ذكر تقرير بريطاني أن الأردن يستعد للإعلان عن إقامة منطقة عازلة جنوب سوريا، يمكن أن يتلوها، ووفقا للتطورات الميدانية، إعلان ثان عن منطقة عسكرية ممنوعة عن الجيش السوري في مساحة أكثر عمقا داخل الأراضي السورية.

وقال التقرير الذي نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إن الأردن اصبح موقنا ان المنطقة العازلة أصبحت أمرا مفروضا عليه أمام المخاطر الجدية التي تتهدد أمنه القومي واستقراره الهش بالفعل، مع وقوعه بجوار سوريا والعراق، البلدين شبه الفاشلين أمنيا بسبب عدم قدرتهما على السيطرة على مناطق واسعة من اراضيهما.

وأضاف التقرير أن الأردن لم يعد مخيرا بين إنشاء المنطقة العازلة جنوب سوريا وعدمه، مع تزايد المؤشرات على قرب سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الأراضي السورية المتاخمة لحدود المملكة الشمالية.

ويقول محللون إن استيطان التنظيم الإرهابي على الحدود الأردنية سوف يغريه بنقل معركته الى عمق الأراضي الأردنية في مسعى شديدة الخطورة لتوسيع الأراضي التي يسيطر عليها فعليا في سوريا والعراق، وهو توسع قد يمكنه من استيعاب أي ضربة قد يتلاقاها لاحقا بطرده من من المناطق التي يسيطر عليها في العراق.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن عدد من المطلعين على الخطط الأردنية لإقامة المنطقة العازلة، قولهم إن الهدف الرئيسي من العملية هو "إقامة منطقة آمنة على الحدود الأردنية مع سوريا، والتي تمتد إلى الحدود الجنوبية لمحافظتي درعا والسويداء في الجنوب السوري بما في ذلك مدينة درعا (مهد اندلاع الاحتجاجات السورية في 2011)".

ويؤكد التقرير البريطاني أن الخطة يدعمها أعضاء رئيسون في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية لم يسمهم، ويتوقع أن يقدموا دعما ومشورة عسكرية للأردن بشكل غير مباشر.

وتشير مصادر استخباراتية إقليمية وغربية إلى أن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أصبحوا الآن قريبين بشكل مزعج من الأردن من جهة حدوده مع سوريا، وإلى أنهم يقومون بتحريك قوافل عسكرية كبيرة في المنطقة.

وتذهب معلومات مستقاة من مصادر خليجية مطلعة في اتجاه تأكيد المعطيات الواردة في تقرير الصحيفة البريطانية، مع إضافة معطيات أخرى عن الدور الأميركي في هذه الخطط الأردنية لدرء اي خطر طارئ يمكن أن يأتي من الصراع السوري المحتدم منذ اربع سنوات.

وذكرت المصادر أن مقر السفارة الأميركية في عمان سيشهد قريبا اجتماعات أمنية وفنية، لم يكشف النقاب بعد عن الدول التي ستشارك فيها، لبحث تطورات الأوضاع على الحدود الأردنية السورية وتوسع المساحة الجغرافية التي بات تنظيم "الدولة الاسلامية" يسيطر عليها، مؤكدة أن هذه الاجتماعات هي التي ستفتح الطريق واسعا أمام إقامة المنطقة العازلة.

وقالت مصادر أردنية إن رئيس الوزراء الاردني عبدالله النسور كشف جانبا من نوايا الأردن لإقامة المنطقة العازلة جنوب سوريا عندما تحدث عن احتمال إعلان شمال الأردن الذي يستقبل الملايين من اللاجئين السوريين، منطقة منكوبة وهو الإعلان الذي لن يكون إلا بموجب قرار لمجلس الأمن الدولي.

وعمليا، فإن موافقة مجلس الأمن الدولي على إصدار قرار يعتبر شمال الأردن منطقة منكوبة، ستوفر بموجب القانون الدولي الأرضية "لشرعنة" أي توغل أمني أو عسكري أردني في داخل المنطقة العازلة لدوافع إنسانية.

وتنقل الصحيفة البريطانية عن مصادر مطلعة قولها إن الأردن يفكر أيضا في منطقة عسكرية إلى الشمال من المنطقة العازلة لحمايتها ضد أي تهديد مباشر لقوات الأسد.

والسيناريو المرجح بقوة في هذه الحالة أن يتم استغلال هذه المنطقة العسكرية لاحتضان مقاتلي المعارضة في الألوية الجنوبية، معززين بلواء من قوات يقال انها تتدرب حاليا في الأردن، على أن تقدم لها القوات الأردنية الدعم اللازم في حال تعرضت إلى لي خطر من تنظيم الدولة الاسلامية أو من قوات الاسد.

ويقول مراقبون إن موافقة مجلس الامن على تصنيف شمال الأردن منطقة منكوبة بتدفق اللاجئين سيعزز القناعة أكثر بأن الأردن يملك حقوقا في المساحة الجغرافية الخاصة بحوض محافظة درعا لحماية حدوده ومواطنيه وحماية اللاجئين.

ويقدر وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أن يدعم المجتمع الدولي موقف بلاده الساعي إلى إقامة منطقة عازله في عمق الأراضي السورية المتاخمة لشمال الأردن وذلك انطلاقا من النصوص الدولية القانونية التي "تتيح للدول الأعضاء في المجتمع الدولي اتخاذ تدابير أمنية مناسبة لحماية أمنها الوطني في مناطق النزاع الحدودي التي لا تسيطر عليها دولة جارة".

ونقلت "فايننشال تايمز" عن دبلوماسيين يعملون في عمان قولهم إن عمان وحلفاءها الدوليين حريصون على تجنب حصول إدلب أخرى شمال الأردن، في إشارة إلى انسحاب قوات الأسد منها في آذار/مارس، واستغلال تنظيم الدولة الإسلامية لهذا الانسحاب المفاجئ لتشكيل وجود قوي له هناك.

وتقول مصادر مطلعة إن قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد تقع تحت الضغط في مدينة درعا مرجحة انسحاب هذه القوات في الأيام القادمة، خوف من أن تتم محاصرتها من من قوات المعارضة السورية أو تنظيم الدولة الإسلامية عبر قطع خط الإمداد الضيق الذي يربطها مع دمشق.

ويقول مراقبون إن الأردن يعتبر أن سيناريو إنشاء منطقة عازلة وأخرى عسكرية للتعاطي مع الوضع على حدوده الشمالية مع سوريا هو الحل الوسط بين ألا يتحرك مطلقا ضد الأخطار التي تواجهه في دولتي الجوار وبين أن يفتح جبهتين للتدخل في سوريا والعراق في آن واحد، وهو تدخل يتطلب قدرات مادية وعسكرية تفوق قدرات الممكلة الأردنية بكثير.

ويضيف هؤلاء المراقبون أن عمان قررت التعامل مع الملفين السوري والعراقي بشكل منفصل، وأنها اعطت الأولوية للملف السوري لا سيما وأن بغداد تستعد من ناحيتها لإعلان الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية في الأنبار بما يجعل الهواجس الأردنية من جهة حدودها مع العراق اقل حدة منها على حدودها مع سوريا.