كل سالب للحق قامِعٌ للمُعبِّرِ مُصادِرٌ للرأي ذاتَ صباحٍ سعيدٍ ..... مُتعرِّضٌ لا مَحَالةَ ذات مساءٍ لنفس السّلب ولذاتِ القمْع ولنفس المُصادرةِ ولو كان بعيد .... وبناء عليه: فعندما تهيج الانفعالات، وتسقط المُتسرِّعات والمُعمِّمات والمُسْتسهلات لرِفْعة الرَّفيع ولكبر الكبير ولسمو السامي وما قرَنه أبو الوليد بن رشد وإيمانويل كانط ـ لمن يعرفهما ويستوعبهما دون انتقائية هجينة ـ بإنسانية الإنسان وبنبل الجمال ,,, الجمال الذي لا يُدرك إلا بالترفُّع عن اليومي وخنوعه للضرورات المشتركة، الجمال الآتٍ من صدقه ومن شدة وقْعِ الحقيقة على الشقيِّ الوعي من هوْل مساسها بالأنا المُستأنسة بوهمية صورتها عن ذاتها، وهمًا مُتسرِّبً كالسُّم من ركوبٍ على ماتدَّعيه ضوءً ولا تقترفه بندمٍ ظلاماً، فيتولد عنه تقريعُ لومٍ معذبٍ يُترجم عنفا في مُقاومةِ كل مايُعرِّي عن معاناةِ أنًا فردية أو جماعية في طريقها للتغير للخروج من مُتكلسٍ مَألوفٍ مُتغلغل .... هو جماهيريًّا ثورٌ - لاكوريدا - أعمى وأقرع من شعرِ تفكيرٍ وتأنٍّ وتمييزٍ للدَّائِمِ الذي ينقلبُ كل اختراقٍ له على المُسِيء ليذهب بالمشترك أدراج الرياح فيأكل الأخضر واليابس ويأتي حرقا على اخضرار نَعِمَ وينْعمُ به الجميع كتاجِ الأصحاء الذي لا يُرى ورحم الله معلمنا جميعا بوكماخ مرة أخرى.

وعليه إذن فلن أقول بالتفصيل والتحليل والحجة والدليل البصري والفكري الفني، لن أقول ما كتبته إنصافا للخبز « الحافي" وقد وقفت أخيرا على فُرنه ووصْلته وفرناتْشِيه، ورأيت درجة طَهوه وجُرعة مِلحه بل وحتى "اعوجاج" استدارته، والأهم جِدَّة "ومرارة" مذاقه المعروفة المألوفة، أما إبداعيا فقد وقفت ذاتيا وبكل ما أحمل من "خبرة" حكيٍ وكتابة ونقد وقراءة بل وقسوة تفكيك، هي كلها متواضعة لذاتيتها ولكنها عنيدة دون نرجسية أو ادعاء أو على الأقل وإن كان ضروريا من النرجسية في معقوليتها ففي واضحة النهار، وقفت إذن على انسجام أسلوبٍ ومقاربةٍ واختياراتٍ من الصعب « هضمها » تقبُّلا وإدراكا لأنها مُختلفةٌ تماما، لكنها متكاملةٌ على كل المستويات بقسْوةِ "عُريها" إلى حد أن الامساك بها وَهْمٌ ما لم تكن الذات مُتخلِّصةً من كل ما ورد أعلاه.

وعليه إذن، مرة أخرى، وانطلاقا مما سبق كاملا على نقصه الأكيد، وبعد تجربةٍ مريرةٍ في الدفاع عن مبدأ وليس عن شخص أو عمل أو اختيار، وبعيدا عن الخلط بين العمل وصاحبته أو صاحبه وبين تاريخه وممتلكاته أو قبيلته أو لونه أو أو أو، وخاصة في الفن والعلم والفكر - مثل ذلك فرويد الصهيوني أو إينشتاين اليهودي أو أو أو … - والجذبة في إقلاعها طافحةً بعنفٍ أسطوري وبمتزحلقين على أمواجها من كل الأعمار والتوجهات والمهن والاختيارات والايديولوجيات، قاسمهم المشترك في العمق حبٌ ومواطنةٌ تعاني ما تعانيه من انفصام ومفارقات، وينخرها تعايشٌ متنافر للوهم بالحقيقة، ولحب الوطن بتقريعه، ولأخلاقيات حسية بدهسها - راجلين وسائقين ومثقفين وأناساعاديين إلا من رحم ربك لكن غالبا « بطيبوبة » ودون قصد بل بالعادة دون العبادة - يوميا من خلال ممارسة للمواطنة تخترق سلوكيا على مدار الساعة أبسط قواعدها ومقوماتها، وبالنظر إلى سوق إعلامية غالبا ما يجترُّ منها كُثْرٌ أسْوء ما في هذه الجذبة مُعتبرين هوامش المجتمع - كل الأقليات وما يسمون بغير الأسوياء الذين يجلبون الفرح الممنوع والنشوة المعروضة للبيع والوهم الباهظ الثمن صحيا المفيد لصناعة لحظات راحة واستراحة من العنف والاقصاء والتهميش واللامبالاة بل والضرب المبرح بكل معانيه .... - معتبرين هوامش المجتمع إذن تتكون من "دُخلاء لا علاقة لهامش المجتمع النشيط والواسع بانتاجهم، بل وبصناعته وتفريخه للكثيرين ممن غدوا بالضرورة وحوشا آدمية ضارية لغةً وسلوكا ومُمارساتٍ "عاريةً" ومُستهترة، استهتارها غدى مع الوقت والجحود والنكران والاغتصاب والتعنيف والطرد والإلقاء في الشارع بسبب رومانسية حالمة تُلْقِي في المحظور على ذمة مُستغلين وقحين مجرمين انتهازيين لبراءات قاصرة سنا أو قدرة على الإعالة …… غذى ممارساتٍ تُستعمل تعويضا كأسلحة لارتياد الطريق المتعرج الوعر، الطريق الذي فُرض فرضًا عليهم وعليهن كثيرَ أحيانٍ تحت حراسة المال السهل الفاحش، والسلطة المُتخفِّية عن المشروعية والبريئة منها، والتواطؤ ضُعفا وجُبنا للأكل من ما يُنتزع بالقوة من كائنات صنعها مجتمع بالقوة .... ثم الجلوس في الصالونات أو في المقاهي بل حتى الحانات لادانة من يرغب الجميع ويستتر في محاولاته نيل بعض من متعة هذا العري المقدس المدنس بين ليل "فاجر" ونهار "طاهر".

لن أقول « الكلام » كما يقول « الملاحنية من أرفود إلى مكناس إذن بالتحليل وبالتفكيك المباشر و « العاري » اسمحوا لي .... فإني أصبحت أخاف « العُري » ولو كان من أجل الوطن، فوطني يمر بمرحلة صراع ومعالجة علنية له، وإقرار « تعريةٍ » للوهم … وهم التخلف والتستر والتوهيم بالكساء الشامل لجسده الشاب الغض القوي المتوجه نحو المستقبل، تعريةٌ هي في حد ذاتها تطهير - دون طهرانية » لتردده ولمقاوماته العنيفة التي يبدو أنها تشبه من يرفض ما يرغب فيه، ما يرغب فيه لذيذا مُستريحا ومُريحا من عُقَدٍ ومن مُضاعفاتِ الكذب والوهم والتوهيم والتغليف والتطويع … فيقسو على نفسه قبل أن يخرج من عنق زجاجة الوهم نحو فضاء الحقيقة « العارية » الفسيح .......

 

إدريس القري