ليس بعيدا عن الانبار العراقية يحل العديد من الخبراء الاميركان المتمرسين، لا احد يعلم حتى الساعة عن ادوارهم الا ما رشح انهم "يساعدون" القوات العراقية في قتال تنظيم داعش الارهابي، في المقابل يصرح وزير الدفاع الاميركي ان هذه القطعات العراقية شبه ميؤوس منها بسبب ضعف عقيدتها القتالية، هذه تصريحات مرت عليها مدة من الزمن ومع ذلك لم تظهر نتائج مدربي قاعدة عين الاسد على ارض الواقع وبقيت داعش على تمترسها وبقي وزير الدفاع يصرح انه يواصل التدريب وان المراهنة هي على عامل الزمن.

يفتح الوزير الاميركي ابواب وزارته ظهر اول امس للضيف الكبير، اوباما، وما ان يتخذ كل مكانه حتى يتصدر الحديث عن تنظيم داعش والمقاربة الاميركية له كل حديث، الرئيس لن يتحدث عن وجود مئات المدربين الذين سبق وارسلهم هو ووزير دفاعه، لن يتحدث بشكل دقيق عن ماذا حققوا والى اين وصلوا وكأنها كائنات غير مرئية ولا علاقة لها بما يجري وسيعنى بعنصر الزمن الاميركي في الازمة برمتها وهو زمن يختصر ايضا الفلسفة السياسية الاميركية لازمات الشرق الاوسط كلها وبما فيها ازمات البلدان المبتلاة بالتنظيم الارهابي .

داعش في المنظور الاميركي وما رشح من حديث الرئيس الأخير هو تنظيم مراوغ وخطير وهزيمته تحتاج الى زمن طويل لانه تارة يختبئ في وسط المدنيين وتارة يمارس المراوغة والخديعة والمكر. هذه خلاصة من الخلاصات التي تحدث عنها الرئيس والتي تفصح عن حقيقة الوعي الاميركي، انه بصدد معالجة مختلفة للامر تختلف عن معالجة جميع اطراف الصراع، بدءا من البلدين المبتليين اكثر من اي بلدان اخرى وهما العراق وسوريا وصولا الى الاطراف الاقليمية الفاعلة.

اميركا – اوباما عندها اشكالية الوجود الكردي في وسط التراجيديا الداعشية، يبدو ان هذا الوجود صار اسبقية ، حفظ امن الاكراد في مناطقهم، الذود عنهم في مناطق تمددهم على الحدود التركية السورية ابتداء من عين العرب كوباني وليصرخ اردوغان ويستشيط ما طاب له الصراخ، مع ان الاخير لم يتورع عن اتهام الغرب بصفة عامة بالنفاق في دعمه للاكراد دون سواهم.

اذا ستصبح قضية الوجود وتاليا التوسع الكردي مثل نبتة وسط الحطام يجب العناية بها وهي مسألة زمن اميركي قادم ايضا، لكن من اين وكيف؟ اميركا عندها القصف من اعلى، وطائراتها التي تجوب الافاق، اتراها كافية للذود عن تلك الشجرة الوليدة مع استشراء عمليات الكر والفر الداعشية؟

بالطبع وفي المقابل لا يبدو كل هذا مستساغا لدى الطرف الاقليمي الاكثر فاعلية وتاثيرا في الازمة السورية الا وهو الطرف التركي، يتنمر اردوغان من قصره المنيف ويحرك جيوشا وفيالق على الحدود السورية التركية ويحشد الافا مؤلفة وفيما اوباما يتساءل عن تلك الحشود واردوغان لا يجيب بينما يتوصل الراسخون بالعلم ان عين اردوغان ورهطه هي كعين زرقاء اليمامة التي ستتعدى لجم التمدد الكردي وصولا الى اسقاط حلب السورية بالتعاون مع النصرة وبالتحالف معها.

هذه الحصيلة المعقدة يمكن من خلالها تلمس قوى الصراع ومساراته من خلال الاتي:

اولا: ان الاشكالية المقبلة والاهم تتعلق بفهم عامل الزمن في المفهوم الاميركي عما سواه، فالزمن سيطول للخلاص من داعش بحسب الخطط الاميركية ريثما يتم رسم حدود جديدة للصراع وقواعد جديدة للعبة، بينما الخطط العراقية وبعلم الاميركان تتحدث عن الزحف على معاقل داعش في الانبار العراقية وتنظيفها فيما تبقى الموصل هدفا ثانيا وهو زمن عراقي خالص لايبدو انه سيكون مستساغا اميركيا لحجج اميركية كثيرة ابسطها العامل الطائفي الذي صار مرضا عراقيا مزمنا تستخدمه الادارة الاميركية متى شاءت لتغيير او تعديل مسارات قيادة الازمة.

ثانيا: ليس هنالك من تناغم – ظاهر في الاقل – بين الرؤى التركية والاميركية في مقاربة الازمة فكلما لامت الادارة الاميركية الطرف التركي على عدم انغماسه في محاربة ارهاب داعش تعلل الطرف التركي بأن من يده في النار ليس كمن يده في الماء، وان نار داعش على ابواب المدن التركية وان تركيا تجد لنفسها جميع المسوغات في التغاضي عن كثير من سوءات النشاطات الارهابية على طريقة اترك لحيتي فأترك لحيتك.

ثالثا: لا يبدو من تصريحات الرئيس الاميركي الاخيرة من اهتمام بين بالهامش التركي للمناورة بقدر نزوع الادارة الاميركية الى مبدأ مسك الارض وايجاد المقاتلين المحليين لمشاغلة داعش لكن ليس القضاء عليها نهائيا ريثما يتم تحقيق المهمة كاملة ومنها تلك الالاف القليلة التي قيل ان الاميركان يدربونها من اطراف من المعارضة السورية ويفترض فيهم قتال التنظيم ومسك الارض.

يبدو جليا مما ورد ان الزمن الاميركي لداعش لا يشبه الزمن التركي ولا السوري ولا العراقي، انها ازمنة لا تبدو متناغمة ولا يسند بعضها بعضا وان بدا الجميع راقصين في في حلقة النار نفسها.


طاهر علوان