انطلقت الأحد على الساعة 12:00 بتوقيت غ، أي الساعة 13:00 بتوقيت تونس، بساحة باب سعدون بتونس العاصمة مسيرة حاشدة مناهضة للإرهاب بمشاركة عدد من قادة دول عربية وأجنبية وذلك للتنديد بهجوم باردو الإرهابي الذي جد الأربعاء 18 مارس/اذار والذي أودى بحياة 22 شخصا من بينهم 21 سائحا أجنبيا وتزامنت المسيرة مع إعلان وزارة الداخلية التونسية على مقتل تسعة إرهابيين من بينهم لقمان ابوصخر قائد كتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والتي اتهمتها تونس بالمسؤولية عن الهجوم على متحف باردو.

وتوافد منذ ساعات الصباح الأولى المئات من المواطنين على ساحة باب سعدون يمثلون مختلف فئات المجتمع التونسي ومختلف الشرائح العمرية كما توافدت عائلات بأكملها مرفوقة بأطفال لا تتجاوز أعمارهم خمس سنوات تأكيدا من التونسيين على أن الإرهاب بات يهدد مستقبل أبنائهم.

ويشارك في المسيرة عدد من قادة الدول العربية والأجنبية من بينهم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس البولوني برنيسلاوكي كوموروفيشكي ورئيس الغابون ورئيس وزراء الجزائر عبدالملك سلال ورئيس وزراء بلجيكا شارب ميشال ونائب رئيس الوزراء البحيرني الشيخ خالد بن عبدالله ال خليفة ورئيس الوزراء الليبي عبدالله الثني ورئيس الوزراء الايطالي ما تيو رينزي وزير الثقافة الإماراتي الشيخ نهيان بن مبارك ال نهيان ووفد وفد من الكونغرس الأميركي.

كما يشارك في المسيرة ممثلون عن هيئات إقليمية ودولية من بينهم رئيس منظمة السياحة العالمية وسفير منظمة التعاون الإسلامي سلمان الشيخ

والمديرة العامة لليونيسكو ارينا بوكوفا ورئيسة اللجنة الاولمبية الدولية نوال المتوكل، هذا إضافة إلى مشاركة رؤساء البعثات الدبلوماسية للدول المعتمدون بتونس.

 

وشهدت تونس العاصمة تعزيزات أمنية مشددة خاصة في محيط ساحة باب سعدون والطريق المؤدية لمتحف باردو وتركيز نقاط تفتيش أمنية، فيما قام وزير الداخلية ناجم الغرسلي بجولة تفقدية للمكان رفقة عدد من القيادات الأمنية.

وقالت لجنة تنظيم المسيرة أنها إتخدت كافة الإجراءات الضرورية لتأمين الخط الرابط بين ساحة باب سعدون والبرلمان كما تم تركيز حوالي 10 نقاط إسعاف قارة على شكل خيام وتوفير أكثر من 20 سيارة إسعاف ستعمل على تأمين المسلك والاستعداد للتدخل في حال تسجيل أي حادثة.

ورفع المتظاهرون العلم الوطني رمز الدولة المدنية وعنوان الكيان الوطني التونسي ما بدا مؤشرا قويا على أن التونسيين يرفضون أن ترفع على أرض تونس أي راية أخرى وفي مقدمتها الراية السوداء للجماعات الجهادية.

وهتف أكثر من 15 ألف متظاهر بشعارات مناهضة للإرهاب منها "تحيا تونس" و"تونس حرة والإرهاب على بره" و"لا للإرهاب" و"حدة وطنية ضد الإرهاب"، فيما رفع عدد من المتظاهرين الآخرين من الأطفال والنساء والرجال لافتات كتب عليها "الإرهاب خطر تونس الديمقراطية" و"كل التونسيين صفا واحدا ضد الإرهاب" و"لا مكان للإرهابيين وللإرهاب في تونس".

وتشهد المسيرة مشاركة نسائية مكثفة من كافة شرائح المجتمع بما فيها نساء متقدمات في السن إلتحفن العلم الوطني وهم يرددن "لا عاش في تونس من خانها".

ورفع المتظاهرون صورا لعدد من الجنود والأمنيين الدين استشهدوا حلال هجمات نفذتها المجموعات الإرهابية، كما رفعوا صورتي الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي الذين تم اغتيالهم من قبل الجماعات المتشددة.

وقطع التلفزيون الحكومي برامجه لينقل مباشرة المسيرة وخصص برامج حوارية شارك فيها سياسيون وخبراء وإعلاميون شددوا خلالها على أن "نجاح المسيرة يؤكد وعيا دوليا بأن ظاهرة الإرهاب لا تمثل خطرا على تونس فقط ، وإنما تمثل خطرا على العالم باعتبار ارتباط الإرهاب بشبكات دولية".

وقالت القيادية في حزب نداء تونس سلمى بكار "إن الإرهاب لا يهدد تونس فقط ولا البلدان العربية فقط، وإنما يهدد العالم بأسره ويمثل خطرا على الإنسانية".

الجبهة الشعبية ترفض المشاركة

وتشارك في المسيرة منظمات المجتمع المدني وأحزاب سياسية باستثناء الائتلاف الحزبي اليساري "الجبهة الشعبية" التي وصفت المسيرة بـ"مسيرة النفاق" على خلفية مشاركة حركة النهضة التي تحملها مسؤولية انتشار الإرهاب في تونس والتواطؤ مع الإرهابيين وأيضا على خلفية مشاركة السفير الأميركي حيث يرى اليسار التونسي أن واشنطن "تدعم الجماعات الإرهابية ماديا وسياسيا ولوجستيا في العراق وسوريا".

وقال القيادي بالجبهة الشعبية محمد جمور أن "الجبهة الشعبية لن تسير جنبا إلى جنب مع كل من تورط في الإرهاب في تونس، وأنها ترفض أن تكون في صف واحد مع كل من تحمل مسؤولية أخلاقية أو سياسية في تنامي ظاهرة الإرهاب في تونس سواء من أطراف الترويكا الرافضين حتى الآن الاعتراف بمسؤولياتهم وتقديم نقدهم الذاتي لفترة حكمهم أو الوقوف صفا واحدا مع قادة فرنسا التي كانت مسؤولة على ارتكاب مجازر في حق التونسيين قبل الاستقلال ولم تكلف نفسها عناء الاعتذار للشعب التونسي".

وأكد حمة الهمامي،الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية أن الجبهة لن تشارك في المسيرة واصفا إياها بـ "مسيرة النفاق" مشددا على أن الجبهة الشعبية لها تحفظ على بعض المشاركين في هذه المسيرة من ذلك أحزاب الترويكا بقيادة حركة النهضة باعتبار وأن "لها مسؤولية سياسية وأخلاقية في انتشار ظاهرة الإرهاب، فضلا عن مشاركة بعض الأطراف الخارجية المسؤولة عن تردي الأوضاع في ليبيا وسوريا والعراق"، في إشارة واضحة إلى مشاركة السفير الأمريكي بتونس جاكوب والس.

ويرى اليسار التونسي أن حركة النهضة تربطها علاقات مشبوهة بالتيار الجهادي، وخصوصا حين تولت السلطة ولا يتردد اليسار في اتهام النهضة بالوقوف وراء اغتيال المعارضين العلمانيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي المناهضين للإسلاميين عام 2013.

غير أن الإعلامي زياد الهاني اعتبر أن "المسيرة ضد الإرهاب هي رسالة من تونس إلى العالم ولكنها أيضا رسالة تضامن من العالم إلى تونس التي ما انفكت منذ ثلاث سنوات تكافح المجموعات الإرهابية في الجبال وفي الأرياف وفي القرى وفي المدن".

وحمل زياد الجماعات الإسلامية مسؤولية انتشار ظاهرة الإرهاب في تونس المعروفة باعتدالها وتسامحها مشددا على أن الجماعات الجهادية قويت شوكتها خلال فترة حكم حركة النهضة الإسلامي عامي 2012 و2013، وطالب النهضة بمصارحة الشعب التونسي حول حقيقة موقفها من الإرهاب وموقفها من الجماعات الجهادية.

وقالت لجنة تنظيم المسيرة أنه سيتم بمناسبة المسيرة تدشين نصبا تذكاريا بساحة متحف باردو يتضمن أسماء ضحايا الهجوم الإرهابي على باردو، على أن يتم فيما بعد عرضه بالمتحف ضمن باقي التحف الأثرية.

وتزامنت المسيرة مع إعلان وزارة الداخلية التونسية على مقتل تسعة إرهابيين من بينهم لقمان ابو صخر قائد كتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والتي اتهمتها تونس بالمسؤولية عن الهجوم على متحف باردو.