أي ضمانات لاستقلال القضاة والسلطة القضائية بالمغرب على ضوء مشاريع القوانين التنظيمية

سنتحدث عن مشروع القانون التنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته لجنة العدل و التشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب ووافقت عليه كمبحث أول وعن مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كمبحث ثاني و مدى ضمانات بلورة المفهوم الحقيقي للسلطة القضائية، و مدى تكريس الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية كما نص عليه دستور 2011.

المبحث الأول :مشروع القانون التنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة

عقدت لجنة العدل والتشريع و حقوق الانسان خمسة إجتماعات لدراسة مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، هذا المشروع ضمن في 117 مادة، أنجز هذا المشروع على إثر إنجاز ميثاق إصلاح منظومة العدالة، هذا المشروع تم توزيعه لستة أقسام كالتالي :

الملاحظ على هذا المشروع أنه ضمن سابقا في عدة صغات (صيغة 23-10-2013، صيغة 23-12-2013...) .

الصيغة الأخيرة المحالة على لجنة العدل والتشريع و حقوق الإنسان، ليتم تصويت النواب على مشروع القانون المذكور وكذا مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالإجماع بتاريخ 27 أكتوبر 2015.

هناك مجموعة من الملاحظات حول مشروع القانون التنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته لجنة العدل و التشريع وحقوق الإنسان ووافقت عليه و هي كالتالي:

الملاحظة 1 :

يتبين من خلال المادة 6 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن خارج الدرجة يرتب فيها فقط كل من الرئيس الأول لمحكمة النقض و الوكيل العام للملك بها.

هذا الترتيب به تراجع على ما ضمن في صيغة المشروع السابقة إذ ضمن بالمادة 6 من مشروع قانون النظام الأساسي للقضاء، صيغة 23 ديسمبر 2013 على ما يلي :

يرتب القضاة في درجات متسلسلة على النحو التالي :

الدرجة الفريدة

خارج الدرجة

الدرجة الممتازة

الدرجة الاستثنائية

الدرجة الأولى

الدرجة الثانية

الدرجة الثالثة

يلاحظ أنه في هذا المشروع جعل الترقية تتوقف عند حدود الدرجة الاستثنائية و هذا من شأنه القضاء على التحفيز.

الملاحظة 2 :

يتبين من خلال المادة 8 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن الإطلاع على نص المادة المذكورة أنه عند التنصيص على شروط المترشح للمشاركة في مباراة الملحقين القضائيين تم تحديد أنه يجب على المترشح أن يكون حاصلا على شهادة جامعية دون تحديد هذه الشهادة هل هي الإجازة في العلوم القانونية أو الشريعة أو ما يعادلها أم شهادة الماستر خصوصا و أن الدخول للجامعات لدراسة الماستر ليس مفتوحا أمام جميع الطلبة و إذا ما تم فتح باب الترشيح لاجتياز مباراة الملحقين القضائيين أمام حاملي شهادة الماستر سيتم إقصاء عدد كبير من الطلبة الحاملين لشهادة الإجازة.

الملاحظة 3 :

يتبين من خلال المادة 18 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أنه سيعين المستشارون بمحكمة النقض و المحامون العامون لديها من بين القضاة المرتبين في الدرجة الأولى على الأقل الذين مارسوا مهامهم أو يمارسون مهامهم بمحاكم الاستئناف، وهذه نقطة إيجابية، و ذلك بإضافة ضرورة مرور القاضي بمحكمة الاستئناف للعمل بمحكمة النقض، وليس الاقتصار على الدرجة للرفع من الجودة القضائية.

الملاحظة 4 :

يتبين من خلال المادة 21 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أنه باقتراح من المسؤول القضائي بالمحكمة المعنية، سيعين المجلس الأعلى للسلطة القضائية :

نائب رئيس محكمة أول درجة و النائب الأول لوكيل الملك بها.

نائب الرئيس الأول لمحكمة الاسئناف، و النائب الأول للوكيل العام للملك بها.

هذا التعيين يتم باقتراح من المسؤول القضائي و الحالة أنه يجب أن يترك إقتراح هذه المناصب بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية بعد تلقي ترشيحات القضاة الراغبين في شغل هذه المناصب، و يعين في هذه المناصب القضاة الأكثر استحقاقا بدل من ترك الاقتراح للمسؤول القضائي.

الملاحظة 5 :

يتبين من خلال المادة 27 و 28 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه بخصوص حقوق وواجبات القضاة، و لعل من أهم الإيجابيات التي نص عليها المشروع ما ضمن في المادة 27 المشار إليها أعلاه، من الاستفادة من التعويضات عن التنقل و الإقامة لقيام القضاة بمهام خارج مقار عملهم، و من أجل المشاركة في دورات التكوين المستمر و التكوين المتخصص و كذا التعويض عن التكليف بمهام الإشراف عن التدبير و التسيير الإداري للمحاكم، بشرط أن تكون هذه التعويضات و شروط الاستفادة منها وفق تطلعات السادة القضاة، وأن يكون النص التنظيمي الذي سيحدد هذه التعويضات يدعوا للتحفيز و على التكوين المستمر و المتخصص، بشكل يضمن كرامة القاضي، مع العمل على وضع برنامج تكوين مستمر يراعى فيه المصلحة القضائية، يرتبط فيها هذا التكوين بمحكمة النقض، و بالمواضيع التي تقترحها، مع جعل هذا التكوين جهويا.

الملاحظة 6 :

يتبين من خلال المادة 35 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أنها جاءت غامضة و مخالفة لجميع القوانين إذ لا يعقل أن تكون ترقية القضاة مقيدة على شرط القبول، خصوصا إذا كانت الترقية مصحوبة بالإنتقال دون طلب من القاضي.

الملاحظة 7 :

يتبين من خلال المادة 39 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه تم التنصيص إن حماية الدولة للقضاة من التهديدات و التهجمات و الإهانة و السب أو القذف و جميع الاعتداءات أي كانت طبيعتها و التي يمكن أن يتعرضوا لها خلال أو بمناسبة مزاولة مهامهم ينبغي أن تشمل حتى بعد إحالة القاضي على التقاعد و هذا ما أغفلته مقتضيات المادة 39 المشار إليها أعلاه.

الملاحظة 8 :

يتبين من خلال المادة 45 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه نتساءل كيف سيتم البث في القضايا المعروضة حتى تكون داخل الأجل المعقول، ومراعاة الآجال المحددة بمقتضى نصوص خاصة؟ هل يتم ذلك بدون استدعاء الأطراف ! و يصدر الحكم غيابيا في مواجهة الأطراف لتبقى لهم صلاحية الطعن بالتعرض عند تبليغهم الحكم ! و إذا نصب قيم عن بعض أطراف القضية، هل يبث بالملف دون انتظار تنفيذ إجراءات القيم،بالطبع كل هذا مخالف للقانون، يتبين أن البث في القضايا المعروضة على القاضي داخل الأجل المعقول و في بعض الأحيان أصبح مستحيلا، و ستبقى مقتضيات المادة 45 من هذا المشروع معدومة، ما لم تحل مشكل و معضلة التبليغ و تجهيز الملفات .

الملاحظة 9 :

يتبين من خلال المادتين 50 و 51 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه : المعهد العالي للقضاء حاليا هو المكلف بالتكوين المستمر، هل استطاع المعهد العالي للقضاء أن يستجيب لمتطلبات التكوين المستمر؟ وبصيغة أخرى، ما هي أهم معيقات التكوين المستمـــر ؟ لا يمكن الحديث عن التكوين المستمر سواء للقاضي أو المسؤول القضائي إلا بحل عدد من الإشكاليات :

الإشكالية الأولى : كيفية اختيار المستفيدين من التكـوين المستمر، وكيفية اختيار المكـونين.

إن اختيار المكونين يكون غالبا من أساتذة المعهد العالي للقضاء الذين يدرسون عـادة المـادة موضوع التكوين المستمر، وقد يكون المكون من الأساتذة القارين بالمعهد العالي للقضاء، أما المستفيدين من التكــوين المستمر يتم اختيارهم عـادة من طرف المسؤول القضائي أو المسؤول المباشر على المستفيد من التكوين المستمر، وكل هذا يطرح عـدة إشكاليات، قد يكون المستفيد من التكوين المستمر له أقدمية وتجربة في المــادة التي يتم التكوين فيها على القاضي أو المسؤول المكـون، كما أن عملية انتقاء المكونين في التكوين المستمر لا تخضع لأي ضبط أو معــايير، لـذا، يجب إعداد نموذج استرشادي لكيفية اختيار المكـون والمستفيد من التكوين المستمر.

الإشكالية الثانية : التخصص

حـان الوقت لتفعيل موضوع التخصص القضائي منذ التحاق الملحق القضائي بالمعهد العالي لقضاء.

الإشكالية الثالثة : مدة التكوين المستمر

إذا ما راجعنا المدة التي يخضع فيها : "القاضي و المسؤول القضائي.. للتكوين المستمر نجدها قليلة جـدا، تجعل المتكون والمستفيد من التكوين المستمر بعيدا عن التكوين وعن مسايرات الاجتهادات القضائية والقوانين المحدثة، لذا، ينبغي تفعيل التكوين المستمر، والإكثار من دوراته خلال السنة.

الإشكالية الرابعة : اعتماد المنهج التقليدي في التكوين المستمر

يتم اعتماد المنهج التقليدي في التكوين المستمر، وحصره على المعهد العالي للقضاء بالنسبة للقضاة، والحالة أن التكوين المستمر ينبغي أن يعقــد بشكل دوري حتى داخل المحاكم، حتى يتسنى للقضاة، مسايرة آخر الاجتهادات القضائية وآخر القوانين المحـدثة. يتعين على محكمة النقض أن تكون هي المشرفة على التكوين المستمر باعتبار أن محكمة النقض هي أعلى وحدة في الهرم القضائي بالمغرب، إذ أن من اختصاصاتها ليس فقط مراقبة المسائل المتعلقة بالقانون بل هي تراقب أيضا شرعية القرارات التي تصدرها محاكم الموضوع وتضمن بذلك توحيد الاجتهاد القضائي.

الإشكالية الخامسة : العائق المـادي

الإشكالية السادسة : التكوين المستمر والترسانة القانونية التي تم إنجازها في إطار الإصلاح

الإشكالية السابعة : المسؤول القضائي والتكوين المستمر

إذا كان التكوين المستمر يعد أحـد الدعائم الأساسية في التطوير والتجديد المعرفي والثقافي، كما أنه يجعل المتكون يحصل على خبرة عملية تساعده على أعماله وعلى اتخاذ القرارات الصائبة، وإذا كان التكوين هو دعامة أساسية لاستقلال السلطة القضائية، وإذا كان الرفع من ثقة المجتمع في القضاء مرتبط باستقلاليته، وأن استقلاليته مرتبطة بدورها بمستوى قدرات القضاة ، وبطبيعـة تكـوينهم، فإن الهدف منه هو تأهيل القاضي لتحمل المسؤولية إما رؤساء محاكـم أو رؤساء أولين بها، وكلاء ملك أو وكلاء عامين بها .

ولن يكون ذلك إلا عن طريق التكوين المستمر.

الإشكالية الثامنة : مــواضيع التكوين المستمر للقضاة

يهدف التكوين إلى تكوين القضاة بمختلف المحاكم حسب تخصصهم والمهام المسندة إليهم، من خلال تنظيم لقاءات وورشات وندوات وطنية وأخرى جهوية، أو دولية تمكن المستفيدين من اكتساب وتطوير معارفهم ومهاراتهم وخبراتهم العلمية والمهنية تحت إشراف محكمة النقض.

التكوين المستمر يجب أن يراعي المصلحة القضائية العامة و لن يتم ذلك إلا بعقد لقاءات بين قضاة محكمة النقض و قضاة باقي المحاكم لتوحيد الاجتهاد القضائي و العمل على تلقي تكوين خاص حول الإدارة القضائية للملحق القضائي بالمعهد العالي للقضاء و لا ننتظر حتى يعين المسؤول القضائي ليتلقى تكوينا خاصا حول الإدارة القضائية .

الملاحظة 10 :

يتبين من خلال المادة 52 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن هذه المادة ينبغي إلغاؤها لأنها لا تتماشى مع بعض المعطيات الخاصة و الفردية للقاضي و خاصة أنها تتناقض مع الاستقلالية الذاتية للقاضي.

الملاحظة 11 :

يتبين من خلال المادتين 54 و 55 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن تقييم أداء القضاة هو مخول للمسؤول القضائي، و الرأي الشخصي للمسؤول القضائي له تأثير على المسار المهني للقاضي و أبعد من ذلك قد يؤثر على استقلاليته القضائية و من أجل ضمان استقلالية القاضي ينبغي تعديل هذه المادة و العمل على تخويل صلاحية تقييم أداء القضاة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية و ليس للمسؤول القضائي، بالنظام الأساسي للقضاة الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 بتاريخ 26 من شوال 1394 (11 نونبر 1974)، كان القاضي لا يطلع على نظرية المسؤول القضائي عند تقييمه لمساره المهني، قد يكون من إيجابيات هذا المشروع أنه خول للقاضي الاطلاع على آخر تقرير تقييم لأدائه الخاص به المنجز من قبل المسؤول القضائي، قبل متم شهر يونيو من السنة الموالية لإنجاز التقرير و التظلم بشأن تقييم المسؤول القضائي لأداء الخاص به.

الملاحظة 12 :

يتبين من خلال المادتين 61 و 62 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن الصلاحية لاستصدار الرخص أعطيت مرة أخرى للمسؤول القضائي، و هذا يمكن أن يشكل تأثيرا على استقلالية القاضي، كان من الأجدر أن يكون ذلك من اختصاص المجلس الأعلى للسلطة القضائية .

الملاحظة 13 :

من خلال المادتين 73 و 77: من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن بيد المسؤول القضائي وضعت عدة سلط منها سلطة تقييم أداء القاضي، سلطة منح الرخص الإدارية، سلطة التعيين لمناصب داخل المحكمة و كذا سلطة انتداب القضاة و يمكن أن يكون لكل هذا تأثير على استقلالية القاضي، لذا كان ينبغي مراعاة لجميع الحالات عند الانتداب موافقة القاضي المعني بالأمر، المادة 77 من هذا المشروع المشار إليه أعلاه و إن كانت تجيز للقاضي تقديم تظلم داخل أجل 10 أيام من تاريخ توصله بقرار الانتداب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورغم التظلم على القاضي تنفيذ قرار الانتداب !!!

الملاحظة 14 :

من خلال المادتين 97 : من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه نحن كلنا مع المبدأ الدستوري، المسؤولية مع المحاسبة القضاء شأن مجتمعي، كلنا ضد المساس باستقلالية القاضي، يعلم الجميع أن ما يطالب به القضاة هو القيام بالمهام القضائية بكل استقلالية، من خلال المادة 97 المشار إليها أعلاه يتبين أنه تمت مصادرة لسلطة القاضي في تفسير القانون، و ضرب لاستقلالية القاضي من حيث تفسير مفهوم الخطأ الجسيم ، إذا كانت باقي التشريعات القانونية عندما تتحدث عن الخطأ الجسيم تشترط لقيامه شروط خاصة مثال على ذلك الخطأ الجسيم المرتكب من طرف الأجير في مواجهة مشغله و المنصوص عليه في المادة 39 و 40 من مدونة الشغل إن نص فيهما أنه لا يمكن الحديث و لا مواجهة الأجير للخطأ الجسيم إذا احترمت مسطرة خاصة و هي مسطرة الفصل المنصوص عليها في مقتضيات المواد 62، 63 و 64 من مدونة الشغل، و في حالة عدم احترامها يعد الفصل تعسفيا و قد ساير المشرع المغربي في ذلك لاتفاقية الدولية لتأطير الطرد و حتى لو كان الأجير مرتكبا لهذا الخطأ ، في حين نجد القاضي الذي يعمل على تطبيق هذه القوانين و هو يواجه بالخطأ الجسيم بدون أي ضمانات و قد يتم توقيفه عن مزاولة مهامه، و قد يتابع جنائيا و تأديبيا.

المادة 97 المشار إليها أعلاه من مشروع النظام الأساسي للقضاة تطرح عدة إشكاليات تدفعنا للتساؤل عن مدى ملاءمة هذه المادة من المشروع مع المعايير الدولية و مدى ملاءمتها للحقوق و الحريات الواردة بنص دستور 2011 ،إذ نتساءل باستغراب كيف يمكن توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه إذا توبع جنائيا أو ارتكب خطأ جسيما وهذا يناقض أن الأصل هو البراءة و أكثر من ذلك قد يكون الأمر يتعلق بشكايات كيدية لذا ينبغي تعديل هذه المقتضيات مع ما يترتب عليها وفق انتظارات ليس فقط القضاة و إنما كل فئات المجتمع المغربي.

الملاحظة 15 :

كما تم تغييره و تتميمه.

من خلال المادة 115 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-106 يتعلق بالنظام الأساسي للقضاة كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أنه تم حرمان قضاة الدرجة الثالثة من نسق الترقي الجديد المنصوص عليه بالمشروع، و بقاء خضوعه لمقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 23 من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.467 بتاريخ 26 من شوال 1394 (11 نونبر 1974) المكون للنظام الأساسي لرجال القضاء، كما تم تغييره و تتميمه . إننا نتساءل لما إقصاء قضاة الدرجة الثالثة من نسق الترقي وفق هذا المشروع الجديد ؟ كان من الأجدر إلغاء هذه الدرجة وتعيين الملحقين القضائيين بعد تكوينهم بالمعهد العالي للقضاء وبعد نجاحهم في إمتحان نهاية التمرين قضاة من الدرجة الثانية و ليس الدرجة الثالثة.

المبحث الثاني : مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية

مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، يأتي في إطار تنزيل مضامين دستور 2011، و ميثاق إصلاح منظومة العدالة، هذا المشروع يهدف إلى ضمان إستقلالية المجلس الأعلى للسلطة القضائية و لنا مجموعة ملاحظات حول هذا المشروع .

تضمن المشروع 120 مادة تتوزع وفق التقسيم التالي :

القسم الأول : أحكام عامة

القسم الثاني : تأليف المجلس الأعلى للسلطة القضائية (و يتضمن بابين إثنين : العضوية في المجلس ، انتخابات ممثلي القضاة في المجلس) .

القسم الثالث : تنظيم و سير المجلس الأعلى للسلطة القضائية : و يتضمن ثلاثة أبواب : تنظيم المجلس، قواعد سير المجلس، ميزانية المجلس).

القسم الرابع : إختصاصات المجلس الأعلى للسلطة القضائية ( ويتضمن ثلاثة أبواب : تدبير الوضعية المهنية للقضاة و المعايير المتعلقة بها، حماية إستقلالية القاضي، وضع التقارير و إصدار التوصيات و الآراء).

القسم الخامس : أحكام إنتقالية و مختلفة .

هناك عدة ملاحظات و تساؤلات بخصوص مشروع القانون التنظيمي رقم

13-100 يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته لجنة العدل و التشريع و حقوق الانسان ووافقت عليه.

الملاحظة 1 :

يتبين من خلال المادة 6 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية يتألف من :

13 من القضاة

الوسيط

رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان

خمس شخصيات يعينها جلالة الملك

يلاحظ فيما يخص تشكله المجلس الأعلى للسلطة القضائية، يتبين أنه تم إشراك شخصيات من غير القضاة، ودمج فعاليات جمعوية وحقوقية داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مؤسسة الوسيط، فعاليات مشهود لها بالكفاءة، التجرد والنزاهة، والعطاء المتميز في سبيل، استقلال القضاء، وسيادة القانون (الفصل 115 من الدستور)، هذه المؤسسات الحقوقية والفعاليات الغير القضائية لها دورها وأهميتها، في حالة وجود أطراف غير قضائية لها علاقة بملفات مدرجة أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وعندما يتعلق الأمر بشأن قضائي مهني صرف، فهو من اختصاص قضاة تشكيلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية.

التساؤل : هل إذا تعلق الأمر بشأن قضائي صرف سيبث المجلس الأعلى للقضاء فيما يتعلق بهذا الشأن بحضور القضاة فقط و أن حضور باقي أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية خارج الوسط القضائي سيكون هذا الحضور مقتصرا فقط إذا تعلق الأمر بقضايا لا تتعلق بالشأن القضائي الصرف، يكون طرفا فيه قاضيا ؟

الملاحظة 2 :

يتبين من خلال المادة 21 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن حرمان القاضي المترشح لعضوية المجلس الأعلى للسلطة القضائية من ترقيته العادية، هو مساس للضمانات الممنوحة لموظفي الدولة، و ستجمد وضعيته المهنية،لذا كان ينبغي إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 21 المشار إليها أعلاه، أو التنصيص على منح القاضي الترقية التلقائية بعد مرور المدة القانونية.

الملاحظة 3 :

يتبين من خلال المادة 27 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن هذه المادة حددت أن المؤهل للترشيح في المجلس، كل قاض يتوفر فيه شروط معينة من بينها ألا تقل مدة أقدميته في السلك القضائي عن 7 سنوات،هل من تاريخ الالتحاق بالمعهد العالي للقضاء أم من تاريخ نهاية امتحانات التخرج من المعهد العالي للقضاء ؟ إن التراجع عن 5 سنوات في صيغة المشروع السابق قبل التعديل، و هذا التراجع سيحرم مجموعة من القضاة الشباب ليكون ممثلا بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

الملاحظة 4 :

يتبين من خلال المادتين 33 و 44 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن الإشراف على كل مكتب من مكاتب التصويت و كذا عملية الإحصاء و الإعلان عن النتائج النهائية، تتم من قبل خمسة قضاة لمحكمة النقض من بينهم رئيس، و الحالة أنه كان يجب إشراك قضاة جميع المحاكم بكل درجاتها للإشراف على العملية الانتخابية.

الملاحظة 5 :

يتبين من خلال المادة 53 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن إحداث مفتشية عامة للشؤون القضائية داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية هو خلاف ما تضمنه الدستور في المادة .......منه إذ تحدث فيه عن تقديم المساعدة للمجلس فقط.

تنص المادة 116 من الدستور :

يعقد المجلس الأعلى للسلطة القضائية دورتين في السنة على الأقل.

يتوفر المجلس الأعلى للسلطة القضائية على الاستقلال الإداري والمالي.

يساعد المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في المادة التأديبية، قضاة مفتشون من ذوي الخبرة.

يُحدد بقانون تنظيمي انتخاب وتنظيم وسير المجلس الأعلى للسلطة القضائية، والمعايير المتعلقة بتدبير الوضعية المهنية للقضاة، ومسطرة التأديب.

يراعي المجلس الأعلى للسلطة القضائية، في القضايا التي تهم قضاة النيابة العامة، تقارير التقييم المقدمة من قبل السلطة التي يتبعون لها.

الملاحظة 6 :

يتبين من خلال المادتين 67 و 70 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أنه كان من المفروض أن يتم التنصيص على أن تعيين المسؤولين القضائيين، في مناصبهم لمدة أربع سنوات هي غير قابلة للتجديد، لإعطاء فرصة لباقي القضاة لتولي مناصب المسؤولية القضائية.

الملاحظة 7 :

يتبين من خلال المادة 71 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن الاختصاص لتعيين المسؤول القضائي هو موكول للأمانة العامة للمجلس، بعد تلقي طلبات ترشيح المسؤول القضائي إلا أن هذه المادة لم تتحدث عن إمكانية الطعن في القرار المتخذ للمرشح الذي لم يتم قبول ترشيحه.

الملاحظة 8 :

يتبين من خلال المادة 75 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أنه يشترط لترقية القضاة عدة شروط يصعب تحقيقها في بعض الأحيان، كالحرص على إصدار الأحكام في أجل معقول، وهذا مرتبط بعدة عوامل لا دخل للقاضي فيها أهمها معضلة و إشكالية التبليغ، تجهيز الملفات ... إلخ. كما أن إستعمال الوسائل التكنولوجية الجديدة يلزم التكوين للقاضي بدءا من المعهد العالي للقضاء و كذلك الأمر داخل المحاكم، و بالرجوع إلى التكوين داخل المعهد العالي للقضاء، تفتقد دروس في المعلوميات كذلك الأمر داخل المحاكم.

الملاحظة 9 :

يتبين من خلال المادة 77 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أنه ينبغي أن يراعي المجلس في انتقال القضاة، إضافة لرغبات القضاة المبينة في طلباتهم، حاجيات المحاكم، الشروط التي يحددها النظام الداخلي للمجلس للإنتقال من محكمة إلى أخرى، ينبغي أن يراعي تخصص القضاة و ميولاتهم العلمية .

الملاحظة 10 :

يتبين من خلال المادة 90 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أنه منحت الصلاحية للرئيس المنتدب للمجلس بعد إستشارة اللجنة المذكورة في المادة 79 متألفة من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض إضافة إلى أربعة أعضاء يعينهم المجلس، توقيف القاضي المعني مؤقتا عن مزاولة مهامه إذا توبع جنائيا أو ارتكب خطأ جسيما طبقا لأحكام النظام الأساسي للقضاة، وهذه المادة أغفلت حق القاضي بالرجوع على المشتكي الذي قد يتقدم بشكاية كيدية، قد يفتح الباب أمام الجميع لتشويه سمعة القاضي و النيل منه لمجرد أنه قد يكون قد أصدر حكما ضده، لذا من المفروض حفظ حق القاضي بالرجوع على الجهة المشتكية إن تبث أن الأمر يتعلق بشكاية كيدية .

الملاحظة 11 :

يتبين من خلال المادة 92 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أنه قد تم إغفال إمكانية مؤازرة القاضي المتابع، إضافة إلى أحد زملائه القضاة أو بمحام من قبل جمعية مهنية قضائية، باعتبار أن الفصل 111 من الدستور أعطى للقاضي حق إنشاء جمعيات مهنية قضائية، و أن من أهداف الجمعيات المهنية القضائية الدفاع عن استقلال القضاء و حقوق القضاة، و المؤازرة أمام المجلس الأعلى للسلطة القضائية يدخل ضمن أهداف الجمعيات المهنية القضائية.

الملاحظة 13 :

يتبين من خلال المادة 99 من مشروع قانون تنظيمي رقم 13-100 بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية كما عدلته اللجنة ووافقت عليه يتبين أن المقررات المتعلقة بالوضعيات الفردية للقضاة الصادرة عن المجلس الأعلى للسطة القضائية هي قابلة للطعن بسبب الشطط في آستعمال السلطة أمام الغرفة الإدارية لمحكمة النقض، وهذه المادة تجعلنا أمام إشكالية قانونية، لذا ينبغي حل الإشكالية القانونية التي تجعل من السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض بصفته رئيسا منتدبا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وفي نفس الوقت مرجعا يطعن أمامه في قرارات هذا المجلس.

خاتــمــــــة :

إن الجميع معنيون أينما كان موقعهم من أجل تكريس الاستقلال الفعلي للسلطة القضائية الورش مازال مفتوحا من أجل تعديل نقط الخلاف و من أجل بلورة المفهوم الحقيقي للسلطة القضائية.

رشيدة أحفوض

*رئيسة الجمعية المغربية للقضاة.قاضية من الدرجة الاستثنائية

رئيسة غرفة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء- أستاذة بالمعهد العالي للقضاء- أستاذة زائرة بكلية الحقوق