القيادة المستبدة، للبلوغ إلى بر الأمان وتحقيق المبتغى..".

ويضيف الناشطون أن "محتجزي المخيمات وصلوا الى مستوى من اليأس إلى درجة عدم تحمل المزيد من الأطماع السياسية الوهمية والتي لا أفق لها ، والتي امتدت على مدى عقود من الآلام والعذابات".

ويقول مراقبون إن سكان المخيمات لم يعد بإمكانهم تصديق الوعود الكاذبة للجبهة الانفصالية، وهم يرون ويسمعون بالتطور التنموي والاقتصادي اللذين تعرفهما الصحراء، في حين أن جبهة البوليساريو لم تستطع تلبية ولو الاكتفاء الذاتي من الطعام والشراب لتلك الساكنة، ناهيك ان يقوم بمشاريع تنموية واقتصادية والتي يفتقر إلى وسائلها وحتى الى الحنكة لإخراجها الى ارض الواقع.

بن موسى للجزائر تايمز