فجر إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشف أن عقود عدد من شركات التدبير المفوض في المغرب تجاوزت تواريخ مراجعتها، وذلك بالتزامن مع تأكيدات الحكومة أنه لا يمكن مراجعة العقود حاليا إلا بجزاءات ثقيلة ستتحملها الدولة.

وشدد جطو، الذي كان يتحدث في لجنة مراقبة المالية العامة، بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، على ضرورة تقوية بنيات لجان المراقبة، موضحا أنه "لم تتم مراجعة العقود المتعلقة بشركتي ريضال في الرباط، وأمانديس في طنجة، رغم مرور 8 سنوات على الوقت المحدد للمراجعة".

وقال جطو: "إن أهم الاختلالات المسجلة، والتي لها وقع سلبي على البنود التعاقدية والتوازن المالي للعقد، عدم احترام المواعيد الدورية لمراجعة العقود المتعقلة بالتدبير المفوض"، داعيا إلى "التعجيل بالمراجعة التعاقدية للعقود قصد الحفاظ بصفة دائمة على التوازن المالي، وضمان استمرارية المرفق العمومي".

وضمن رصده أهم الحلول لمعالجة العديد من الاختلالات التي أدت بالتدبير المفوض لقطاعات الماء والكهرباء والنظافة إلى الوصول إلى عنق الزجاجة، ونجمت عنها احتجاجات في جل المدن، وأخيرها مدينة طنجة، بسبب شركة "أمانديس"، طالب جطو بالنظر إلى المشاكل التي تواجه تنفيذ العقود، مشددا على أنه "لابد من مد الجماعات بالموارد البشرية والخبرات الضرورية في هذا المجال".

وسجل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أن "هناك جماعات لا تتوفر على الأطر اللازمة، بالنظر إلى صعوبة أداء رواتبها؛ وهو ما يخلق نوعا من العلاقة غير المتساوية بين المفوض والمفوض له"، معلنا أن "الحل لتجاوز هذه الإشكالات هو إحداث هيأة مستقلة للتقنين، مثل ما هو الشأن في مجال الاتصالات".

وبعدما أكد أن مهمة هذه الهيأة تتمثل في "وظيفة اليقظة وضمان الجودة، وستشكل مركزا للخبرة ونشر معايير وتكوين قاعدة للتنسيق والتتبع"، أبرز جطو أنه "من شأن إحداث هذه الهيأة على المستوى الوطني أن يساعد على تجاوز مشاكل الحكامة في القطاع، خاصة على صعيد المصالح الإدارية"، مضيفا أن "هذه الهيأة ستمكن صانعي القرار من اتخاذ الإجراءات الضرورية لملاءمة الأهداف الاجتماعية مع متطلبات التدبير المفوض".

جطو، وضمن دعواته لتجاوز اختلالات التدبير المفوض في المملكة، طالب السلطات المفوضة بالقيام بصفة دائمة بمراقبة استعمالات أموال صندوق تدبير الأشغال، والذي ترصد أمواله للاستثمارات، مشددا على أهمية السهر على احترام مبدأ المنافسة في إبرام الصفقات.