وجه المغرب صفعة قوية إلى الجزائر وصنيعتها "البوليساريو"، اللتين كانتا تعولان على توجيه ضربات تحت الحزام إليه، وتخططان لنسف كل مجهوداته، التي تدخل في سياق تقوية روابطه مع مختلف الدول الإفريقية. غير أن المغرب استشعر ذلك، واستبقه بانتهاجه خطة ذكية، كانت كافية لإضعاف خصومه، وتقزيمهم في حدث كبير يجمع كل مكونات القارة الإفريقية.

ولم تكد كلمات المتدخلين في حفل الافتتاح الرسمي، لمؤتمر الحكومات المحلية والمدن الإفريقية تنتهي، حتى شعر المغاربة بنوع من الارتياح والطمأنينة، وقد استهل تلك الكلمات خليفة سال، رئيس منظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية، الذي أشار إلى أن المغرب دولة رائدة، ولا أحد يجادل بشأن المكانة التي يحتلها على الصعيد الإفريقي.

وكانت حالة من التوجس قد رافقت الجميع في وقت سابق، خشية بروز مواقف لم تكن في الحسبان، بعدما طفت على السطح مؤشرات ليست في صالح المغرب، من بينها سعي الخصوم إلى إدخال نقطة تغيير مقر المنظمة، في جدول الأعمال، قبل أن يتم سحبها بقوة القانون.

فإن مخاوف الوفد المغربي الذي يترأسه الشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، تبددت قبل بداية مؤتمر المدن الإفريقية في جوهانسبورغ، بحوالي ساعة من الزمن، بعدما تناهى إلى علمه أن الجزائر و"البوليساريو" غائبتان عن هذا الحدث القاري، وأن لا أثر لهما فيه، بعدما كان هناك ترجيح لمشاركتهما، خصوصاً أنهما تحظيان بدعم من الدولة المحتضنة للمؤتمر.

وقد عرف الفضاء الذي تقام فيه أشغال المؤتمر الذي انطلقت أشغاله، صباح أمس (الأحد)، وتستمر إلى غاية بعد غد (الخميس)، إنزالا مكثفا للوفد المغربي، الذي كان حضوره لافتاً، حيث توزع أفراده الذين تعمدوا الانتشار في مختلف أركان الفضاء، بين بقية المشاركين القادمين من دول إفريقية أخرى، وكانت فرصة للتعارف معهم، ودخلوا معهم في مناقشات تهدف في نهاية المطاف، إلى تقريبهم من حقيقة النزاع المفتعل بخصوص ملف الصحراء المغربية، وإعطائهم وصفاً دقيقاً لطرح مقترح الحكم الذاتي، الذي يتبناه المغرب ويدافع عنه باستماتة، عملاً بالتوجيهات التي قدمت إليهم، قبل إيفادهم لتمثيل المغرب دبلوماسياً، في جوهانسبورغ.

وكان حضور الوفد الرسمي الذي يمثل المغرب بارزاً بقوة في الصفوف الأمامية للمشاركين في المؤتمر، حيث كان واضحاً أن وجوده كان مكثفاً وقوياً، واتضح جلياً أنه يولي أهمية كبيرة لخدمة القضايا المشتركة بين كل دول القارة الإفريقية، التي تجمعها منظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية، التي يوجد مقرها في الرباط، ما جعله يتمكن من إجهاض كل التحركات السلبية على الساحة الإفريقية التي تحاك ضد المغرب، وتحركها الجزائر، أشهرا قبل إعلان احتضان جنوب إفريقيا هذا الحدث، بدل بوتسوانا.

وقد منحت البوليساريو مساحة ضيقة في الفضاء المخصص للمؤتمر، هي نفسها المساحة المخصصة لإقامة المراحيض المتنقلة للمعرض، وهي إشارة لتبخسيها.