قال الرئيس السوري بشار الأسد إنه سيواصل محاربة "الإرهاب" أثناء إجراء المحادثات. وتعهد وفق مقتطفات من مقابلة مع فرانس برس نشرت الجمعة على حسابها على تويتر، باستعادة السيطرة على البلاد بالكامل، لكنه قال إن ذلك قد يتطلب وقتا "طويلا وثمنا كبيرا".

وقال إن التفاوض "لا يعني التوقف عن مكافحة الإرهاب"، مؤكدا أن المعركة الاساسية في حلب هدفها "قطع الطريق بين حلب وتركيا" وليس السيطرة على المدينة بحد ذاتها.

وأكد أنه "من غير المنطقي أن نقول أن هناك جزء سنتخلّى عنه".

وتأتي تصريحات الاسد متناغما تماما مع الموقف الروسي الرافض لوقف القصف رغم الاتفاق الذي توصلت له مجموعة الـ17 في ميونيخ الذي فرض وقف جميع الأطراف المعارك تمهيدا لاستئناف مفاوضات السلام برعاية الأمم المتحدة.

والتناغم بين الموقفين بما تضمناه من رفض لوقف القصف يعطي اشارات سلبية جدا تستهدف على الأرجح تقويض جهود التسوية السلمية.

وتقول موسكو ودمشق انهما تستهدفان التنظيمات المتطرفة مثل الدولة الاسلامية وجبهة النصرة بينما ترى الحكومة السورية كل الفصائل التي تقاتلها جماعات ارهابية.

ويعتقد محللون أن حديث الاسد عن مواصلة ما سماه مكافحة الارهاب مناورة الهدف منها اطالة أمد الصراع في ظل ما يحققه من مكاسب ميدانية بدعم جوي روسي.

وأضافوا أنه ربما يراهن على تحقيق المزيد من المكاسب تقوي موقفه التفاوضي بما في ذلك استبعاد نهائي لمسألة بقائه في السلطة من أي مفاوضات قادمة.

وردا على سؤال حول قدرته على استعادة الاراضي السورية كافة، قال "سواء كان لدينا استطاعة أو لم يكن، فهذا هدف سنعمل عليه من دون تردّد".

واوضح في المقابلة التي اجريت الخميس في مكتبه في دمشق وهي الاولى منذ انهيار مفاوضات السلام في جنيف ومنذ تقدم الجيش ميدانيا في شمال حلب بغطاء جوي روسي ان "المعركة الآن في حلب ليست معركة استعادة حلب لأننا كدولة موجودون فيها، ولكن المعركة الأساسية هي قطع الطريق بين حلب وتركيا"، مشيرا الى ان "تركيا هي الطريق الأساسي للإمداد الآن بالنسبة للإرهابيين".

واعتبر الاسد ان التدخل البري التركي والسعودي في سوريا "احتمال" لا يمكن استبعاده، مؤكدا استعداد قواته لمواجهة ذلك.

رسالة للحكومات الأوروبية

ودعا الحكومات الاوروبية الى تهيئة الظروف التي تسمح بعودة السوريين الى بلادهم، معتبرا ان ثمة "ظروف" فرضت عليهم الهجرة.

وقال "أدعو الحكومات الاوروبية التي ساهمت بشكل مباشر بهذه الهجرات، عبر تغطية الإرهابيين في البداية وعبر الحصار على سوريا، سأدعوها لكي تساعد على عودة السوريين إلى وطنهم"، لافتا الى ان كثيرا "من الذين هاجروا ليسوا ضد الدولة السورية وليسوا مع الإرهابيين، ولكن هناك ظروف أحيانا تفرض على الإنسان أن يُهاجر".

ورفض في المقابل التقارير الصادرة عن منظمات الامم المتحدة والتي تتهم نظامه بارتكاب جرائم حرب عدة منذ اندلاع النزاع الذي تشهد بلاده منذ خمس سنوات، واصفا اياها بـ"المسيسة".

وتابع "هذه المنظمات تسيطر عليها بشكل أساسي الآن القوى الغربية. لذلك معظم تقاريرها هي تقارير مسيّسة تخدم أجندة سياسية"، كما انها "لا تقدّم أدلة وهذه حالة عامة"، مضيفا "أنا لا أخشى هذه التهديدات أو الادعاءات".

من جهة أخرى دعا الرئيس السوري فرنسا إلى ان "تغير سياساتها" حيال سوريا داعيا اياها الى التحرك من اجل "مكافحة الارهاب".

وقال ان فرنسا تتبع "سياسات تخريبية في المنطقة وتدعم الإرهاب بشكل مباشر"، معتبرا انه "من واجبها الآن أن تقوم بسياسات معاكسة أو تغيّر سياساتها من أجل مكافحة الإرهاب".

وردا على سؤال عن استقالة وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، اجاب الاسد "تبدل الاشخاص ليس مهما الى حد كبير وانما المهم هو تبدل السياسات".

لا حلّ الا برحيل الاسد

من جهته قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الجمعة إنه لا يمكن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية إلا إذا أزيح الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، مضيفا أن هذا الهدف سوف يتحقق في نهاية المطاف.

وفي مؤتمر أمني في ميونيخ وصف الجبير الأسد بأنه "أكثر عامل جذب فعال منفرد للمتطرفين والإرهابيين في المنطقة". وقال إن الإطاحة به ضرورية لاستعادة الاستقرار.

وأضاف "هذا هو هدفنا وسوف نحققه، ما لم يحدث وإلى أن يحدث- تغيير في سوريا لن يهزم داعش (الدولة الإسلامية) في سوريا."

وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية الجمعة إن الرئيس السوري بشار الأسد "واهم" إذا كان يعتقد أن هناك حلا عسكريا للحرب في سوريا.

وقبل ذلك قال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان الجمعة، إن خطة السلام التي تهدف للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين القوات الحكومية السورية والمعارضة المسلحة في غضون أسبوع لا يمكن أن تنجح إلا إذا أوقفت روسيا ضرباتها الجوية الداعمة للحكومة.

واضاف في مؤتمر أمني في ميونيخ "يمكن للاتفاق أن يسمح بتحقيق تقدم إذا أفضى إلى وقف إطلاق النار وإذا أدى إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية بوجه عام وشمل وقف عمليات القصف دون تمييز التي ينفذها النظام السوري وروسيا."

صواريخ غراد

وفي تطور آخر قال اثنان من قادة مقاتلي المعارضة في سوريا الجمعة إن مقاتلي المعارضة حصلوا على كميات جيدة من صواريخ غراد أرض-أرض من داعميهم الأجانب خلال الأيام الأخيرة لمساعدتهم على التصدي لهجوم تنفذه الحكومة السورية شمالي حلب بدعم من روسيا.

وقال أحد القادة طالبا عدم نشر اسمه نظرا لحساسية الموضوع "هو قوة نارية جيدة لصالحنا."

وقال القائد الثاني إن الصواريخ تستخدم في ضرب مواقع للجيش خلف الصفوف الأمامية، مضيفا "هو ذراع أطول للفصائل."

ويمد معارضون أجانب للرئيس السوري بشار الأسد بينهم السعودية وتركيا جماعات معارضة معينة بالأسلحة عن طريق مركز عمليات مقره تركيا. وتلقت بعض الجماعات تدريبات عسكرية أشرفت عليها وكالة المخابرات المركزية الأميركية.

وقال القائدان إن الصواريخ أرسلت للمقاتلين منذ بداية الهجوم الذي قطع خطوط إمداد من الحدود التركية إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب. وقال أحد القائدين إنه سبق أن تلقى مقاتلو المعارضة صواريخ غراد لكن بكميات ضئيلة جدا.

ويطالب مقاتلو المعارضة بتزويدهم بصواريخ مضادة للطائرات يقولون إنهم بحاجة إليها لمواجهة القوة الجوية الروسية. وتنفذ روسيا ضربات جوية في سوريا دعما للأسد منذ 30 سبتمبر/أيلول 2015.

من جهته شكك المعارض السوري الناشط في مجال حقوق الانسان مازن درويش الجمعة بفرص نجاح الاتفاق في ميونيخ على وقف اطلاق النار في سوريا في غضون اسبوع، مشيرا الى ان المجتمع الدولي فشل طيلة السنوات الخمس الماضية في وقف الحرب في هذا البلد.

واتفقت القوى الكبرى الجمعة في ميونيخ في جنوب المانيا على خطة طموحة لوقف اطلاق النار في سوريا خلال اسبوع، وعلى العمل على ايصال المساعدات الانسانية الى المناطق المحاصرة بشكل خاص، وذلك في ختام خمس ساعات من مفاوضات كان الهدف منها اعادة احياء عملية السلام المتعثرة في هذا البلد.

واضاف "ما يجري في سوريا كارثة، انها حرب عالمية ثالثة. يجب وقف هذه الحرب فورا".

ويفترض ان يؤدي وقف اعمال العنف ان تحقق ميدانيا، الى استئناف المفاوضات السورية بين النظام والمعارضة التي كانت انطلقت في مطلع فبراير/شباط، بهدف السير بعملية انتقالية سياسية تنهي حربا مستمرة منذ خمس سنوات ادت الى مقتل 260 الف شخص وملايين اللاجئين.

وترفض روسيا وايران حليفتا دمشق فكرة استبعاد الرئيس السوري بشار الاسد وتعتبران انه يعود الى الشعب السوري تقرير مصيره.

لكن الغربيين والدول العربية الذين يخوضون حملة قصف على جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا يرون ان الاسد هو المسؤول الرئيسي عن الحرب، لكن موقفهم ما زال غامضا ازاء الدور الذي يمكن ان يلعبه في اي عملية انتقالية.

ويبدو ان اتفاق القوى الكبرى على خطة طموحة لوقف الاعمال العدائية في سوريا هش لكنه السبيل الوحيد لتحريك عملية السلام ووقف دوامة العنف كما افاد خبراء ودول مشاركة.

وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري بعد محادثات للمجموعة الدولية لدعم سوريا في ميونيخ (جنوب المانيا) "اتفقنا على وقف المعارك في كافة انحاء البلاد خلال اسبوع".

واتفقت الاطراف ايضا على تكثيف نقل المساعدات الانسانية الى المدن المحاصرة من قبل النظام او تنظيم الدولة الاسلامية برا او جوا اعتبارا من الايام المقبلة.

لكن بالنسبة للغربيين، فإن على روسيا، الجهة الداعمة الرئيسية لنظام بشار الاسد في هجومه العسكري على المعارضة، ان تبدأ بتطبيق الاتفاق.

مطلوب افعال لا اقوال

وقالت كريستين فيرتز المتحدثة باسم الحكومة الالمانية "الاقوال يجب ان تترجم الى افعال وهنا المسؤولية الكبرى تقع على عاتق روسيا".

واضافت "لدينا الان امكانية انقاذ هذه العملية لكننا نتوقع ايضا الا تستخدم الفترة حتى يطبق وقف اطلاق النار لزيادة وتيرة القصف" في اشارة الى الغارات الروسية التي تستهدف حاليا معقل المعارضة في حلب.

والاتفاق لا يشمل وقف القصف على مواقع التنظيمات الجهادية مثل تنظيم الدولة الاسلامية او جبهة النصرة.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف "سنستمر كما التحالف بقيادة اميركية في محاربة هذه المجموعات".

وينفذ التحالف بقيادة واشنطن الذي يشن منذ 2014 غارات جوية على تنظيم الدولة الاسلامية خصوصا في شرق البلاد، في حين يركز الروس قصفهم على القسم الغربي من البلاد لدعم قوات بشار الاسد.

وينتقد الغربيون الروس منذ اشهر لضرب المجموعات المتطرفة والمعارضة المعتدلة التي يمكن ان تشارك في المفاوضات من دون تمييز، ويخشون من استمرار هذا القصف رغم اتفاق ميونيخ اذ يصنف الروس العديد من المجموعات "ارهابية".