اثار قرار البرلمان التونسي الخميس منح النواب زيادة في الراتب جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي وفي اوساط المعارضة، وتنديدا بإجراء "استفزازي" بعد موجة الاحتجاجات الاجتماعية في البلاد.

واعلن مجلس النواب انه قرر تفعيل اقتراح زيادة بقيمة 900 دينار (400 يورو) المطروح منذ 2013، اعتبارا من فبراير/شباط.

وافاد المكتب الاعلامي للمجلس بأن هدف الزيادة تغطية تكاليف السكن والطعام.

في المقابل، لن يستفيد النواب الـ217 الذين يتقاضون تعويضات شهرية بقيمة 2300 دينار (الف يورو) بعد الان من الاقامة مجانا في فندق اثناء الجلسات العامة، بحسب المصدر.

ورغم ذلك، اثار الاعلان عن بدء سريان هذه الزيادة التي تشمل كذلك نواب تونس العاصمة الانتقادات وبعضها من نواب في المعارضة.

واعتبر المتحدث باسم حزب المسار (يسار) سمير بالطيب ان اعلان هذا القرار بعد ان شهدت البلاد للتو موجة احتجاجات اجتماعية "خطأ سياسي وقرار استفزازي".

واضاف "هل يريدون تشجيع المحتجين على استئناف حركتهم؟ انه قرار بلا مسؤولية. يبدو كأن البعض لا يرغبون في استعادة الامن".

وأثار القرار موجة انتقادات حادة على مواقع التواصل الاجتماعي وسخرية أحيانا من هذه الزيادة، فيما بدا اخرون اكثر عدائية واتهموا النواب بـ"سرقة الشعب".

في يناير/كانون الثاني شهدت تونس موجة احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة منذ ثورتها في 2011، انطلقت من مدينة القصرين في وسط غرب البلاد الذي يعاني الفقر والتهميش.

وطالب المتظاهرون السلطات بمضاعفة مكافحة البطالة والبؤس الاجتماعي، فيما دعا رئيس الحكومة الائتلافية الحبيب الصيد المتظاهرين الى الصبر وطرح في البرلمان برنامج تنمية لاقى انتقادات حادة من قبل نواب المعارضة.

وتأتي الزيادة في رواتب النواب بينما معدل النمو أدنى من 1 بالمئة مع تعطل انتاج القطاعات الحيوية وارتفاع معدل البطالة والفقر.

ومن المتوقع أن يثير القرار موجة غضب شعبي في ظل اعلان الحكومة خلال الاحتجاجات الأخيرة أنها لا تملك عصا سحرية لتلبية كل المطالب الاجتماعية وبعد اقرار الصيد نفسه بأن الوضع الاقتصادي صعب للغاية.

ويفترض بحسب محللين أن يواكب الاقرار بالوضع الصعب اجراءات للضغط على الانفاق الحكومي لا الزيادة في رواتب النواب خاصة أن رواتبهم تعد مقارنة بمعدل رواتب القطاع العام كبيرة.

ويجادل المنتقدون بأنه أولى للحكومة ولأعضاء البرلمان المساهمة بقسط من رواتبهم ولو بجزء بسيط يضخ شهريا في صندوق للتنمية.

وبعد قرار الزيادة قد لا يجد الحبيب الصيد حجة قوية لإقناع منتقديه والمحتجين الذي انتفضوا طلبا لعيش كريم.

الأمنيون يلوحون بالاضراب

كما يأتي القرار في الوقت الذي هدد فيه الأمنيون بتصعيد احتجاجاتهم ما لم تستجب الحكومة لمطالبهم بتحسين أوضاعهم المادية.

ونشرت قوات الأمن الداخلي الخميس بيانا دعت فيه منتسبيها إلى الاستعداد لأشكال احتجاجية جديدة بداية من السبت وطوال الأسبوع المقبل إلى حين تحقيق أهدافها ومن بينها المساواة مع العسكريين في منحة الخطر التي تقدر بنحو 200 دولار.

ولوحت النقابة بتصعيد احتجاجاتها بجميع الجهات لمختلف الأسلاك الأمنية من مباشرين ومتعاقدين اذا لم تلتزم الحكومة بمواصلة التفاوض مباشرة مع النقابة.

وأشارت إلى أنها ستبدأ بمقاطعة تأمين جميع الأنشطة الرياضية والثقافية بجميع أنواعها اعتبارا من السبت، ومقاطعة العمل النظامي 12 و24 ساعة اعتبارا من الاثنين ومقاطعة تأمين الجلسات بالمحاكم لمدة ساعتين، إضافة إلى مقاطعة رفع المخالفات وتحرير المحاضر الجبائية وعدم استخراج الشهادات ومقاطعة دروس التكوين في ميدان الإسعافات على مستوى الدفاع المدني.

وأعلنت النقابة أيضا بحسب ما ورد في بيانها يوم 10 فبراير/شباط يوما للغضب الأمني، حيث تنوي تنظيم تجمع أمني كبير بساحة القصبة في محيط قصر الحكومة بالعاصمة والاعتصام إلى حين تحقيق مطالبها.

وقررت أيضا تعطيل انسياب الحركة المرورية بمعابر الحدود البرية وتنفيذ وقفات احتجاجية لثلاث ساعات بالوحدات السجنية وعدم تأمين نقل المواد المتفجرة والإشراف على عمليات التفجير اعتبارا من الخميس 11 فبراير/شباط.

ونظم الأمنيون في الفترة الأخيرة مسيرة حاشدة وصلت الى قصر الرئاسة بقرطاج وتلقت وعودا من الرئيس التونسي بتحسين أوضاعهم والنظر في مطالبهم، إلا أن الاجراءات التصعيدية التي أعلنوا عنها تعكس عدم ثقتهم بتنفيذ تلك الوعود التي وصفوه بالمماطلة.

وخلال الاحتجاجات الاجتماعية في يناير/كانون الثاني تصدت قوات الأمن بكل حزم للاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة كما نجحت في اعتقال المئات من اللصوص الذي استغلوا موجة الاحتجاجات للنهب والتخريب.

كما فقد الأمن التونسي العشرات من عناصره في اعتداءات ارهابية كان آخرها في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 حين فجر انتحاري نفسه في حافلة للأمن الرئاسي ما أسفر عن مقتل 12 منهم واصابة آخرين.

وأحبط الأمنيون عشرات المخططات الارهابية التي كانت تستهدف البلاد وأكدوا مرارا عزمهم التصدي لاي خطر يهدد تونس، إلا أنهم يرون في المقابل أن الحكومة تبخسهم حقهم رغم ما يتعرضون له من أخطار.